لا يَتحدّث الشّعب الجزائريّ إلّا عن قناة الوطن الجزائريّة؛ حقيقة إنّه نبأ فاجع ومشهد كارثيّ عاشتْه درارية حين قرّر والي العاصمة غلْق مقرّ القناة بداعي انتفاء التّرخيص؛ عِلمًا أنّ أكثر من 15 فضائيّة جزائريّة في الوطن جَنب الوطن تَنشط دون رخصة؛ وهي تَنتظر تفعيل القانون العضويّ رقم 12/5 المؤرّخ في 12 يناير 2012 م المتعلّق بالإعلام؛ رغم أنّ وزير الإعلام رفع –بصفته الوظيفيّة- دعوى قضائيّة ضدّ قناة الوطن الجزائريّة... فماذا حدث يا تُرى بين رفع الدّعوى وتشميع مقرّ القناة من طرف قوّات الأمن؟. يتساءل الجزائريّون عن سِرّ محاكمة منبر إعلاميّ ذنبه أنّه وليد ظرف استثنائيّ يمرّ به القِطاع حيث تُراد هيكلته وَفق قانون الإعلام الجديد، وفي انتظار إكمال تشكيل "سُلطة ضبط السّمعيّ البصريّ" المكلّفة بتنظيم القِطاع -كما قيل- نَرى أنّ الإطار التّشريعيّ ضمان لعمل الفضائيّات الخاصّة بصفتها قنوات جزائريّة وليست قنوات أجنبيّة لها مكاتب في الجزائر؛ وإنْ كان القانون ذاته يحتاج تعديلاتٍ كي يَصير أكثر ملاءمة وسعة ومرونة ومنفعة. هل كُتب على مهنة المتاعب متاعب أُخرى؛ وهو قمّة النّضال الصّحفيّ والإعلاميّ؟ هل هذا مصير الإعلام الرّاشد؟ إعلام الإصلاح والبِناء والتّنمية؛ إعلام حبّ الوطن وحبّ الإسلام وحبّ اللّسان العربيّ والأمازيغيّ؛ إعلام الصّفاء والوفاء والحياء؛ إعلام العقل والعمل والهدوء... باختصار الوطن قناة الأُسرة؛ قناة المجتمع؛ قناة الفضيلة؛ وبيقين أقول: إنّ قناة الوطن جَمال الإعلام الجزائريّ؛ وبصمات الوطن تَخدم الوطن؛ وهي تَشتغل على إنشاء جيل وطنيّ يَعشق الجزائر ويَخدمها بصدق ووفاء. إنّ قناة الوطن الجزائريّة منبر إعلاميّ أنجبتْه ثُلّة من المجتهدين وهو فخر للوطن البلد وللوطن القناة؛ من أهدافه خِدمة المجتمع والدّولة في آنٍ؛ وهو ما نلحظه عن كثب في برنامجها المسّطر والمعلن؛ وأنّ محور نضال هذا المنبر الفتيّ –قرابة سنتيْن- هو إسعاد الجزائريّين تحت شعار "متعة المُشاهدَة وقمّة التّميّز". في الوطن –هذه الأيّام- لا حديث إلّا عن الوطن؛ وهذا ما يُشير إلى أنّ مُشاهدي القناة تأثّروا أيّما تأثير بهذا الغلق؛ فهي فسحة أمل لشرائح عريضة من الجزائريّين الّذين يبحثون عن مضامين بنّاءة للنّفوس والعقول؛ يَكفي مالك القناة فخرًا أنّه فضّل فتح مكتب لها في الجزائر على فتح القناة خارج الوطن؛ يُريد معايشة المجتمع وملامسة أحلامه في المجالات كافّة وهو يَراه واجبًا عليه.
ممّا لا ريب فيه أنّ محاكمة الوطن في الوطن هو تَقهقر إعلاميّ يُحسَب ضدّ الوطن البلد لأنّ الأصل فتح قنوات إعلاميّة وليس غلقها؛ لا يُعقل إطلاقًا أن تُحاكَم الوطن على أثقال يَحملها الآخرون.
إنّ أيّ مُشاهِد لقناة الوطن يُدافع عن الوطن لأنّ خطّها الافتتاحيّ لا يَخدش أيّ حياء؛ ولا يَظلم أيّ صاحب رأي؛ ولا يَطمع في أيّ مقابل مادّيّ كما قال مديرها العامّ المُسالِم: "قناة الوطن الجزائريّة وَقْفٌ للّه". قبْل أن يُصدِر القاضي حُكمه في قضيّة قناة الوطن؛ أرجو أن يُجيب عن مصير 170 موظّفًا في القناة؟ وما مصير أُسرهم؟ وما مصير جُهود أُعدّتْ فيها برامج؟ وما مصير أوقات شخصيّات جزائريّة أُستهلكتْ في حوارات مسجّلة؟ وما مصير أموال صُرفتْ؟ كرمًا لا أمرًا؛ وبهدوء أقول: اتركوا قناة الفضيلة تَهدي فهي أهدأ؛ اتركوا الوطن تَخدم الوطن فهي أقدر على ذلك وأجدر. أرجو أن لا تكون محاكمة قناة الوطن ضحيّة رشدها وجِدّيّتها ونزاهتها وواقعيّتها وشفافيّتها؛ وضحيّة رسائلها التّربويّة التثقيفيّة التّتويريّة؛ وضحيّة مُناصرتها لقضيّة فلسطين وللشّعوب المستضعفة والمقهورة بعد ربيع مغتال.
لا يَليق إكراه أهل الإعلام والصّحافة فهو مَدعاة للنّضال من أجل الحقوق والحرّيّات؛ أبدو متفائلًا لأنّ في الجزائر قضاة شرفاء يُجيدون فرز السّمين من الغثّ ويَنصُرون الحقّ في أبهى صوره عبر محراب العدالة؛ نَعرف المقولة: "لئن يُخطئ القاضي في العفو خير من أن يُخطئ في العقوبة"؛ نَنتظر بشغف إصدار حُكم البراءة في حقّ قناة الوطن لأنّها بريئة براءة الذّئب من دم يوسف؛ وتَعود لخِدمة الوطن وهي مَهمّتها أمسٍ واليومَ وغدًا.