يوم قال الغبي "فهمتكم" اليوم 13 جانفي كان الخطاب الأخير قبل الهروب الكبير.. اليوم كان خطاب الذل والخنوع لجبار على الضعفاء خوار أمام لحمة الشعب ووحدته.. اليوم كان خطاب الفهم الغبي.. الفهم الذي تأخر 23 عاما.. اليوم كان خطاب "أنا فهمتكم" وفي الليلة الفاصلة بين 13 و14 كانت المحاولة الأخيرة للخديعة خرجت شُعب الفساد تشيع فرحا زائفا ب"أنا فهمتكم" تقرع الطبول وتطلق صفارات السيارات المبحوحة.. ولكنها خابت ورأينا وجوها إعلامية وسياسية دافعت عن المخلوع إلى آخر رمق خوفونا من الفراغ ومن المجهول خوفونا من السواد الحالك الذي يعقب سقوط "دولة الفساد" لكن الشعب لم يخف.. وقلبه لم يرتجف من المجهول وبعد بلاء سيدي بوزيد وتضحيات القصرين العظيمة ونزول صفاقس بثقلها وبعد أن عمت المظاهرات سائر أرجاء البلاد وبعد أن سال الدم غزيرا في الشوارع والساحات كان اليوم الأخير للطاغية.. تجلى شارع بورقيبة عروسا وقد كُسرت فيه آخر أغلال القهر وانتقل الخوف إلى معسكر الطغيان.. وفر الطاغية أخيرا لا يلوي على شيء لكن جثة الفساد وبقايا الطغيان بقيت ثاوية بيننا.. كانت تعيش على انقسامات نخبتنا وتأكل من لحم وجوهها ورويدا رويدا رأينا أبطال ليلة 13/14 يعودون للمشهد بوقاحة عالية سياسيون فاسدون يغذون إعلاميين حاقدين.. حتى عدنا إلى قريب من مربع البداية تبقى الحرية كنزنا العظيم الباقي من ملحمة الشعب العظيمة تبقى الحرية التي انتزعناها بالدم أملنا في تغيير ما بنا نحو الأفضل