مؤسف جداً ما حدث ويحدث في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من خصومة انحطّت بحزب عريق في النّضال والثّورة إلى قاع التّنابز والتّخوين والرّداءة. آثرت الصمت والسعي الدؤوب لتطويق الخلاف وتجنب الفضيحة وحاولت جاهدا إصلاح ذات البين وإيجاد تسوية نخرج بها، جميعا، منتصرين اذ ليس الخلاف داخل الاحزاب والجماعات بالنشاز بل هو أمر طبيعي يحدث في أكثرها وحدة وانسجاما ... غير الطبيعي هو أن تعجز تلك الاحزاب والجماعات عن إيجاد حلول وتسويات وتوافقات وترضيات تنأى بها عن الخصومة والعراك. يُدرك الأخوان عبد الوهاب معطر وسمير بن عمر حجم الضرر الذي يتسببان فيه، تشويها وتحقيرا، لحزب المؤتمر ورفاقهما في النضال التاريخي من الأعضاء المؤسسين ولكنهما ربما لا يدركان أن الأذى يطالهما رأساً لأن شرف العائلة الواحدة كل لا يتجزّأ ! ليس لموقفهما اليوم أي مصداقية لدى المراقبين النّزهاء، ولدى شريحة واسعة من مناضلي الحزب وأنصاره، الذين لا يرون في سلوكهما انقاذا للحزب بل انتصارا للذات وثأرا بدائيا من عملية إقصاء مورست في حقهما. وصفهما ما تم من طرفنا من محاولة للتوسيع في اتجاه الحراك بمحاولة الاغتيال لحزب المؤتمر تجن واعتداء لا يليقان بمن يُفترض فيه، بالمهنة والتاريخ، إحقاق الحقّ وردّ العدوان. إن خيار الاندماج والتوسيع في إطار جديد، يقوده المرزوقي، كان نتيجة مخاض تشاوري فضّل الأخوان عبد الوهاب وسمير مقاطعته بدل المشاركة فيه والعمل على الإقناع بغيره من الأطروحات ثم الالتزام بقرار الأغلبية كما يحدث في الأحزاب الديمقراطية حقّا ... أما عن تعليلهما المقاطعة بوجود مجموعة متنفّذة تقرّر للحزب ولأمينه العام وللرّئيس فهو أيضاً أمر طبيعي تكون مواجهته بالحضور والإقناع لا بغياب فتشهير ! أذكّر الأخوين الغاضبين بأن عقيدة حزب المؤتمر، في التأسيس والمسار، ترى في الحزب مجرد رافعة هيكلية ووظيفية لمشروع وطني وثوري فلا جدوى من جعله هيكلاً مقدسا نكتفي بالتباكى على حائطه ! أعترف لكما بأن ما تم في حقكما من إقصاء وتهميش لم يكن عملا أخلاقيا يليق بنضالكما ضد الاستبداد والثورة المضادة من بعده ولكنه ليس مبررا اطلاقا لما تقومان به اليوم من أعمال استعراضية ترتقي الى درجة العبث. هدم البيت على من فيه هو عمل انتحاري وليس بطولة ... البطولة الحقيقية هي رديف التضحية والشهادة التي تعني في جوهرها أن يضحي الانسان بنفسه من أجل قضية نبيلة ... انه الانتصار المبدئي للقيم والمبادىء واحتساب ظلم ذوي القربى رصيدا أخلاقيا في حساب الوطنية الصادقة ودرسا عمليا من دروس الإيثار والتعالي والحكمة ونكران الذات. "إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله"