تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‫ التحالف الأسود.. تقاطع المصالح بين ‫ واشنطن و ‫ طهران
نشر في الحوار نت يوم 14 - 06 - 2016

لعلّه من نافلة القول أن نتحدّث عن طهران وواشنطن كلاعبين استراتيجيين في تلك الرقعة الجغراسياسية التي سمّاها "‫ تاير ماهان"منذ عام 1902 ب"‫ الشرق الأوسط"، فكلاهما يملك أجندته الإقليمية الخاصة ويعمل على تنفيذها بما تيسّر له من وسائل، لكنّ ذلك يجب ألا يحجب عنّا التقاءهما في الهلال الخصيب وخصوصا في العراق بما هي نقطة ارتكاز جيواستراتيجي باصطلاح”‫ رقعة الشطرنج الكبرى”لبريجنسكي،فالهلال الشيعي الذي عبّر الملك الأردنى عبد الله الثاني عن مخاوفه منه عام 2004 قد تحقق بعدُ بوصول جواد المالكي إلى السلطة في بغداد ،بل تحقق ماهو أبعد من “التثليث الشيعي”بسقوط صنعاء في يد الحوثيين وقد وقفنا على تهاون الأمريكان مع حدث جلل كالذي وقع هناك حيث اكتفت واشنطن بإطلاق دعوات نمطيّة إلى استرداد الشرعية وهو ما يشي بوجود”تقاسم مغانم”بينها وبين طهران ،حيث يتمّ إيرانيًّا التضييق على السعودية والاقتراب من مضيق مهم تمر منه معظم الصادرات النفطية الخليجيّة[مضيق باب المندب] ،فيما تحقّق واشنطن تقدما ملموسا على عدة أصعدة من بينها الملف السوري وتأمين مسار تنفيذ ‫ الاتفاق النووي النهائيمع طهران واحتواء خطر ‫ الجماعات السنية “المتطرّفة” في بلد يتركّز فيه تنظيم القاعدة بشكل فاقع حتى غدا ذريعة مثالية للحوثيين حتى يبسطوا نفوذهم ويسعدوا باليمن “السعيد”كما سُعد حزب الله بلبنان ، دون أن نذهل بطبيعة الحال عن المساهمة الإيرانية في تنشيط ‫ سوق الأسلحة في الولايات المتحدة حيث تساهم لوبيات السلاح في رسم سياستها الخارجية ، وحسبنا أن نشير في هذا السياق إلى أنّ أضخم صفقات الأسلحة أُبرمت مع دول الخليج العربي وتأتي قطر والسعودية والإمارات والعراق على رأس قائمة دول الشرق الأوسط المستوردة للسلاح الأمريكي تحت عنوانيْن كبيرين :تنظيم الدولة الإسلامية وإيران ، فالدوحة التي تصدّرت القائمة عام 2014 عقدت صفقة قيمتها 11 مليار دولار فى شهر جويلية 2014 استوردت بموجبها 10 بطاريات صواريخ باتريوت من الإنتاج الأمريكى إضافة إلى 24 مروحية مقاتلة من طراز أباتشى و500 قذيفة مضادة للدبابات طراز “جافلين”، وشكّلت “عاصفة الحزم” مناسبة مثالية لبيع الأسلحة ، وأحيلكم هنا على ما قاله نائب وزير الخارجية الأمريكي “‫ أنتوني بلينكين”[يوم 07 أفريل 2015] عندما أشار من الرياض إلى أنّ بلاده [سارعت] إلى تقديم إمدادات عسكرية لدول التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن !!.. وحين نتحدّث عن سقوط الضلع اليمني والمربع الإيراني في المنطقة العربية فليس ذلك من قبيل الكلام المرسل أو الحذلقة الكلامية،فقد صرّح مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني ‫ علي رضا زاكاني بأن العاصمة اليمنيّة صنعاء صارت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد بغداد ودمشق وبيروت ،بقي أن ألفت نظركم إلى أنّ المسؤول الإيراني المقرب من المرشد علي خامنئي قد أصدع بهذا الكلام قبل سقوط القصر الرئاسي في صنعاء !.. غير أنّ مشروع التشييع أو تعزيز المد الشيعي لم يتحقق بعد ولن يتحقق دون العراق الركن الركين من منظومة الأمن القومي الخليجي فضلا عن رمزيته الإسلامية التاريخية، لذلك رأينا تنسيقا إيرانيا أمريكيا من أعلى مستوى في هذا البلد بعد سقوط بغداد عام 2003 حيث تمّ تغليب الوجود الشيعي على تركيبة الجيش”العراقي” الجديد كما تمّ سياسيا تعزيز دور شخصيات تدين بالولاء لطهران .. غنيّ عن البيان أنّ إيران ليست شيعية فقط هي أيضا فارسية وعندما نقول هي فارسية نعني بذلك بكل بساطة هي عدو على نحو ما للعرب لا للسنة فقط ،فنحن إزاء ‫ مدّ مزدوج بوجه شيعي وآخر فارسي!!..
السؤال المطروح هنا#كيف_ستستفيد_أمريكا_لو_تحقق_المشروع_الإيراني؟؟؟..بشكل مباشر لن تربح الكثير ..لكن إذا علمنا أنّ إيران ستقدّم تنازلات ذات علاقة بملفات مفصلية سنقف على حجم المكاسب التي يمكن أن تحققها واشنطن،دعونا نلق نظرة على كتاب:“‫ التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل و إيران و الولايات المتّحدة الأمريكية” للكاتب “‫ تريتا بارسي” أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “جون هوبكينز”لفهم المبنى وإدراك المعنى،يكشف هذا الكتاب المهم عن وثيقة سرية خطيرة أرسلها الإيرانيون للأمريكان بُعيد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وفيها تعرض طهران يد المساعدة للمساهمة في بناء ما يسمى:”الشرق الأوسط الجديد”،ونقرأ في الوثيقة السرية المماط عنها اللثام تنازلات رهيبة من الجانب الإيراني لخّصها‫ منتدى “اللجنة العالمية لنُصرة ‫ خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم”في النقاط التالية :
1- عرض إيران استخدام نفوذها في العراق ل (تحقيق الأمن و الاستقرار, إنشاء مؤسسات ديمقراطية, و حكومة غير دينية).
2- عرض إيران -شفافية كاملة-لتوفير الاطمئنان و التأكيد بأنّها لا تطوّر أسلحة دمار شامل، و الالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل و دون قيود. 3- عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة و الضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضدّ المدنيين الإسرائيليين داخل حدود إسرائيل العام 1967.
4- التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.
5- قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمّة بيروت عام 2002, أو ما يسمى “طرح الدولتين” و التي تنص على إقامة دولتين و القبول بعلاقات طبيعية و سلام مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل إلى ما بعد حدود 1967.
والمفاجأة الكبرى في هذا العرض كانت تتمثل باستعداد ‫ إيران الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة شرعية!!.. ويأتي تمدّد تنظيم “الدولة الإسلامية” في منطقة الهلال الخصيب كورقة ضغط جديدة تستخدمها واشنطن ضد طهران ليس من باب العداء بل من باب تحسين شروط التفاوض حول المكاسب المشتركة..طهران قد تجد نفسها في لحظة ما في وارد اختيار بين التخلي عن الأسد والاتفاق على بديل مقبول من الطرفين أو مواجهة جماعة سلفية شديدة التطرف والتسلّح قد تقرع أبوابها يوما م ،ومنذ سقوط الاتحاد السوفييتي بدأت الآلة الأمريكية تدور في ذلك الاتجاه عبر بذر بذور الفوضى التي سمّتها كوندوليزا رايس ذات يوم من عام 2005 ب“الخلاقة”أو “البناءة”،ولم تكن أمريكا تريد من إيران أكثر من مباركة رؤيتها الجديدة للشرق الأوسط ،فلم تكن تبغي القضاء على القوة الإيرانية بقدر ما كانت وماتزال تروم تطويع تلك القوة لمصلحتها ..
فعندما اندلعت ‫ الثورة الخمينيّة عام 1978 لقيَت دعما غربيا منقطع النظير لأسباب عديدة منها طبيعة المذهب الشيعي نفسه القائم على أدبيّات جاذبة للغرب على غرار المرجعيّة العليا التي تتيح للقوى الغربيّة التواصل مع جهة واحدة وتسيطر على الجماهير أو على قطاع واسع منها عبْرها وهو ما رأيناه مع الغزو الأمريكي للعراق عندما تمّ تدجين الشيعة من خلال فتاوي الانبطاح التي أطلقها المرجع الشيعي آية الله السيستاني، كذلك علينا ألا نغفل عن مسألة مفصلية وهي العداء الشيعي المزدوج للعرب ولأهل السنة والجماعة من منظور شيعي-صفوي ومن منظور فارسي ،ولا ننسى في هذا السياق أنّ قطاعا واسعا من هؤلاء سنة وعربا متمركز في فضاء جغرافي يُعدّ نقطة تركّز للمصالح الجيو-استراتيجيّة الغربيّة حيث الثروة والموقع ، بما يعني أننا بصدد “أعداء مشتركين”،وجاءت القمة الخليجية الأمريكية (كامب دايفد) الأخيرة لتعضد هذه الرؤية حيث لم يظفر الخليجيون بأي "ضمان" مكتوب من واشنطن !..
علاوة على ما تقدّم هناك مسألة مهمّة نرى ضرورة الإشارة إليها وهي تلك المتعلّقة بسعي الأمريكيين آنذاك إلى احتواء المد الثوري “الإسلامي”وقوْلبته بما يتماشى والمصلحة الغربية فضلا عن محاولة تسويق صورة الغرب المتصالح مع الشرق والصليب المتسامح مع الهلال، إضافة إلى رؤية -ثبت خطؤها- في ما بعد تدور حول ‫ امتصاص الزخم الإسلاموي واحتوائه في فترة اتّسمت ببوادر صعود للجماعات الجهادية ولاسيما في مصر من خلال بروز جماعة المسلمين [“التكفير والهجرة”] ،ربما نكون بهذا قد تعرّضنا إلى أهم أسباب إحجام إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر عن دعم الشاه في أواخر عام 1978 وانخراط أبرز وسائل الإعلام الغربيّة في تقديم الثوار الإسلاميين كمجموعة من “الديمقراطيين”المضطهدين يقودهم شيخ حكيم عانى من ضيْم المنافي وهو آية الله روح الله الخميني !..
في الحقيقة تتقاطع ‫ المصالح بشكل لافت بين الدولة الشيعية و#الولايات_المتحدة_الأمريكية وهذا التقاطع تعزّز وتكرّس بعد وفاة الخميني ، حتى أصبحت طهران فيما بعد ورقة مهمة في لعبة ‫ المقايضات الإقليميّةوشيئا فشيئا بدأ السياسيّ يطغى على الدينيّ في ظلّ تبلور نموذج "ولاية الفقيه" الشامل لجميع مناحي الحياة (ولاية عامة) ، وحتى سطوة رجال الدين على رجال السياسة هي في النهاية سطوة مسيّسة (بكسر الياء ونصبها) وليس أدلّ على ذلك من تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي ،فعندما يقول المرجع الإيراني الأعلى:"أنا أؤيّد تمديد المحادثات النووية "يمكننا القول إننا إزاء تحوّل مُذهل في الموقف لأنّ خامنئي كان دائم الإشارة إلى حُرمة التّراجع عن البرنامج النووي قيْد أُنمُلة !!..،ونحن هنا لسنا أمام إعمال لمبدأ"التقيّة"الشهير بقدر ما نقف على تعاط سياسي بامتياز ، ويكفي أن يكون المرشد صاحب الحلّ والربط في الملف النووي الايراني لنتأكّد من طغيان السياسة على الدين خاصة إذا علمنا أنّ الإمام الأكبر الخميني كان يُعارض أيّ مشروع نوويّ من منطلق دينيّ مبدئي ..
وكأنّ لسان حال الدوائر الاستخبارية الأمريكية وقتها استشعرت مع "بوكان"أنّ "الجمهورية الاسلامية في إيران ليست الا امتدادا للبهلوية التي ثارت عليها ولكن بعمامة وعباءة"، والاحتجاج بالدعم الأمريكي للعراق في حربها ضد غيران للقول لإثبات استهداف واشنطن للثورة الإيرانية ليس في طريقه لسبب بسيط وهو أنّ الولايات المتحدة دعمت طرفيْ النزاع في حرب الخليج الأولى (1) ،، والعدوان الثلاثيني على العراق بعد ذلك أكبر دليل على أنّ المستهدف الرئيس هو العراق خاصة أنّ غزوه للكويت جاء بإيحاء -أو استدراج أمريكي(2) ،، فالأمريكيون لم يسعوا إلى وأد الثورة الإيرانية لكنّهم عملوا على تقليم أظافرها بتوريطها في صراع إقليمي "مثمر" ، وحتى "مسرحية" أزمة الرهائن الشهيرة فقد ثبت في ما بعد أنّها كانت في سياق مؤامرة للإطاحة بكارتر نسج خيوطَها "وليم كيسي" مدير حملة "رونالد ريغن"(أصبح مديرا للسي ىي ايه في ما بعد) الذي اتّفق مع ممثلي حكومة إيران الثورة على إرجاء إطلاق سراح الرهائن إلى ما بعد الاستحقاق الانتخابي وكان ذلك في لقاء سري انعقد بمدريد(3)!!!..
في أواخر عام 2013 نشرت صحيفة” ‫ نيويورك تايمز”الأمريكية خريطة مستقبلية للشرق الأوسط الكبير تُظهر تفكك 5 دول عربية إلى 14 دويلة وهذه الدول هي المملكة العربية السعودية-اليمن-العراق-سوريا-ليبيا لتبقى إيران الدولة الكبرى الوحدية في الخليج محصّنة من ‫ التقسيم في ما يسميه الكاتب”‫ توفيق الحاج””‫ شرخ أوسخ جديد”، ربما (أو قطْعا) غياب ‫ الإرهاب على الأرض الإيرانية هو عرَض من أعراضه ..هذه الملاحظة جديرة بالوقوف عندها طويلا وعميقا !..
لاشكّ أنّ الجزء الأكبر من ‫ تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية هو تاريخ “مسرحي” إن صحّ التعبير حيث عمل الطرفان على مسرحة الصراع ومشهدة العداء،فعندما كانت الحناجر الإيرانية “المعمّمة” تصرخ وتلعن “الشيطان الأكبر” كانت الأسلحة الأمريكية تتدفق على طهران في فضيحة إيران كونترا الشهيرة أثناء الحرب مع العراق!..،وكلّما شنّ الكيان الصهيوني عدوانا على غزّة نرى حزب الله الذراع الإيرانية في المنطقة وحامل لواء المقاومة المزعومة لا يحرّك ساكنا ،لطيفا،متسامحا، من”الكاظمين الغيظ”!(4) :..؛لذلك لا نستغرب أن يقول السفاح ‫ شارون في مذكّراته:” لم أر في الشيعة أعداء لإسرائيل على المدى البعيد , عدونا الحقيقي هو المنظمات الإرهابية الفلسطينية”(5) ، بل إنّ الرئيس الإيراني ‫ حسن روحاني قد أقرّ مؤخّرا بأنّ عبارة”الموت لأمريكا”ليست إلا شعارا لا غير (6)، في تصديق لما جاء في كتاب “التحالف الغادر”الذي أشار إلى أنّ طهران ليست “#خصما_لاعقلانيا”يهوى رفع الشعارات الحماسية التجييشية وهو لا يستخدمها إلا لأهداف سياسية تمويهية!!!.. فإيران لا تفعل أكثر من تصوير العدوّ الصهيوني ككيان “مستضعف”تُحدق به الأخطار من كلّ جانب، وهذه صورة يُراد تسويقها لاستدرار عطف الرأي العام الغربي وتعبيد الطريق للحكومات الغربية التي تحرّكها عقدة الهولوكوست بقدر ما تحرّكها المصالح لكيْ ترسل “مساعداتها”من مال وسلاح فضلا عن “صرف”مواقف التأييد والدعم لآخر نظام عنصري استئصالي حلولي في العصر الحديث، فقد أكّد “بيرسي”في كتابه الشهير (المذكور آنفا) أنّ إطار الخلاف بين إسرائيل وإيران لا علاقة له بالإيديولوجيا بل هو مجرد صراع استراتيجي “قابل للحل ، وبالفعل ،لم تمنع ذروة الزخم الثوري “الإسلامي”الإيرانيين من إبرام صفقات عسكرية سرية مع الكيان الصهيوني أثناء حرب الخليج الأولى ، صفقات كشفتها فضيحة إيران كونترا ، ونرى اليوم بلاد الرافديْن الواقعة تحت الاحتلال الرافضي تتناثر على أرضها مكاتب "متابعة" (استخبارات) صهيونية مطلقة اليد تصول وتجول بتنسيق مع طهران ،، ثمّ ما الذي يجعل "الفرس" يدعمون القضية الفلسطينية بهذا الزخم المزعوم وهم يعتقدون أنّ المسجد الأقصى في السماء الرابعة على حدّ زعْم معظم غلماء الشيعة وعلى رأسهم "الكُليْني"في "الكافي" (7) ..
#صفوة_القول..رغم الإخراج المتقن لمسرحية العداء الأمريكي الإيراني المعلن إلا أنّ أداء الممثلين يبدو على قدر كبير من الابتذال والرداءة ليس لضعف في الموهبة بل لتعقّد الأدوار ..فشخصية”حيدرعبادي”مثلا مطالبة بأن تبدو عراقية بنكهة أمريكية إيرانية ،شيعية بنكهة سنية ،فارسية بنكهة عربية ،هذا "التمزّق"العلائقيّ بدا واضحا في معارك الفلوجة الاخيرة حيث نشر موقع "سكاي نيوز عربية" صور المعمّمين وهم في غرف العمليات جنبا إلى جنب مع قادة الحشد الشعبي دون أن نذهل عن تقدّم الميليشيات الشيعية بغطاء جوي أمريكي ، فلكل من طهران وواشنطن ثأر معلّق من مدينة قاومت الأمريكيين ببسالة قلّ نظيرها وكانت ومازالت "الشوكة الديموغرافية"لأهل السنّة في بلاد "مابين الناريْن" !..
#صابر_النفزاوي
#التحالف_الأسود
هوامش:
-------
(1) فضيحة #إيران_كونترا..
(2) نحيل على كتاب:"#بابل_المدنسة" لعادل درويش..
(3) نحيل على كتاب “#التحالف_الغادر")
(4) نحيل على مقالنا"#حقائق_يجب_أن_تعرفها_عن_حزب_الله !! "https://sabernefzaoui.wordpress.com/…/%D8%AD%D9%82%D8%A7%D…/..
(5) #مذكّرات_شارون – ترجمة أنطوان عبيد – ص 576 ..
(6) في #حوار مع برنامج “60 دقيقة”على قناة”سي بي آس”..
(7) نحيل كذلك على كتاب "#المسجد_الأقصى_أين؟!" للعاملي..
صابر النفزاوي – كاتب سياسي تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.