بأي أنملة أكتب عنك يا حبيبي وبأي أبجدية أرثيك وبأي مآقي أبكيك مازلت تحت تأثيرالصدمة هل ترجل الفارس المغوار الداعية الذي لا يشق له غبار محبوب الناس كلهم الشيخ العزيز ورفيق الدرب الأقرب محمد لسعد بوزيد؟ هل ترجلت حقا يا أملي في صحراء دبت فيها ذئاب جشعة تتدثر بأسمال البشر؟ ظل الأمل يدب في مع تحسن وضعك وفي فجر هذا اليوم نزل علي خبر موتك نزول الصاعقة بل الصاعقة أرحم الناس يعزونني بالهاتف من كل صوب وحدب ومنهم من لا أتبين من كلامه شيئا سوى البكاء والشهيق فارقتني دون سابق ميعاد ولا إنذار هل تمطر السماء بشهم كريم مثلك ؟ هل تنبت الأرض رجلا يشبهك خلقا وعطاء وهوانا ولينا وخفض جناح؟ لم أجد ما أخطه هنا سوى حزني وكل مصيبة كما يقولون تبدأ كبيرة ثم تصغر إلا مصيبة فقدك يا حبي عمرت ألمانيا كلها من جنوبها بميونيخ حتى شمالها ببرلين ببسماتك التي تهديها للناس عذبة مثل كلامك العذب وقد لا تشهد الأرض بعدك داعية بالسليقة لا يتعلم الدعوة ولا يعلمها ولكنه يصنعها ويهديها كنت البلبل الشادي في فرقة الزيتونة بميونيخ تحيي الأفراح وتطرد الهموم والأحزان على رفاق درب نكلت بهم ضروب الإستبداد أوتيت من كل شيئ كأنما ذرأت لتكون إماما في ثوب صديق لو أذكر كرمك وشهامتك هنا ومروءتك لن يصدق الناس كلامي. لم يطأ أحد منك ما وطأت والله. وطأت منك عيون الفؤاد يا فؤادي المكلوم وولجت مهجتك بدون إذن منك ولا مني. خبرتك وكشفتك ولو أحدث الناس بما رأيت مما لم ير غيري لجلدوني بتهمة القذف هذا يكفي إذ لم أكن أتصور أني أكتب فيك كلمة واحدة وأنت مسجى. بمثل ما ظل هاتفي يرن في هذا الصباح دون توقف من المعزين أزف أحر التعازي إلى الأخت جميلة زوجك وإلى فلذات أكبادك أسامة وصهيب وإلى الفتحي العيادي الذي أكرمه الله بأن يكون معك في لحظات الوداع إذ حرمت منك في الأسابيع المنصرمة إلا بمكالماتك الطويلة وإلى الكيلاني المسليني ومحسن الزمزمي وفخري . تلك دائرة معروفة ربما يجمعنا سبحانه في فراديس جنانه كما جمعنا في الدنيا. لو أسميت الذين بكوا وسيبكون من النساء والرجاء ما وفيت أحدا حقه والله. هاتفني الدكتور أحمد الخليفة وهو يبكي . لم أر في حياتي وأنا أدب إلى القبر دبا وقد سبقتني إليه مثلك شامة بين الناس سحرتهم بحبك سحرا لا قبل لنا به. لم أر في الدنيا رجلا بمثل خلقك. تلك شهادة الناس كلهم فيك. تعازي قبل ذلك كله إلى أمك الحنون الرؤوف وإلى محسن شقيقك وإلى أهل الحامة والتونسيين وإلى سامي الصيد مدير الزيتونة وأكيد أن مصيبته فيك كبيرة . ألم تكن عروس الزيتونة ثم الزيتونة هداية التي أنفقت عليها من دمك حتى لفظت آخر رمق فيك؟ هذا يكفي. لوعتي المشتعلة لا يطفئها خط ولا حديث. فقدتك وكفى. فارقتني وكفي. لا يحل لي سوى أن أختم بحمد الله سبحانه فهو الوحيد الذي لا يحمد على مكروه سواه. أجل هو قضى ونحن بقضائه راضون ولأمره مسلمين. لا يعزينا فيك سوى أنك بشهادة الناس كلهم رجل كأنما خلقت للجنة وهي التي أذن لها ربها بإستردادك فدنيانا لم تعد تسعك. لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون. الموت حق علينا مكتوب ولكن الغفلة تحدونا بحدائها. وسبحان الحي الذي لا يموت. يا رب زج به في أعلى فراديس الجنان وأجمعنا به وشفعه فينا فإنا لا نزكي عليك أحدا من خلقك عدا ما زكيت أنت أو زكى حبيبك محمد عليه السلام ولكننا نشهد أنه عبدك عاش للإسلام ولدعوة الإسلام شهما كريما ذا مروءة عزت في عصرنا. الحمد لله رب العالمين