كلما حلت مناسبة دينية أو عيد من أعياد المسلمين أو النصارى إلا ارتفع الجدل وتحوّل عوام َالناس قبل "علمائهم" إلى مفتين يحلّلون ويحرمون ويبدّعون ويفسقون ويكفرون يصنفون قوما من الفرقة الناجية وأقواما من الهالكين! دخول شهر رمضان وحلول عيد الفطر وأيام الحج وعيد الإضحى يرافقه في الأغلب الأعم جدال الرؤية في مواجهة الحساب الفلكي، واعتماد الحساب الفلكي هل يكون مطلقا أم في النفي دون الإثبات... ثم يعم الجدال وتنقسم المساجد والجمعيات الإسلامية في أوروبا ويدخل الخلاف البيت الواحد حتى يطال الأسرة الواحدة والبيت الواحد والزوج وزوجه! أما الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ففيه يرفع سيف التبديع والتضليل والتمسك بالسنة ومعاداتها، ويصبح من احتفل بالمولد مبتدعا ضالا متبعا للنصارى، وأما المحرّم لذلك الإحتفال فهو ناصر لواء السنة والمنتصر لله ورسوله! وأما ما نحن بصدده هذه الأيام من احتفال النصارى بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام وجواز أن يهنئهم المسلمون المقيمون بين ظهرانيهم فهذه أيضا مناسبة يتجدد فيها اللغط والخبط في كل اتجاه، ويتحوّل أغلب أبناء الجاليات المسلمة المقيمة في الغرب إلى مفتين. وما أسرع التكفير والتضليل والمسارعة في بناء الأحكام على المقدمات الخاطئة ويصبح عند كثير من الوعاظ الذين أتيح لهم مخاطبة الناس تهنئة النصراني بعيده يعني إقراره على دينه وذلك يساوي الكفر!! لا أحبّ أن أناقش أو أبدي رأيا لأن رأيي الشخصي لن يقدم في المسألة ولن يؤخر وأعلم أن هذه الآراء كانت ومازلت وستبقى ولكن السؤال متى يتواضع كثير ممن يتكلم باسم الإسلام فيعرف حجمه وقدره وقدر غيره! ... متى يتواضع هؤولاء وأولائك ويقولون بأن ما يتبنّونه من آراء ومواقف فقهية هي آراء يعتقدون بصحتها ويتبعونها لكن هناك آراء أخرى مخالفة لها يمكن أن يكون لها قدر من الصحة! لماذا يكذب بعضهم مثلا جهارا نهار ويقول بأن تهنئة النصارى بأعيادهم حرام بإجماع علماء المسلمين ولم يخالف إلا الجهلة و"الرويبضة" حسب تعبيرهم! لماذا يسمح شيخ محترم لنفسه أن ينعت إخوانه من المشايخ الذين أفتوا بجواز التهنئة بأنهم منافقون! ألا يخشى الله وألا يخشى أن يبوء بما قال لأن هذه الكلمة مثل كلمة الكفر إذا قالها أحد في حق أحد باء بها أحدهما؟؟ لماذا يصادر فريق رأي فريق؟ متى يتعلمون أن الخلاف قائم وأن ادعاء الإجماع الكاذب لن يزيله؟ وأن نعت جهابذه من علماء الأمة ووصفهم بالرويبضة والجهلة لأن فتاويهم لم توافق أهواءهم لن يحط من قدر أولائك الأعلام وإنما يحط من قدر من يتجاهلهم ويصادر حقهم في الاختلاف؟ وقد تعمدت أن لا أدخل في التفاصيل وأن لا أقتبس من كلام وفتاوي الفئة التى أشرت إليها وبعض ما أشرت إليه موثّق ولكن حاولت أن أشير للموضوع من باب "ما بال أقوام" وأسأل الله أن يصلح حال المسلمين في الغرب فهي في بعض المجالات بائسة وتزداد بؤسا!! طه البعزاوي 24 ديسمبر 2016