الذين يحاربون الإرهاب، إنما هم في حقيقة الأمر يحاربون الإعتدال، وما الإرهاب لديهم إلا وسيلة، وما الإعتدال عندهم إلا هدفا، وغاية، فالإرهاب حجتهم، والإعتدال حجيجهم، ومن كانت حجته الإرهاب فقط، فهو، من حيث يعلم، أو لا يعلم، هو الإرهاب نفسه، بل هو الإرهابي، ذاتا، وموضوعا ... إن الموقف من تيار الإعتدال، بإطلاقه، المعرفي، والعلمي، والثقافي، والسياسي، والعرقي، والإيديولوجي، قبولا ومساندة، أو عداء ومنابذة، هو المعرف الوحيد، بل ولا معرف غيره، لمصطلح الإرهاب، والإرهابيين، أفرادا كانوا، أو أحزابا، أو جماعات، أو دولا ... وبناء عليه فإن الإخوان المسلمين، وبما ان الرجعية العربية، بحكامها، وأحزابها، ومثقفيها، وكهنة دينها، أضف اليهم صهاينة البيت الأبيض، ومرضعتهم الصهيونية العالمية، وأذيالهما، شرقا، وغربا، قد رموا على قوس واحدة، الإخوان المسلمين بأنهم الإرهاب، وليس بتهمة الإرهاب، والفرق بين الأمرين واضح للفاهم اللبيب، أقول، بناء على هذا التحديد، أن الإخوان المسلمين، ومن وقف معهم، وساندهم، بيده، أوبلسانه، أو بقلبه، من أي ملة كان، وفي أي أرض يقيم، هم وحدهم تيار الإعتدال، والحق، والحرية، والعدل، والإنسانية، الذي لا يشقى بهم جليسهم، فضلا على أن يكون قريبهم، أوحبيبهم، أو عشيرهم، وما دونهم حصرا، هم الإرهاب بعينه، والأرهابيون بذواتهم، وهم الهمجية بعينها، والهمجيون بذواتهم، وهم الشيطنة بعينها، والشياطين بذواتهم، وإن شهدوا، وصلوا، وزكوا، وصاموا، وحجوا، من ناصبهم العداء بكل ما يملك، فهو مؤمن بالله، ثم بالإنسانية، رفعت الأقلام، وجفت الصحف ... هذه عقيدتي، وليس رأيي. إن الأمة تذبح من الوريد إلى الوريد، باسم معارك خاطئة، وتخوض بنفسها، وضد نفسها، معارك خاطئة، لأن مصطلحات معاركها، التي اجترحها لها أعداؤها، خاطئة، معرفيا، وثقافيا، وسياسيا، ومصلحيا، بل والأدهي من ذلك، ملغمة، وملتبسة، أريد لها ذلك، عن علم، وقصد، ومكر، وكيد، وخديعة ... لقد ذكرت في تدوينة سابقة، جامعة، مانعة، أن الذي اجترح مصطلح الإرهاب، ليس شيطانا، وإنما هو الشيطان نفسه، بناء على حجم التلبيس، والتدليس، اللذيْن يكتنفان هذا المصطلح الشيطاني، الذي يبدو أن اجتراحه تزامن، إن لم يسبق تخطيط، وتنفيذ، وتوصيف أحداثه الكارثية يوم 11 سبتمبر 2001 بنيويورك ... لقد أريد لهذا المصطح أن يكون غامضا، حمال أوجه، لغاية أن لا يكون حرج وعناء، لصاحبه الذي اجترحه، في اجتراح مصطلح جديد لكل معركة قادمة، وهو يدرك طبيعة المعارك التي تنتظره، مستقبلا، نوعا، ومضمونا، واستراتيجية، وجغرافية، بعد انهيار المعسكر الشيوعي، الذي كان معه في معركة أحادية الجانب، فاجترح لهذه المعارك، مصطلحا غامضا، بهدف التغطية، يستغرق بالكامل، غموض أهدافه، ومصالحه، واستراتيجياته، وبما يخدم به كل الأزمنة، الآنية، والمستقبلة، ومن ثم احجمت الإدارة الأمريكية، على أن تقدم، هي بنفسها، ولا أن تترك أحدا غيرها، يقدم على إعطاء تعريف محدد لهذا المصطلح : ما هو الإرهاب، ومن هو الإرهابي ... وبناء على ما سبق، فالموقف من الإعتدال، وليس من الإرهاب، هو الحد الفاصل العملي، في تعريف الإرهاب، وبالتالي، من هو الإرهابي، ومن هو الغير إرهابي، في ظل الإصرار المضمر من طرف الإدارة الأمريكية على عدم تقديم تعريف نظري لمصطلح الإرهاب، الذي يكيف، ويضبط، ويحدد مضمونه نظرا، ليحكم في ما بعد على منفذيه، ووقائعه، موقفا، وعملا.