تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات في لقاء الرئيس بوزير الصحّة    رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات..#خبر_عاجل    رئيس الجمهورية يشدد على ضرورة أن تكون البلاد العربية كلّها في موعد مع التحوّلات الرقمية    عاجل/ صادق عليه البرلمان: اعفاء هذه الفئة من خلاص معلوم الجولان لهذه السنوات..    سعيّد: الشراكة مع اليابان استراتيجية... و'تيكاد' يعزز مكانة تونس في إفريقيا    جندوبة تستقبل أكثر من 1.4 مليون سائح جزائري... وقطاع السياحة ينتعش بقوّة    كأس إيطاليا : يوفنتوس يتأهل الى الدور ربع النهائي على حساب أودينيزي    طقس اليوم: أمطار غزيرة بعدة جهات مع تساقط للبرد    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    قيس سعيد يتعهد ب'حرب تحرير' ضد الفساد في قطاع الصحة    بعد إقرار عفو جبائي: وزيرة المالية تعلّق...سيتخلف من انخرط في عفو سابق عن الخلاص    كأس العرب 2025... الجزائر والعراق والأردن في اختبارات قوية اليوم    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    تركيا تعلن اعتقال 58 شخصا بتهمة الانتماء لحركة الخدمة    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    مشروع قانون المالية 2026: النواب يواصلون التصويت على فصول إضافية    لاليغا الاسبانية.. برشلونة ينتصر على أتلتيكومدريد ويحافظ على الصدارة    القبض على 3 أشخاص ينتمون إلى شبكة لترويج المخدرات وهذا حجم المحجوزات..    عاجل: هذا موعد الفحوصات الطبية الإجبارية لحجيج مكفولي التونسيين بالخارج    صادراتها 9 مليارات و تشغل 160 ألف عامل ..مؤسسات نسيج وملابس تتنافس في تظاهرة اقتصادية    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    تفتتح بفيلم «فلسطين 36» ..تفاصيل الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    البطولة العربية للكرة الطائرة ..المنتخب ... بطل العرب !    كأس العرب.. التعادل يحسم مواجهة الكويت ومصر    ترامب: كان يجب أن أحصل على جائزة نوبل مقابل كل حرب أنهيتها    الفيلمان التونسيان "زريعة إبليس" و"صمت الراعي" في الدورة السابعة من المهرجان الدولي للفيلم والفن الإفريقي والكاريبي    الليلة: اجواء باردة وأمطار غزيرة بهذه المناطق..    كأس العرب : فوز المغرب على جزر القمر 3 - 1    حدث فلكي أخّاذ في ليل الخميس المقبل..    تراجع مخزون السدود يُعمّق أزمة المياه في ولاية نابل    الجيش الألماني يتعرّض للسّرقة!!..#خبر_عاجل    العرب قطر 2025: المنتخبان السوداني والجزائري يستهلان مشوارهما غدا الاربعاء    ديمومة الفساد... استمرار الفساد    مجموعة تركية تعتزم الاستثمار في زيت الزيتون التونسي..#خبر_عاجل    شنوا يصير في بدنك كان تزيد القرنفل للتاي في الشّتاء؟    موش الشوكولا برك.. أكلات ترجّع نفسيتك لاباس    السجن مدى الحياة لملاكم مصري أنهى حياة ابنته    لكلّ تونسي: كيفاش تستغلّ ''تيك توك'' للتسويق وتحقيق الربح؟    عاجل - كأس العرب: شوف مباريات اليوم و القنوات الناقلة    نحو ارساء منظومة إسترسال ملائمة لنشاط الزربية والنسيج اليدوي في تونس    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    اكتشاف الطفرة الجينية المسؤولة عن الإصابة بالأمراض العقلية..    المنستير تستعد لاحتضان الدورة 29 لمهرجان خليفة السطنبولي للمسرح من 6 إلى 13 ديسمبر الجاري    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    منوبة: تركيز فضاء للمطالعة الرقمية بالمكتبة العمومية بطبربة    حريق متعمّد يهزّ مستودع شركة النقل بالساحل... والأمن يطيح بالفاعل!    نسبة الفائدة تنخفض الى أدنى مستوى منذ 2023!    البريد التونسي يصدر سلسلة طوابع جديدة تحت عنوان "نباتات من تونس"    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الصحة تبحث شراكة دوليّة لتحسين رعاية مرضى الهيموفيليا    "رويترز": ترامب أمهل مادورو حتى الجمعة ليغادر البلاد وفرض الحظر الجوي بعد رفض الأخير    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    نيجيريا: استقالة وزير الدفاع بعد موجة من عمليات الخطف    كارثة الفيضانات في إندونيسيا: مقتل 613 ونزوح مليون شخصا    أيام قرطاج السنيمائية الدورة 36.. الكشف عن قائمة المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة    بنزرت: مكتبة صوتية لفائدة ضعيفي وفاقدي البصر    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحل رجل ( الجرأة ) سليم بقة
نشر في الحوار نت يوم 30 - 08 - 2018

علمت بطريق الصديق نور الدين الختروشي هذا المساء بوفاة الصحفي التونسي سليم بقة عليه الرحمة في إثر حادث مرور في إحدى ضواحي تونس فهرعت إلى ما لديّ من أعداد المجلة الشهرية التي أسّسها المرحوم ( الجرأة ) التي ظل يصدرها باللسان الفرنسي فحسب من باريس ثم أثريت باللسان العربي. لديّ أعداد من أول عام 1996 حتى آخر 1999. كنت مشتركا فيها ودفعت كثيرين من ألمانيا في تلك الأيام إلى الإشتراك فيها إذ هي لسان المقاومة التونسية المهجرية الوحيدة باللسان الفرنسي في تلك الأيام التي ليس فيها تواصل إفتراضي بل كانت الفضائيات نفسها في حالة نشوء من مثل ( الجزيرة في أواخر 1996). عرفت ( سليم بقة ) عليه الرحمة في بعض المحطات وذات مرّة إستضفته في بيتي في ألمانيا ( أنسيت التاريخ والمناسبة معا ) وكنت معجبا جدا بقلمه ( الفولتيري ) القحّ وأنا سليل المدرسة البورقيبية الفرنكفونية لسانا بما يثير حفيظة كثيرين ولست متهيّبا أني أحذق اللسان الفرنسي بحمده وحده سبحانه ولا نادما على تعلمي لسانا ترطن به اليوم ملايين مملينة وهو أمر ربما لا يدركه سوى أبناء جيلي جيل الستينات والسبعينات . كنت أسمع عن الرجل عليه الرحمة فلما جلست إليه في بيتي ألفيته متواضعا يصغي إلى محدثه وما شدّني إليه حقا أكثر هو إعترافه بما كان يأتيه مما يعرفه المقربون منه غفر الله له ورحمه رحمة واسعة وفضل ربي للمؤمن أوسع مما يتصور الإنسان. أليس هو الرحمان الرحيم سبحانه؟
قيل عنه كثيرا ومازال يقال شأن الناس دوما عجبا عجابا إذ أن من بحث عن عيب وجده كما تقول العرب ومن طوّح بنفسه هنا في الخير نيل منه ومن طوّح بنفسه هناك في الشر نيل منه ورضى الناس غاية لا تدرك. لا يشدني في الرجل وقد رحل إلى ربه سبحانه سائلا له الرحمة والمغفرة عدا أنه بقلمه الفرنسي القح يسلخ منظومة المخلوع بن علي وعائلته المتوالية معه على الفساد والإفساد سلخا عجيبا ويفعل ذلك باللسان الذي يصل إلى النخبة التونسية وهي نخبة فرنكفونية بالأساس الأول للسبب المعروف ويصل في الآن ذاته إلى الفرنسيين والراطنين بالفرنسية وهذا مكسب للمعارضة المهجرة في تلك الأيام
تعرض الرجل إلى الأعتداء السافر في باريس من أزلام بن علي مرات كثيرات وإستهدف المقر مقر الجرأة مرات كذلك و قد دون هو بنفسه وبقلمه الفرنسي الساحر ذات مرة ذلك ( أنظر عدد يناير جانفي 1997 ) حيث يروي قصته مع نظامي بورقيبة وبن علي إذ كان صحفيا بمجلة المغرب المعروفة سنة 1980 ثم إنتقل إلى مجلة ( حقائق ) في 1991 ثم ضاقت به الأرض وغادر بلاده في العام نفسه وهو العام الذي شهد أكبر حملة في تاريخ البلاد ضد المعارضة بدءا بالإسلامية ثم إلتحقت المعارضة العلمانية من بعد ذلك وإستقر في باريس. روى تفاصيل العدوان الذي تعرض له يوم الثالث من يناير 1997
مع الجراة
كانت في تلك الأيام ملجأ المعارضين وملاذ من لا صوت لهم وكان شعارها مستوحى من حكمة فرنسية لصاحبها تقول ( قول الحقيقة حتى لو كلّفت وخاصة لو كلّفت ). في عدد فبراير شباط 1997 يدافع المرحوم ضد جريدة ( لوموند ) الفرنسية واسعة الإنتشار ضد لقائه الصحفي بالشيخ راشد الغنوشي إذ إتهم الرجل بالتهمة الجاهزة يومها أي الإنتماء إلى الإسلام أو الإسلامية ومن يعرف الرجل حتى عن بعد فضلا عن قرب يدرك ألاّ علاقة له بالتدين المسلكي أصلا عدا أنه مؤمن بالله واليوم الآخر ولكنها الفضاضة الغربية والفجاجة الأروبية عندما تعجز عن مقارعة الحجة بالحجة. كانت ( الجرأة ) صوت المقهورين في تونس إذ تحملت ملف الشهيد كمال المطماطي الذي أثارت قضيته قبل شهور السيدة بن سدرين في عملها ضمن هيئة الحقيقة والكرامة وكان ذلك في عدد جويلية 1997. وفي عدد أوت من العام نفسه تنقل ( الجرأة ) عن منظمات حقوقية عتيدة أوضاع بعض الصحفيين المسجونين في سجون بن علي وتركز على إثنين منهما : حمادي الجبالي والمرحوم عبد الله الزواري عن صحيفة الفجر الناطقة بإسم النهضة قبل محنة التسعينات. كانت ( الجرأة) مفتوحة لكل صوت محروم من التعبير عن نفسه بل كانت باقة متعددة الألوان لا تضيق بأحد مما بوأها سمعة وذكرا. وكانت تدافع عن المنفيين في أروبا فعلى سبيل المثال أوردت ملفا كاملا عن وليد البناني في عدد نوفمبر 1997 وعن محمد زريق في كندا وغيرهما مما لا يحصى. كانت تنقل أخبار الكواليس وأنباء تونس الشهيدة الجريحة في تلك الأيام النكدة وتوفر مادة إعلامية نزيهة . كما أثارت ملفا هو الأخطر في تلك العشرية بأسرها وهو ملف العائلات السبع التي كانت تبتز البلاد وسمتهم واحدا واحدا وكان ذلك بقلم المرحوم سليم بقة نفسه ( منهم شيبوب والطرابلسي وغيرهما ) وكان ذلك في أعداد متلاحقة من عدد جويلية 1998 حتى ديسمبر من العام نفسه . وهو الأمر الذي إعتمد عليه مؤلفا كتاب ( صديقنا بن علي ) وهما صحفيان فرنسيان وصدر بالفرنسية طبعا في 1999 فكان ذلك الكتاب وثيقة أخرى مهمة للمعارضة السياسية في المهجر إذ كممت أصوات الداخل بالكلية في تلك الأيام. أثثت أقلام كثيرة منبر ( الجرأة ) بالفرنسية والعربية على حد سواء وأذكر واحدا فحسب رحل هو كذلك إلى ربه سبحانه وكان بقلمه الفرنسي السيال يساهم في فضح منظومة الفساد وهو المرحوم صالح كركر ولا أعلم أحدا سواه إنتقل إلى ربه ممن كان يكتب والله أعلم
كلمتان أخيرتان
الكلمة الأولى : لا تبخسوا الناس أشياءهم فمن لا يتفق مع هذا أو ذاك في أي شيء فلا يعفيه ذلك من ذكر مناقبه حتى لو كان في الضفة المقابلة فلسفة فكرية وليس عصيانا وكلنا عصاة نرقب رحمة الله سبحانه ولا تجعلوا من قالات الناس قناعات أو عقائد في حق هذا أو ذاك وخاصة فيمن رحل إلى ربه سبحانه
الكلمة الثانية : أما آن لتراث المهجر الذي ظل يكافح عقدين كاملين أن يفرج عن أسراره وينشر مجاهداته في حقول كثيرة منها الإعلامي مثل كسب هذا الرجل المرحوم سليم بقة والإغاثي والحزبي والسياسي والإجتماعي وهو كثير؟ هذا رجل رحل بصندوق أسود يضيق عن أسراره لفرط غزارتها وكثرتها وسيرحل آخرون بمثل ما رحل. أما آن لنا أن نفتح تلك الصناديق قبل أن تفتح لنا أو علينا في المحكمة التعقيبية الأخيرة؟
الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.