مع الشروق :خطة ترامب ... سلام حقيقي أم تسوية مؤقتة؟    الأسير الفلسطيني المحرر علاء دنديس في حوار خاص ل«الشروق» .. عشنا الأهوال... في سجون الاحتلال    بالفيديو : تمساح يثيرالذعر في ''بيسين'' تابع لفندق فاخر بأستراليا    الصندوق العالمي للطبيعة: الطاقة المتجددة أصبحت المصدر الرئيسي للكهرباء على مستوى العالم    عاجل/ إيران تعلن إلغاء إتفاق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    إضراب جهوي للمحامين بقابس غدًا احتجاجًا على التلوث الصناعي    الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المعاصر توضح السعر المرجعي لرحي زيت الزيتون    مستخدمي المترو 3 و5...تنجموا ترجعوا تستعملوا الخطوط بصفة طبيعية    عاجل: سفارة تونس بالقاهرة تعلن عن منحة وطنية جديدة للطلبة التونسيين المقيمين بالخارج    عاجل : كتلة الخط الوطني السيادي تنسحب من جلسة مناقشة الوضع في قابس    شركة نقل تونس: اصابة عون التأمين وحالات هلع في اصطدام بين عربتي مترو... ولجنة للتحقيق في الحادث    وكالة النهوض بالصّناعة والتجديد تفتح مناظرة خارجية بالاختبارات لانتداب 14 إطار    ايمان الشريف تقدم جديدها الفني    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    بعد الأربعين: 4 فحوصات دمّ هامة تنقذ حياتك    الرابطة الثانية: جمعية مقرين تستقر على بديل خالد المليتي    بطولة بريست للتنس: التونسي معز الشرقي يستهل مشواره غدا بملاقاة الفرنسي بوكيي ارتور    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات الجولة العاشرة ذهابا    لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب تشرع بداية من الغد الثلاثاء في النظر في مشروعي قانون المالية والميزان الاقتصادي 2026    وزير الصحة: خطة حكومية على المدى القريب والمتوسط لتأهيل المجمع الكيميائي والحد من الانبعاثات الغازية في قابس    بعد أكثر من شهرين: ما الجديد في قضية اختفاء طفلة ال15 سنة أسماء الفايدي..؟    عاجل/ العاصمة: انقطاع المياه بهذه المناطق نتيجة عطب فجئي    الدورة الرابعة لملتقى محجوب العياري للكتاب والآداب تحتفي بالكاتبة حياة الرايس من 24 إلى 26 أكتوبر 2025    وزير التجهيز يعلن عن الانطلاق الفوري في استكمال مشاريع بيئية كبرى بقابس بقيمة تتجاوز 200 مليون دينار    شبهة تدليس عقد عمل بمندوبية التربية بالكاف    تغيير في القناة الناقلة: الكأس 1 تبث مباراة الإفريقي والمنستير بدلاً من الكأس 2!    عاجل: في تونس...تلميذ على 3 يعانون من قصر النظر    هل تساعد هذه الأقراص على النوم فعلًا؟ دراسة تكشف الحقيقية    ينشطون في شبكة لقرصنة البطاقات البنكية: القضاء يصدر أحكامه ضد هؤلاء..#خبر_عاجل    في حركة إنسانية نبيلة: تمكين طفلين قاصرين من لقاء والديهما بعد سنوات من الانقطاع عن رؤيتهما    سوسة: مقتل "تيكتوكر" معروف بطعنات سكين !    محرز الغنوشي: ''اواخر اكتوبر فيها بشائر ومؤشرات إيجابية ''    حركة المرور رجعت طبيعية في المدخل الجنوبي للعاصمة!    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة السادسة    الكندي ألياسيم يتوج بلقب بطولة بروكسل للتنس    الصناعات الكهربائية والميكانيكية في تونس تتحسن استثمارا وتصديرا    عاجل/ أحداث قابس: هذه آخر المستجدات بخصوص الموقوفين..    في 7 دقائق: سرقة القرن من متحف اللوفر بباريس وفرنسا في حالة صدمة    مسرح أوبرا تونس يكرّم الفنانة سُلاف في عرض "عين المحبة"    عاجل: تذاكر ماتش تونس والبرازيل تتباع على هذا الموقع    عاجل/ قتلى في حادث اصطدام طائرة بسيارة في هذا المطار..    أجواء ربيعية خلال ''الويكاند''    عاجل: النشاط الزلزالي يضرب تونس والجزائر.. شوف التفاصيل!    خطير/ دراسة تكشف: تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة..!    عاجل/ حجز أكثر من 29 طنا من المواد الفاسدة.. هيئة السلامة الصحية تكشف التفاصيل..    في بلاغ رسمي: الداخلية تعلن ايقاف هؤلاء..#خبر_عاجل    الملك محمد السادس يهنئ منتخب المغرب الفائز بمونديال الشباب    ترامب يقرر فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    المهرجان الجهوي للمسرح بتطاوين.. دار الثقافة بذهيبة تتويجات بالجملة    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحل رجل ( الجرأة ) سليم بقة
نشر في الحوار نت يوم 30 - 08 - 2018

علمت بطريق الصديق نور الدين الختروشي هذا المساء بوفاة الصحفي التونسي سليم بقة عليه الرحمة في إثر حادث مرور في إحدى ضواحي تونس فهرعت إلى ما لديّ من أعداد المجلة الشهرية التي أسّسها المرحوم ( الجرأة ) التي ظل يصدرها باللسان الفرنسي فحسب من باريس ثم أثريت باللسان العربي. لديّ أعداد من أول عام 1996 حتى آخر 1999. كنت مشتركا فيها ودفعت كثيرين من ألمانيا في تلك الأيام إلى الإشتراك فيها إذ هي لسان المقاومة التونسية المهجرية الوحيدة باللسان الفرنسي في تلك الأيام التي ليس فيها تواصل إفتراضي بل كانت الفضائيات نفسها في حالة نشوء من مثل ( الجزيرة في أواخر 1996). عرفت ( سليم بقة ) عليه الرحمة في بعض المحطات وذات مرّة إستضفته في بيتي في ألمانيا ( أنسيت التاريخ والمناسبة معا ) وكنت معجبا جدا بقلمه ( الفولتيري ) القحّ وأنا سليل المدرسة البورقيبية الفرنكفونية لسانا بما يثير حفيظة كثيرين ولست متهيّبا أني أحذق اللسان الفرنسي بحمده وحده سبحانه ولا نادما على تعلمي لسانا ترطن به اليوم ملايين مملينة وهو أمر ربما لا يدركه سوى أبناء جيلي جيل الستينات والسبعينات . كنت أسمع عن الرجل عليه الرحمة فلما جلست إليه في بيتي ألفيته متواضعا يصغي إلى محدثه وما شدّني إليه حقا أكثر هو إعترافه بما كان يأتيه مما يعرفه المقربون منه غفر الله له ورحمه رحمة واسعة وفضل ربي للمؤمن أوسع مما يتصور الإنسان. أليس هو الرحمان الرحيم سبحانه؟
قيل عنه كثيرا ومازال يقال شأن الناس دوما عجبا عجابا إذ أن من بحث عن عيب وجده كما تقول العرب ومن طوّح بنفسه هنا في الخير نيل منه ومن طوّح بنفسه هناك في الشر نيل منه ورضى الناس غاية لا تدرك. لا يشدني في الرجل وقد رحل إلى ربه سبحانه سائلا له الرحمة والمغفرة عدا أنه بقلمه الفرنسي القح يسلخ منظومة المخلوع بن علي وعائلته المتوالية معه على الفساد والإفساد سلخا عجيبا ويفعل ذلك باللسان الذي يصل إلى النخبة التونسية وهي نخبة فرنكفونية بالأساس الأول للسبب المعروف ويصل في الآن ذاته إلى الفرنسيين والراطنين بالفرنسية وهذا مكسب للمعارضة المهجرة في تلك الأيام
تعرض الرجل إلى الأعتداء السافر في باريس من أزلام بن علي مرات كثيرات وإستهدف المقر مقر الجرأة مرات كذلك و قد دون هو بنفسه وبقلمه الفرنسي الساحر ذات مرة ذلك ( أنظر عدد يناير جانفي 1997 ) حيث يروي قصته مع نظامي بورقيبة وبن علي إذ كان صحفيا بمجلة المغرب المعروفة سنة 1980 ثم إنتقل إلى مجلة ( حقائق ) في 1991 ثم ضاقت به الأرض وغادر بلاده في العام نفسه وهو العام الذي شهد أكبر حملة في تاريخ البلاد ضد المعارضة بدءا بالإسلامية ثم إلتحقت المعارضة العلمانية من بعد ذلك وإستقر في باريس. روى تفاصيل العدوان الذي تعرض له يوم الثالث من يناير 1997
مع الجراة
كانت في تلك الأيام ملجأ المعارضين وملاذ من لا صوت لهم وكان شعارها مستوحى من حكمة فرنسية لصاحبها تقول ( قول الحقيقة حتى لو كلّفت وخاصة لو كلّفت ). في عدد فبراير شباط 1997 يدافع المرحوم ضد جريدة ( لوموند ) الفرنسية واسعة الإنتشار ضد لقائه الصحفي بالشيخ راشد الغنوشي إذ إتهم الرجل بالتهمة الجاهزة يومها أي الإنتماء إلى الإسلام أو الإسلامية ومن يعرف الرجل حتى عن بعد فضلا عن قرب يدرك ألاّ علاقة له بالتدين المسلكي أصلا عدا أنه مؤمن بالله واليوم الآخر ولكنها الفضاضة الغربية والفجاجة الأروبية عندما تعجز عن مقارعة الحجة بالحجة. كانت ( الجرأة ) صوت المقهورين في تونس إذ تحملت ملف الشهيد كمال المطماطي الذي أثارت قضيته قبل شهور السيدة بن سدرين في عملها ضمن هيئة الحقيقة والكرامة وكان ذلك في عدد جويلية 1997. وفي عدد أوت من العام نفسه تنقل ( الجرأة ) عن منظمات حقوقية عتيدة أوضاع بعض الصحفيين المسجونين في سجون بن علي وتركز على إثنين منهما : حمادي الجبالي والمرحوم عبد الله الزواري عن صحيفة الفجر الناطقة بإسم النهضة قبل محنة التسعينات. كانت ( الجرأة) مفتوحة لكل صوت محروم من التعبير عن نفسه بل كانت باقة متعددة الألوان لا تضيق بأحد مما بوأها سمعة وذكرا. وكانت تدافع عن المنفيين في أروبا فعلى سبيل المثال أوردت ملفا كاملا عن وليد البناني في عدد نوفمبر 1997 وعن محمد زريق في كندا وغيرهما مما لا يحصى. كانت تنقل أخبار الكواليس وأنباء تونس الشهيدة الجريحة في تلك الأيام النكدة وتوفر مادة إعلامية نزيهة . كما أثارت ملفا هو الأخطر في تلك العشرية بأسرها وهو ملف العائلات السبع التي كانت تبتز البلاد وسمتهم واحدا واحدا وكان ذلك بقلم المرحوم سليم بقة نفسه ( منهم شيبوب والطرابلسي وغيرهما ) وكان ذلك في أعداد متلاحقة من عدد جويلية 1998 حتى ديسمبر من العام نفسه . وهو الأمر الذي إعتمد عليه مؤلفا كتاب ( صديقنا بن علي ) وهما صحفيان فرنسيان وصدر بالفرنسية طبعا في 1999 فكان ذلك الكتاب وثيقة أخرى مهمة للمعارضة السياسية في المهجر إذ كممت أصوات الداخل بالكلية في تلك الأيام. أثثت أقلام كثيرة منبر ( الجرأة ) بالفرنسية والعربية على حد سواء وأذكر واحدا فحسب رحل هو كذلك إلى ربه سبحانه وكان بقلمه الفرنسي السيال يساهم في فضح منظومة الفساد وهو المرحوم صالح كركر ولا أعلم أحدا سواه إنتقل إلى ربه ممن كان يكتب والله أعلم
كلمتان أخيرتان
الكلمة الأولى : لا تبخسوا الناس أشياءهم فمن لا يتفق مع هذا أو ذاك في أي شيء فلا يعفيه ذلك من ذكر مناقبه حتى لو كان في الضفة المقابلة فلسفة فكرية وليس عصيانا وكلنا عصاة نرقب رحمة الله سبحانه ولا تجعلوا من قالات الناس قناعات أو عقائد في حق هذا أو ذاك وخاصة فيمن رحل إلى ربه سبحانه
الكلمة الثانية : أما آن لتراث المهجر الذي ظل يكافح عقدين كاملين أن يفرج عن أسراره وينشر مجاهداته في حقول كثيرة منها الإعلامي مثل كسب هذا الرجل المرحوم سليم بقة والإغاثي والحزبي والسياسي والإجتماعي وهو كثير؟ هذا رجل رحل بصندوق أسود يضيق عن أسراره لفرط غزارتها وكثرتها وسيرحل آخرون بمثل ما رحل. أما آن لنا أن نفتح تلك الصناديق قبل أن تفتح لنا أو علينا في المحكمة التعقيبية الأخيرة؟
الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.