نصيحة تأتيك مغلفة بكثير من أوجه الزينة الملونة، إذ تأتيك على شكل صديق، أو ناصح، يهمس كملاك مخلص ينصحك بأن تتجه إلى هذا المحامي دون سواه، واصفا عملاقه بأن (إيدو طايلة وتجمد الماء) هكذا يبدو المشهد أمام المحاكم وقاعات الجلسات في تونس. السمسارة في كل مكان، فهي عندهم لم تعد حكراً على العقارات فحسب ، بل غدت تطول مختلف أوجه حياتنا والفرق فقط أن سماسرة العقارات هم سمسارة برخصة، بينما هنا تبقى»مهنة» غير مشروعة وبلا رخصة. هكذا تبدو العلاقة بين الحريف والمحامي والوسيط الذي لا يمكنك أن تعرفه فهو أشبه بجهاز لاكتشاف وسائل النصيحة فيأتيك صاحبنا بالنصح تحت شعار (سبحان من نفع واستنفع). وكانت بداية رحلة البحث عن بعض الحقائق التي تخص مثل هذه الممارسات من قصر العدالة بالعاصمة أين التقينا بثلة من المحامين الذين أجمعوا على وجود هذه «الآفة» في مهنة المحاماة. وصف الأستاذ محمد بكار رئيس جمعية محامي وحقوقي البحر الأبيض المتوسط السمسرة داخل القطاع «بالانحراف غير الشريف» ودعا الأستاذ الهياكل إلى الكف عن العراك الانتخابي والالتفات أكثر نحو القطاع والى أصحاب العباءات السوداء. وحمل الأستاذ محمد بكار المشرفين على هياكل المحاماة المسؤولية الكاملة في تفشي هذه الظاهرة وقال «إن مسؤولي الهياكل لا شغل لهم إلا المحافظة علي كراسيهم كما أن عددا منهم يغتنمون فرصة وجودهم على رأس الهياكل للتمتع بالقضايا». وحول أسباب ظاهرة المضاربة داخل القطاع قال بكار»إن القطاع يعيش مشاكل حقيقية وقد ألقت هذه المشاكل بظلالها على المحامين لا سيما الشبان منهم الذين يعيشون وضعية مادية ضعيفة، هذا بالإضافة إلى الارتفاع المطرد في عدد المحامين والذين وصل عددهم الى3000محامي بتونس العاصمة وحدها.» وأكد محمد بكار على ضرورة»تنظيف القطاع»وإتباع سياسة الإصلاح العام ومؤازرة المحامين خاصة الشبان منهم ودعا في ذات السياق إلى التشجيع على بعث شركات للمحاماة بهدف تأطير المحامين والتكفل بالوافدين الجدد على المهنة.» علم الهياكل «إنها مسألة مؤرقة ومعالجتها تتطلب توعية وتظافر كل الجهود المتدخلة في الموضوع منها هياكل المهنة والسلطة القضائية «هكذا افتتح الأستاذ خالد بن سعد نائب رئيس جمعية المحامين الشبان مداخلته حول ما يعرف بالسمسرة في المحاماة. ويصف الأستاذ بن سعد مهنة المحاماة «بالشريفة وتترفع على كل هذه الأساليب التي ابسط ما يقال عنها دنيئة ولا تمت لأخلاقيات المهنة في شيء». ويضيف المتحدث قائلا»للأسف فان هياكل المهنة على علم بوجود هذه التجاوزات ولعدة اعتبارات انتخابية بالأساس فإنها تتغاضى عن كبار السماسرة المعروفين في القطاع». وبخصوص المنحى الجزائي للمخالفين بين بن سعد أن هناك نصوصا جزائية تعاقب على استجلاب الحرفاء بطريقة غير مشروعة. أهم قضايا السمسرة وفي سؤالنا له عن الأماكن التي يمكن أن تكون مركزا للسماسرة قال بن سعد»هناك من يستغل بعض الأشخاص لالتقاط الحرفاء من بهو المحاكم ومن أمام المحكمة مقابل مبلغ مادي هذا إضافة إلى بعض الأطراف التي لها علاقة بالتقاضي». وعن أهم قضايا السمسرة يجيب ممثل الهيئة الوطنية للمحامين بالمحكمة الابتدائية بالقصرين وعضو الفرع الجهوي للمحامين بتونس الأستاذ الحنيفي فريضي»تعمد فئة من المحامين من كل محكمة سواء بواسطة المال أو غيرها إلى السيطرة على القضايا المتعلقة بحوادث المرور والموقفين وقضايا شركات التأمين والبنوك» واعتبر الأستاذ فريضي أن هذه المعضلة تحاول هياكل المحاماة التصدي لها لكنها إلى الآن لم تبلغ درجة الحزم والجدية للقضاء عليها. ودعا في هذا الإطار إلى التعاون والتنسيق مع أكثر من جهة لان الأطراف المتداخلة فيها كثيرة ومتنوعة وأضاف المحامي قائلا»أننا ندعو بالمناسبة إلى الإسراع بإعداد القانون المجرم للسمسرة الذي أعلن عنه السيد وزير العدل السابق منذ سنة تقريبا.»