المواقع الالكترونية التونسية و عدوى ظاهرة " السرقات الأدبية "
أحسب أن العديد منا تناول مادة مناهج البحث العلمي في دراسته الجامعية في أحد مراحلها المختلفة . و كلما يتقدم الفرد في تحصيله العلمي إلا و يزداد وعيه بأهمية هذه المادة و يضاعف من تمرسه بها ، حتى يسير بأركان المنهج في كل بحوثه . و كل من كانت له تجربة عملية حقيقية في البحوث أو حالفته الفرص بالحضور لبعض جلسات نقاش الرسائل و الأطاريح الجامعية . و كان أول ما تنتبه إليه اللجان هو مدى تحقق الأمانة الأدبية في البحث أولا . فهي من الشروط العلمية لكل بحث جاد و التي يحجر تجاوزها . و في حالة السقوط ، ترفع عن البحث صفة الانجاز ، و يوسم الباحث بعدم الأمانة التي هي "قاتلة" علميا . أما إذا وجهنا نظرنا إلى الصحف و المواقع الالكترونية ، لا يختلف الحكم مع شيوع "السرقات الادبية " و لم تفلح حقوق الملكية الفكرية من الحد من هذه الظاهرة السلبية التي تغزو الساحة الفكرية . وللأسف الشديد لم تكن المواقع الالكترونية التونسية بمنآى عن هذه الظاهرة . يمكن أن أمر على بعض المواضيع مر الكرام ، و لكن إذا كان الموضوع يتعلق بحركة الاصلاح في تونس تجدني متفحصا لدقائق و تفاصيل المقال أو البحث ، فمابالك إذا كان الأمر يتعلق بالعلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ، و ذلك وفاء للزيتونة التي اعتز بأنني كنت أحد طلابها ، و تقديرا لأعلام بلادي ، و شعورا بالأمانة الأدبية . بينما كنت أتصفح في بعض المواقع الالكترونية التونسية ، شد انتباهي مقال : " رائد اصلاح التعليم الزيتوني و تحرير العقل الاسلامي قال يوما ما : صدق الله و كذب بورقيبة !" كتبه مرسل الكسيبي بتاريخ 4 جانفي 2010 (( 1)) و أول ما أغاضني هو نشر صورة الشاعر محمد الطاهر القصار ( 1899-1988 ) بدل صورة العلامة محمد الطاهر ابن عاشور ، و يعد هذا النوع من الأخطاء مقبول نتيجة خطأ تقني ، مع أنه ثلمة في حق تونسي . و الصورة- الخطأ جعلتني أكثر اهتماما بالمقال . و لم يخب حدسي فسرعان ما أدركت بأن بنية المقال و فقراته مررت بها سابقا في غير هذا المقال . و قد أسعفتني محركات البحث في العثور على المقال المنشود ، فهو مقال : " الطاهر بن عاشور : صدق الله و كذب بورقيبة " كتبه مصطفى عاشور عام 1422 ه اي قبل ما يقارب تسع سنوات من صدور مقال الكسيبي (( 2))
و من البداية أشير إلى أنني لا أعرف الاستاذ مرسل الكسيبي شخصيا ، و معرفتي به فقط من خلال موقعه الجاد ( الوسط التونسية ) و التي توحي لزوارها بجدية صاحبها و هي صفة حميدة يغبط عليها ، و لكن لكل جواد كبوة ، و الكبوة في موضوع الأمانة الأدبية ، كبيرة في حق الباحث الجاد !! و لكم جدول المقارنة بين بعض فقرات المقالين ، داعيا الجميع إلى ضرورة التخلق بقيمة الأمانة في ما نقول و في ما نكتب :
مقال مرسل الكسيبي - الوسط التونسية بتاريخ 4 جانفي 2010 مقال مصطفى عاشور – اسلام اونلاين صدر عام 1422 ه : المدرسة الصادقية التي أنشأها الوزير النابه خير الدين التونسي سنة (1291ه = 1874م) , اذ احتوت على منهج متطور امتزجت فيه العلوم العربية باللغات الأجنبية ، إضافة إلى تعليم الرياضيات والطبيعة والعلوم الاجتماعية. وقد أقيمت هذه المدرسة على أن تكون تعضيدًا وتكميلاً للزيتونة. أما المدرسة الثانية فهي المدرسة الخلدونية التي ظهرت للوجود سنة (1314ه = 1896م) والتي كانت مدرسة علمية تهتم بتكميل ما يحتاج إليه دارسو العلوم الإسلامية من علوم لم تدرج في برامجهم التعليمية، المدرسة الصادقية التي أنشأها الوزير النابهة خير الدين التونسي سنة (1291ه = 1874م) والتي احتوت على منهج متطور امتزجت فيه العلوم العربية باللغات الأجنبية، إضافة إلى تعليم الرياضيات والطبيعة والعلوم الاجتماعية. وقد أقيمت هذه المدرسة على أن تكون تعضيدًا وتكميلاً للزيتونة. أما المدرسة الأخرى فهي المدرسة الخلدونية التي تأسست سنة (1314ه = 1896م) والتي كانت مدرسة علمية تهتم بتكميل ما يحتاج إليه دارسو العلوم الإسلامية من علوم لم تدرج في برامجهم التعليمية الشيخ الطاهر بن عاشور , ورغم تخرجه من رحاب الزيتونة فانه لم يكن بعيدا عن أجواء الصادقية , فقد عهد اليه بالتدريس بها سنة 1900م ، وكان لهذه التجربة المبكرة في التدريس بين الزيتونة والصادقية أثرها في حياته، إذ فتحت وعيه على ضرورة تقليص الهوة بين تيارين فكريين ما زالا في طور التكوين، ويقبلان أن يكونا خطوط انقسام ثقافي , فكري وسياسي في المجتمع التونسي، وهما: تيار الأصالة الممثل في الزيتونة، وتيار المعاصرة الممثل في الصادقية، ومن أجل ذلك دون رؤياه في الغرض في كتاب نفيس حمل عنوان "أليس الصبح بقريب؟ وكان الطاهر قد اختير للتدريس في المدرسة الصادقية سنة (1321ه = 1900م)، وكان لهذه التجربة المبكرة في التدريس بين الزيتونة -ذات المنهج التقليدي- والصادقية -ذات التعليم العصري المتطور- أثرها في حياته، إذ فتحت وعيه على ضرورة ردم الهوة بين تيارين فكريين ما زالا في طور التكوين، ويقبلان أن يكونا خطوط انقسام ثقافي وفكري في المجتمع التونسي، وهما: تيار الأصالة الممثل في الزيتونة، وتيار المعاصرة الممثل في الصادقية، ودون آراءه هذه في كتابه النفيس "أليس الصبح بقريب؟" وقد رأى أن تغيير نظام الحياة يتطلب تبدل الأفكار والقيم العقلية، وهو مايستدعي في نظره تغيير أساليب التعليم, ومن أجل ذلك فقد سعى إلى إيجاد تعليم ابتدائي إسلامي في المدن الكبيرة في تونس , على غرار ما فعل الأزهر في مصر، غير أنه قوبل بعراقيل كبيرة. ويشخص بن عاشور الخلل والفساد اللذين أصابا التعليم الإسلامي بالحديث عن : فساد المعلم، وفساد المؤلفات، وفساد النظام العام , ومن ثمة فقد أعطى الأولوية لإصلاح العلوم والتآليف . ورأى أن تغيير نظام الحياة في أي من أنحاء العالم يتطلب تبدل الأفكار والقيم العقلية، ويستدعي تغيير أساليب التعليم. وقد سعى الطاهر إلى إيجاد تعليم ابتدائي إسلامي في المدن الكبيرة في تونس على غرار ما يفعل الأزهر في مصر، ولكنه قوبل بعراقيل كبيرة. أما سبب الخلل والفساد اللذين أصابا التعليم الإسلامي فترجع في نظره إلى فساد المعلم، وفساد التآليف، وفساد النظام العام؛ وأعطى أولوية لإصلاح العلوم والتآليف وقد شرح الشيخ الطاهر بن عاشور أسباب تخلف علم التفسير بعناية كثير من المفسرين بكثير من النقل حتى ولو كان ضعيفا , واجتناب الرأي حتى ولو كان صوابا "لأنهم توهموا أن ما خالف النقل عن السابقين إخراج للقرآن عما أراد الله به", ومن ثمة فقد أصبحت في نظره كتب التفسير عالة على كلام الأقدمين، ولا همّ للمفسر إلا جمع الأقوال، وبهذه النظرة أصبح التفسير "تسجيلا يقيَّد به فهم القرآن ويضيَّق به معناه " . ورأى أن أحد أسباب تأخر علم التفسير هو الولع بالتوقف عند النقل حتى وإن كان ضعيفا أو فيه كذب، وكذلك اتقاء الرأي ولو كان صوابا حقيقيا، وقال: "لأنهم توهموا أن ما خالف النقل عن السابقين إخراج للقرآن عما أراد الله به"؛ فأصبحت كتب التفسير عالة على كلام الأقدمين، ولا همّ للمفسر إلا جمع الأقوال، وبهذه النظرة أصبح التفسير "تسجيلا يقيَّد به فهم القرآن ويضيَّق به معناه وقد أبان فيه بأن علم الأصول هو المنهج الضابط لعملية الاجتهاد في فهم نصوص القرآن الكريم واستنباط الأحكام منه , اذ أن الاختلال في هذا العلم هو السبب في تخلي العلماء عن الاجتهاد , ورأى أن هذا الاختلال يعود إلى توسيع العلم بإدخال ما لا يحتاج إليه المجتهد - التوسع في شروط مالايحتاج اليه الاجتهاد -، اذ أن قواعد الأصول دونت بعد أن دون الفقه، لذلك كان هناك بعض التعارض بين القواعد والفروع في الفقه، كذلك الغفلة عن مقاصد الشريعة . وإذا كان علم أصول الفقه هو المنهج الضابط لعملية الاجتهاد في فهم نصوص القرآن الكريم واستنباط الأحكام منه فإن الاختلال في هذا العلم هو السبب في تخلي العلماء عن الاجتهاد. ورأى أن هذا الاختلال يرجع إلى توسيع العلم بإدخال ما لا يحتاج إليه المجتهد، وأن قواعد الأصول دونت بعد أن دون الفقه، لذلك كان هناك بعض التعارض بين القواعد والفروع في الفقه، كذلك الغفلة عن مقاصد الشريعة بأنه يتعين على المتجنس عند حضوره لدى القاضي أن ينطق بالشهادتين ويتخلى في نفس الوقت عن جنسيته التي اعتنقها، لكن الاستعمار حجب هذه الفتوى، وبدأت حملة لتلويث سمعة هذا العالم الجليل، وتكررت هذه الحملة الآثمة عدة مرات على الشيخ، وهو صابر محتسب ...
بأنه يتعين على المتجنس عند حضوره لدى القاضي أن ينطق بالشهادتين ويتخلى في نفس الوقت عن جنسيته التي اعتنقها، لكن الاستعمار حجب هذه الفتوى، وبدأت حملة لتلويث سمعة هذا العالم الجليل، وتكررت هذه الحملة الآثمة عدة مرات على الشيخ، وهو صابر محتسب
كتبه ابراهيم بلكيلاني ( النرويج ) 1 + 2
Your browser does not support inline frames or is currently configured not to display inline frames.
Your browser does not support inline frames or is currently configured not to display inline frames.