أَيّدَتْهُ وزارة المالية.. التفاصيل الجديدة للامتياز الجبائي لاقتناء السيارة    الكرة الطائرة .. المنتخب بطل العرب بالعلامة الكاملة    الندوة الصحفية لأيام قرطاج السينمائية..3،8 ملايين دينار ميزانية الدورة 36    الأمين السعيدي الرواية في أزمنة الغواية    احتياطي تونس من العملة الصعبة يغطّي 104 أيّام توريد    مع الشروق : من العراق إلى فينزويلا... حروب النفط والمعادن !    بمناسبة الذكرى 73 لاغتيال حشاد .. اتحاد الشغل بين التمسّك بالحوار والتلويح بالإضراب العام    كاس العرب - تعادل قطر وسوريا 1-1    الليلة: طقس بارد وأمطار غزيرة في عدد من المناطق    هيئة السّلامة الصحية للمنتجات الغذائية تفتح مناظرة لانتداب 90 عونا وإطارا    المهدية ...في ورشة تحسيسيّة لفائدة الطلبة ... العُنف الرّقمي.. عنف حقيقي    وزير التجارة يؤكّد حرص الدولة على مساندة المؤسّسات الناشطة في مجال زيت الزيتون    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    أمّة بلا أخلاق كشجرة بلا أوراق    شركة النّقل بتونس تعلن عن توقف الجولان كليا على الخط الحديدي تونس/حلق الوادي/المرسى (ت.ح.م) نهاية الأسبوع    2024.. العام الأكثر حرارة في تاريخ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    البرلمان يصادق على اجراءات استثنائية لتسوية الديون الجبائية..#خبر_عاجل    المصادقة على تسوية ديون حرفاء هذا البنك العمومي..#خبر_عاجل    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية : يوم 31 ديسمبر آخر أجل للترشح للدورة الثانية    كأس العرب قطر 2025: منتخب جزر القمر يتمسك بآمال التأهل في مواجهة نظيره السعودي غدا الجمعة    باجة: ورشات ومعرض لابداعات ذوي الاعاقة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي والوطنى لذوى الإعاقة    حفل تقديم الكتاب الجديد للدكتور محمّد العزيز ابن عاشور "المدينة في زمن الباشا بايات" بقصراحمد باي بالمرسى الاحد 7 ديسمبر 2025    لثة منتفخة؟ الأسباب والنصائح باش تتجنب المشاكل    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    تأخر انطلاق الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 والمصادقة عليه برمّته    إتحاد الفلاحة يكشف عن حجم صابة البرتقال المالطي لهذا العام..#خبر_عاجل    عاجل/ مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم ميليشيا مدعومة من اسرائيل في غزة    الرابطة الأولى: مساعد مدرب النجم الساحلي يعلن نهاية مشواره مع الفريق    لا تفوتوا اليوم مباراة تونس وفلسطين..بث مباشر..    مونديال كرة اليد للسيدات: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الهولندي    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    الدورة السابعة للأيام التجارية للصناعات التقليدية بسيدي بوزيد من 16 الى 20 ديسمبر 2025    بطاقات إيداع بالسجن في حق فتاة متهمة بترهيب النساء وسرقة هواتفهن في حي ابن خلدون*    حي ابن خلدون: فتح بحث تحقيقي في وفاة مسترابة لامرأة    عاجل: تونس تتعرّف على منافسيها في المونديال في هذا التاريخ    يوم صحي تحسيسي مجاني يوم الاحد 7 ديسمبر 2025 بالمدرسة الاعدادية 2 مارس الزهراء    المستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس ينطلق في العمل بآلة جديدة لقياس كثافة العظام    ساطور في وجه الموظفين: شاب يفشل في سرقة فرع بنكي بحمام الأنف    شوف سرّ ''الكاكوية'' لصحتك ؟!    سليانة: مساعدات عاجلة لأكثر من 1000 عائلة تواجه موجة البرد!    عاجل/ انقلاب حافلة بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    فخر لكل التوانسة: تونس تتوّج وجهة سياحية جذابة وممتعة عالميًا!    من لا يحترم الضمان القانوني...محلّه مهدّد بالإغلاق!    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    العسيري في لجنة تحكيم المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    ثنائية مبابي تنهي سلسلة تعثّر ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو بثلاثية    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ولوس أنجلوس    مجلس النواب يصادق على فصل جديد يقرّ زيادات في جرايات تقاعد النواب ويثير جدلاً واسعًا    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظهير البربري والظاهرة الأمازيغية الحلقة الثالثة: خطاب الحركة الأمازيغية
نشر في الحوار نت يوم 25 - 02 - 2010


الأستاذ. احمد دخيسي

اللغة وعاء الفكر والحضارة، لعل القارئ لخطاب الحركة الأمازيغية لا يجد صعوبة في رصد ملامحه. فالحركة لم تستطع أن تبلور خطابا ذاتيا خاصا بها تستطيع به أن تخاطب الجمهور الأمازيغي العريض. ولعل الانقسام التنظيمي له تجل واضح على مستوى الخطاب فبينما تجد فئة من الفعاليات الأمازيغية لا يتسع خطابها إلا للغة الفرنسية ولا تجيد اللغة العربية ولا حتى الأمازيغية. هذه الفئة تتعامل مع الفرنسية على أنها لغة مقدسة تسعفهم في مخاطبتهم للمغاربة الذين لا يجيدونها لدرجة أن خطاب هذه الفئة يتيه بمجرد ابتعاده عن البوصلة الفرانكفونية. وتجد فئة أخرى تتبنى خطابا انتقاميا شوفينيا جنائزيا لا يجيد سوى لغة العزاء والهلكوست، فأصبحت الكلمات المستعملة في هذا الخطاب محفوظة (التهميش، الإقصاء، الشعب الأمازيغي، الربيع الأمازيغي، السنة الأمازيغية، الحكم الذاتي، تقرير المصير، التطهير العرقي، المخزن القومجي العروبي...الخ (1).
في كثير من الأحيان تبدو الطائفية هي التي تؤطر هذا الخطاب، فأصبحنا نسمع كلاما من قبيل: «نحن أمة موزعة على تسعة أقطار في إفريقيا تمتد من المحيط الأطلسي إلى نهر النيجر وسط إفريقيا، ونهر النيل بمصر، والبحر الأبيض المتوسط في الشمال...لذلك بدأنا نؤسس عودتنا إلى التاريخ الحديث بإنشاء منظماتنا الدولية وتأسيس آلاف الجمعيات لتأطير مجتمعنا وقيادته ثقافيا وسياسيا» (2). أكثر من ذلك، هذا الخطاب المليء بالشعوذة الثقافية الذي لا يمل من مخض الماء وطحن الهواء وجعجعة البخار تجده بلبوس عربوفوني يتغذى على سمعة العنصر العربي واللغة العربية، ويبحث عن كل مظاهر التناقض معهما، لأن اللغة العربية في نظر هذه الفئة لا تعدو أن تكون لغة الغازي المستعمر العربي، القادم من الشرق، وأن الثقافة العربية «لم يعد لديها الكثير مما يمكن أن تقدمه للعالم المعاصر سوى العنف والتعصب. وهذا ما يعطي شرعية للأمازيغية كثقافة أرضية متحررة من كل العوائق التي يفرضها ثقل المقدس والمحرم» (3). ويضيف آخر "ليعلم الجميع أن المسؤول المباشر والفاعل الأصلي لمخطط إبادة شعبنا هو الأمويون... لقد طبع الأمويون أجدادنا إلى إسلام منحرف غير بريء...إذاً فالأمويون هم دهاقنة السياسة اللغوية الممارَسة في بلادنا... وهم الذين برمجوا شعبنا على إبادة نفسه» (4).
مثل هذا الخطاب تجاوز مسألة الدفاع عن الأمازيغية إلى التعصب في التعاطي مع اللغة العربية والفتح الإسلامي وإلى نتوءات شعوبية تطفو إلى السطح في مرحلة الفتور الحضاري للأمة الواحدة القوية. خطاب أقرب إلى أسطورة شعب الله المختار في شمال إفريقيا المضطهد والمفعم بالاعتزاز بالانتماء مع الإحساس بالضعف والعجز وانعدام القيمة. من هنا التعصب المفرط للثقافة والتقاليد مما أوجد حالة من الانشطار العاطفي تجاه قيم المجتمع الإسلامية (5).
الحلقة الأخرى التي وصل إليها الخطاب الأمازيغي، وهي لا تقل عدمية من سابقاتها، هي الحلقة اليسارية، حيث أن هناك أطرافا أمازيغية سقطت في «فخ التوجه العدمي لليسار الراديكالي» (6) حيث قامت مجموعة كبيرة من يتامى الشيوعية بعد موت إيديولوجيتهم التي لم تعمر طويلا، قاموا بهجرة جماعية نحو العدوى الأمازيغية لإطالة عمرهم السياسي ما أمكن، ريثما يسترجعوا قُواهم. حتى الدغرني نفسه كان في صفوف حزب التقدم والاشتراكية وكان يصف الأمازيغيين بالبرغواطيين، الآن وقد "تاب" وهاجر من اليسار إلى الأمازيغية من ضيق إلى أضيق منه «مستبدلا غصن شجرة بغصن... علا شجرة اللايكية الثورية اليسارية حتى تقصفت أغصانها، فتراءت له شجرة أصالته على ضوء الديمقراطية ودستور الديمقراطية، فهو هابط صاعد» (7).
أصبح الحديث عن ضرورة تبني الطرح التقدمي للقضية الأمازيغية حديث الساعة، على اعتبار أن الأمازيغيين منذ القدم هم اشتراكيون عفويون يعيشون وفق نمط إنتاج يرتكز إلى الملكية الجماعية للأفراد في ظل النمط الاشتراكي العفوي، وانتقلت المعركة إلى التصدي للإقطاع البورجوازي العروبي الذي يعمل على حرمان الفلاحين الفقراء من الحق في الأرض والماء وتنمية اللغة والثقافة الأمازيغيتين. أي تحول هذا الذي أقدمت عليه الفلول اليسارية من خطاب اشتراكي يتغنى بالقومية العربية إلى خطاب أمازيغي بلباس الصراع الطبقي «من أجل بناء المجتمع الاشتراكي ومواجهة الطرح الرجعي للنظام القائم المدعوم من طرف الأحزاب البرجوازية» (8)؟ كيف تحولت الأمازيغية في رمشة عين إلى مفتاح النجاة لهؤلاء اليتامى اليساريين وإلى الأمس القريب يصفون الطرح الأمازيغي بالرجعي وأن النضال من أجل الأمازيغية يشوه النضال الطبقي.
بعد أفول الاشتراكية ووصولها سن اليأس في كل مكان، فقدت تلك العناصر كل مبرر وجودها السياسي، فكان لابد لها من البحث عن خيط يبقيها حية ولو في غرفة الإنعاش ريثما تتحقق ثورة العمال، فلم يجدوا إلا الأمازيغية أمرا ضروريا في الصراع من أجل البقاء. لقد استنجد غريق بغريق، ومن يدري بما وبمن يستنجد هؤلاء بعد أفول مخلصهم الجديد، ﴿اَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الاَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوَ اذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الاَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾[الحج:44].
---------------
الهوامش:
1- جريدة الجسر، عدد 35، محرم 1417ه / يونيو 1996م
2- أنظر حوار الجزيرة نت مع أحمد الدغرني www.aljazeera.net
3- المسألة الأمازيغية بالمغرب. مصطفى عنترة، ص 34
4- جريدة المستقل، العدد الصادر من 26 يوليوز إلى 1 غشت 2001
5- التخلف الإجتماعي سيكولوجية الإنسان المقهور. د مصطفى حجازي، ص115-116
6- جريدة ملفات، عدد 18، نونبر 2008
7- حوار مع صديق أمازيغي. عبد السلام ياسين، ص 76
8- جريدة النتدى الأمازيغي، العدد1، دجنبر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.