شيّع أهالي الراقوبة بقصر قفصة بعد ظهر أمس الأول جثمان الامرأة التي قُتلت على يد بعلها الذي يكبرها ببضع سنوات إلى مثواها الأخير بمقبرة المكان، فيما يواصل أعوان فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بقفصة البحث في ملابسات الجريمة وتحديد مكان المشتبه به بالتنسيق مع الأنتربول بعد بلوغ معلومة حول هروبه نحو ليبيا. وبالعودة إلى أطوار الجريمة علمنا أنّ مكالمة هاتفية أو إرسالية قصيرة وردت على الهاتف المحمول لإحدى قريبات الهالكة تطلب منها التحوّل إلى المطعم الذي تُديره الضحية حيث تتواجد الاخيرة دون إشعارها إن كانت ميتة أو على قيد الحياة. محاولة اتصال فاشلة حاولت هذه القريبة الاتصال بالرقم الهاتفي ولكنها عجزت فقررت التوجه إلى المطعم للبحث عن قريبتها المفقودة منذ عدة ساعات، ولكن بوصولها لم تعثر عليها فيما كان المطعم مغلقا فحاولت الاتصال بها هاتفيا غير أنّ هاتفها كان خارج الخدمة او مغلقا أيضا لذلك استعانت بفني في الحدادة لخلع أحد البابين الرئيسيين للمطعم. مشهد فظيع حلّ الحدّاد بالمكان وانطلق في خلع الباب وسط شدّ عصبي انتاب القريبة... فُتح الباب فكانت المفاجأة الأليمة في الانتظار... أرضية المطعم والجدار ملطخان بالدماء... رائحة الجريمة تفوح من المكان... واصلت القريبة الدخول نحو مطبخ المطعم بخطى «مرتجفة» ثمّ سرعان ما أطلقت عقيرتها بالصراخ... لم تتمالك المسكينة نفسها وهي تقف على أبشع وأفظع مشهد في حياتها... جثة قريبتها ملقاة أرضا والدماء تلطخها من كلّ جانب وسكين مغروسة في كتفها... معاينة وتحريات على صدى صرخات القريبة تجمّع الأجوار بالقرب من المطعم لاستجلاء الحقيقة، حلّ أعوان الأمن والسلط القضائية، وعاينوا موقع الجريمة وجثة الهالكة قبل رفعها ونقلها إلى المستشفى لفحصها ثمّ انطلقت الابحاث من طرف رجال فرقة الشرطة العدلية بقفصة وانحصرت الشبهة مباشرة حول زوج الضحية المختفي فتمّ في الحين التنسيق بين مختلف الوحدات قبل أن تتوفر معلومة تفيد بمغادرته الحدود التونسية قبل اكتشاف الجريمة فانطلقت المجهودات للقبض عليه بالتعاون مع «الأنتربول». تعارف فزواج وفي انتظار الإيقاع بالمشبوه فيه كشفت المعطيات التي تحصلت عليها «الأسبوعي» من مصادر مختلفة أنّ الزوج أصيل ولاية سوسة وهو رجل أعمال ناجح كان تعرّف منذ عدّة سنوات على الهالكة التي كانت تعمل بسوسة ثمّ اتفقا على الزواج. استقرّ الطرفان بعد الزواج بسوسة ولكن الامور المادية للزوج بدأت تتعكر فاقترحت عليه زوجته مغادرة سوسة والاستقرار بمسقط رأسها فكان لها ما أرادت واستقرت العائلة بقصر قفصة ثمّ فتحت الزوجة مشروعا يتمثل في مطعم على الطريق الرئيسية بالراقوبة فازدهرت الاحوال المادية مجددا للعائلة ولكن بدأت الخلافات تدبّ في العلاقة الزوجية. خلافات متعددة تعدّدت الخلافات بين الزوجين حتى اصبح الزوج بين الحين والآخر يعنف زوجته فتتدخل عائلتها لتهدئة الخواطر وإعادة المياه إلى مجاريها. ولكن فجأة قرّر الزوج الهجرة إلى الخارج لتحسين وضعيته المادية بعد شعوره بالقهر إثر فقدانه لأمواله ولكن الزوجة عارضته على ما يبدو بشدّة وطلبت منه مرارا التخلّص من هذه الفكرة التي «عشّشت» في ذهنه، وأمام إصرار كل طرف على رأيه ومطالبة الزوج لزوجته بمدّه بمبلغ مالي وربما مصوغها أيضا ليتسنى له الهجرة تعمقت الخلافات بين الطرفين وبلغت طريقا مسدودة. الجريمة تجددت الخلافات بين الزوجين قبل يومين من وقوع الجريمة ويوم الواقعة تحول الزوج إلى المطعم للعمل... ذكر شهود عيان أنه كان في حالة غير عادية ومشوّش الأفكار وفي المساء غادر المحل رفقة زوجته. ويبدو أنّ المظنون فيه قرّر حينها الهجرة والفرار من واقع لم يتأقلم معه فغادر في ساعة متأخرة من الليل البيت واستقلّ السيارة باتجاه المطعم فالتحقت به الزوجة وهناك تجدّد الخلاف بينهما وتفطن بعض المارة للخصام ولكنهم رفضوا التدخل بين الزوجين، لتتطوّر المسألة إلى مشادة كلامية اعتدى أثناءها الزوج على شريكة حياته وأم طفليه بالعنف ثم تسلّح بسكين وسدّد لها سلسلة من الطعنات المتتالية حوالي 20 طعنة في ظهرها وعندما تراجعت الزوجة عن المقاومة وخفت صوتها ثمّ فارقت الحياة غرس نصل السكين في كتفها من جهة الظهر وجرّ جثتها من وسط المطعم نحو المطبخ ثمّ أغلق المحل وتوجه إلى البيت على الأرجح لتغيير ملابسه وانطلق نحو الجنوب التونسي. الفرار تضاربت الأقوال هنا حول الطريقة التي غادر بها الزوج البلاد إثر الجريمة، فلئن أشار البعض إلى انه استقل طائرة نحو بلد مجاور يتواجد به قريبه ذكرت مصادر أخرى أنّه توجه بسيارته نحو إحدى مدن ولاية مدنين حيث ترك السيارة واستقلّ وسيلة نقل جماعي نحو بلد مجاور، وحين وصل أعلم قريبة الهالكة بالجريمة. التحريات متواصلة إلى حدّ كتابة هذه الأسطر من طرف المصالح الأمنية التونسية بالتنسيق مع «الانتربول» في محاولة للقبض على المشتبه به.