هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    إعداد منير الزوابي .. غيابات بالجملة والبدائل جاهزة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرجاني:منظمة المهجّرين ضاقت بالمشروع الوطني الذي نريده
نشر في الحوار نت يوم 30 - 03 - 2010

الفرجاني:منظمة المهجّرين ضاقت بالمشروع الوطني الذي نريده

السبيل أونلاين - لندن - تونس - خاص (ملف منظمة المهجّرين) -أمام المنظمة:إما إستيعاب جميع الأطراف بما ذلك أصحاب الخيار الإستراتيجي الذى يهدف إلى تنظيم الحالة المهجرية في سياق وطني مناضل وهو ما يستوجب الإسراع في عقد مؤتمر إستثنائي يعالج مجمل المشاكل المطروحة،أو أن المنظمة ستبقى كيانا محدودا جدا في طموحاته ودوره...
قال أن ما حصل من تجاوزات من الهيئة الإدارية دفعني إلى الإنسحاب
سيد الفرجاني : منظمة المهجّرين ضاقت بالمشروع الوطني الذي نريده
السبيل أونلاين – لندنتونس – خاص (ملف منظمة المهجّرين)
تمهيد : كان ميلاد "المنظمة الدولية للمهجّرين التونسيين" منذ أقل من سنة مضت ، تتويجا لحراك مضن من قبل فاعلين في الساحة المهجرية وكانت حلقته الأبرز المؤتمر التأسيسي الذي إنعقد بمدينة جينيف السويسرية بتاريخ 20 و21 جوان 2009 ، وقد شكّل ذلك المؤتمر حدثا إعلاميا وسياسيا إستثنائيا خطف الأضواء وشدّ إليه الأنظار محليا ودوليا ، وإستفاق العالم على مأساة الشتات التونسي الذي تعيشه مئات العائلات التونسية المهجّرة في أكثر من خمسين دولة في العالم .
ولعل أبرز ما ميّز هذا الحدث الوطني التاريخي البارز تزامنه مع أكبر لقاء لأبرز أطراف الحراك المدني والسياسي والذين إجتمعوا على هامش المؤتمر في ورشة حوار سياسي مغلق كانت نتيجته إصدار بيان سياسي في نهاية المؤتمر إتفقت فيه المعارضة التونسية عن تشخيص موحد للوضع العام بالبلاد وقررت تفعيل آليات العمل المشترك في أفق جبهة وطنية موحدة .
وبالنظر إلى حجم المؤتمر التأسيسي فقد علقت آمالا كبيرة على المنظمة والقائمين عليها ، إلا أن آداءها حسب المراقبين لم يكن في حجم الإنتظارات وكان طيلة الأشهر الثمانية الماضية ضعيفا إن لم يكن منعدما.
إن ما لا يعلمه الرأي العام هو أن المنظمة كأغلب مؤسسات المجتمع المدني والسياسي ببلادنا عانت وتعاني من مشاكل داخلية كشف جزءا منها البيان الأخير لهيئتها الإدارية ، فقد بدأ الإختلاف داخل المنظمة بحسب معلوماتنا الدقيقة أياما قليلة بعد المؤتمر التأسيسي حيث سبق لرئيسها السيد نور الدين ختروشي أن قدّم إستقالته الأولى بعد أقل من أسبوعين فقط من مؤتمر جينيف وتراجع عنها بضغط من بعض الأعضاء ثم جمّد مهامه كرئيس نهائيا شهرا بعد إنعقاد الهيئة الإدارية الأولى ، وبقيت المنظمة عمليا ومنذ أكتوبر 2009 بدون رئيس .
وما نريد التأكيد عليه بالمناسبة أن قضية الاجئين التونسيين هي قضيتنا بإعتبارنا موقعا إعلاميا وطنيا مهجّرا ، وأن تناول الأزمة التى تمر بها المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين هو من صلب العمل الإعلامي الوطني البديل ، ومن أهم منطلقاته تكريس الشفافية والبحث عن الحقيقة لإنارة الرأي العام بالمعلومة الصحيحة بعيدا عن مزاعم التشهير التي قد يتمترس وراءها من له مصلحة في التعتيم على ما يجري داخل المنظمة ، وعليه فإن ما يدور في منظمة المهجّرين لا يهم القائمين عليها فقط وإنما كل مكونات الساحة الوطنية .
وسعيا منّا إلى معرفة أسباب وخلفيات الأزمة قام السبيل أونلاين بإتصالات مكثفة بالأطراف المعنية داخل المنظمة ننشرها تباعا في شكل حوارات ونصوص ، واليوم ننشر المقابلة التى جمعتنا بالسيد سيد الفرجاني الذي يعد من ابرز الشخصيات الوطنية التى ساهمت بفعالية في صناعة وبلورة مشروع المنظمة الدولية للمهجّرين التونسيين ، وفي ما يلي نص المقابلة :
السبيل أونلاين : كيف تقرأ الوضع السياسي العام للبلاد وأوضاع المعارضة الوطنية على وجه الخصوص ؟
سيد الفرجاني : الوضع السياسي في تونس يشهد انسدادا وتدهورا ، و الواقع السياسي الماثل أمامنا في هذه اللحظة هو ابن شرعي مباشر لموازين القوى بين السلطة وقوى المجتمع ، وبالتالي فكل ما يحصل من انتهاكات واستمرار هيمنة السلطة على المجتمع ليس إلا انعكاسا لإنخرام موازين القوى على حساب تطلعات شعبنا وطموحاته وقواه الحية المناضلة .
ثم إن ما نشهده من رداءة في الاداء السياسي للمعارضة عموما هو سبب مباشر لبعض العوامل التالية :
أولا: السلطة عملت منذ مجيء بن علي على إفراغ فضاء المجتمع المدني من الكيانات الأصيلة .
ثانيا : إضعاف ما استعصى على السلطة اجتثاثه من وحدات المجتمع المدني المتبقية ، عبر الضغط المستمر على الجمعيات والأحزاب بل ومحاولة اختراقها وتحويلها إلى كيانات تابعة للسلطة .
وقد نجحت السلطة في اختراق بعض الكيانات وتحويلها إلى كيانات تابعة ومتحكم فيها من طرفها . كما نجحت في تحقيق اختراق أمني وسياسي لرموز معروفة في تلك الكيانات السياسية والحقوقية وإلاجتماعية وحولتها إلى طابور خامس يتبنى سياسات السلطة وأهدافها من داخل تلك الأطر .
والملاحظ أن بعض تلك الرموز ينسّق مع السلطة ، أما البعض الآخر فيتحرك في إتجاهها بحسن نيّة ، وقد أصبح هؤلاء عامل شلل داخل تلك الهياكل ، فهم يتحركون داخلها لصالح السلطة .
كما لا يفوتنا الإشارة إلى تفشي ظاهرة النفعيين ومحبي البروز والزعامة في أوساط المعارضة والذين أفسدوا كيانات المجتمع المدني والنخبة التونسية عموما ، وهوما جعل أطر المجتمع المدني الأصيلة وبعض الحركات والأحزاب تعيش واقعا لا تحسد عليه أمام الهيمنة المتزايدة للسلطة على الفضاء العام . لقد تحوّلت الحياة السياسية في البلاد إلى واقع محبط للوطنيين المناضلين ومشجع للسلطة على مزيد الإعتداء على كرامة وحقوق الشعب التونسي كما أصبح النظام في طريق مفتوح لممارسة الاستبداد مما شجّع استشراء الفساد في هياكل الدولة والمجتمع في غياب أي رقيب .
والملاحظ أن تونس شهدت استبدادا بقشرة مدنية في العهد البورقيبي ثم استبدادا بقشرة بوليسية خلال حكم بن علي ويتهددها حاليا السقوط في نمط استبداد بقشرة مافيوية .
حقائق الوضع بالبلاد كما عرضناها سابقا هي وراء التقاء القوى السياسية في الداخل والخارج في جينيف بسويسرا وتدارسها التنسيق المتدرج نحو تحقيق عمل مشترك لإنقاذ البلاد من المستقبل المجهول الذى يتهددها خصوصا بعد بن علي ، وكان وعينا حادا بأن تجميع قوانا المشتتة هو المقدمة الضرورية للتحرك السليم نحو تعديل موازين القوى . وأما المسار الثاني فكان في تأسيس المنظمة الدولية للمهجّرين التونسيين . وكانت ولادة المنظمة ككيان مستقل يركز على العمل في المهجر ضمن سياقه الوطني الشامل .
والملاحظ أن هناك من يري أن الحديث عن مشاكل المنظمة في الإعلام تشهيرا ونشرا للغسيل يستفيد منه خصوم المنظمة وخصوصا السلطة ، تلك المقدمة وهذا السياق يفترضان السكوت والتكتم على كل الأمراض التى حدثت أو تحدث في أي جسم وطني وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى تأبيد عاهاته وأمراضه . لكن هناك من يري أنه لا بد من ثبيت ثقافة جديدة تقول بأنه إذا تخمّرت المشاكل وتحولت إلى دائرة الأزمة واستعصى الحل ، فمن حق الجسم الوطني أن يعلم بما حدث بدقة معقولة بعيدة عن الشخصنة بقدر الإمكان من أجل استخلاص الدروس والاستفادة منها في المستقبل وهو بالنتيجة بما يتيح للحركة الوطنية المناضلة أن تستفيد من أخطاءها وتتعلم من تجاربها وتراكمها في الاتجاه الصحيح ولا تبقى في كهوف السرية وثقافة التبرير بما يعيد إنتاج سلطة الاستبداد ذاتها داخل هياكلنا.
السبيل أونلاين : ساهمت في بلورة مشروع المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين قبل الدعوة إلى مؤتمر تأسيسها في مدينة جينيف في جوان 2009 ، فماهي أهم مرتكزات المشروع ؟ .
سيد الفرجاني : إضافة إلى السياق الذي سبق ذكره فقد برزت فكرة المنظمة في سياق الهرولة بإتجاه الحلول الفردية لما يسمي بالعودة ، مع الملاحظة أن ما يطلق عليه بالعودة أصبح في الحقيقة زيارة مهاجرين لأهاليهم اذ تحول مشروع العودة إلى زيارة الأهل والسياحة بدل مشروع عودة متكاملة مثلما نص عليها البيان التأسيسي للمنظمة . كما اتسمت تلك العودة أحيانا بالذلة وكانت مؤشرا لمزيد التدهور داخل الساحة الوطنية بل وساهمت في توسيع حالة الاستقالة والإحباط في الداخل والخارج عموما . فكان من أهدافنا المباشرة والمرحلية لتأسيس المنظمة ، بعث إطار للمهجّرين يعمل على تنظيم واستيعاب العودة في سياق وطني يحفظ كرامة الفرد والمجموعة العائدة ويحقق لهم شروط العودة الكريمة الآمنة والشاملة والتى لا تستثني أحدا مثلما نص عليها البيان التأسيسي.
أما الأهداف الاستراتيجية التى يحملها بعض المؤسسين الرامية إلى تحويل الحالة المهجرية من العطالة إلى عامل قوّة ينخرط في العمل الوطني ويعضد الداخل ويفتح آفاقا واسعة بعيدة عن منال السلطة وتحكّمها ، وتختلف تماما عن حالة التحكم والضبط الحاصلة داخل البلاد ، مما يحوّل المهجر إلى قيمة مضافة نوعية جدا تعضد العمل الوطني في الداخل وتفسح المجال بجدية لتغيير موازين قوى المجتمع ضد هيمنة السلطة وهو ما يستدعي أن يتأسس العمل المهجري على أساس خدمة وتنظيم كل شرائح أبناء تونس في الخارج سواء أولائك الذين هربوا في قوارب الموت عبر البحر أو الذين يرزحون في سجون أوروبا نتيجة للبطالة ووقوعهم في شرك عصابات الجريمة المنظمة في الغرب ، كما أن خدمة العائلات في الخارج والطلبة ورجال الأعمال والكوادر من أكادميين وأطباء ... إلخ ، هو من صلب عمل المنظمة التى لا يمكن أن تتحول إلى قوة حقيقية تفيد النضال الوطني وتساهم بجدية في دفع النظام المستبد إلى التنازل إلا إذا إلتزمت بالبعد الإستراتيجي الذي نشدد عليه هنا . وقد كان مشروع اللائحة العامة والقانون الأساسي اللذان قُدّما إلى المؤتمر يمثلان الحدّ الأدني المقبول الذي زاوج بين الرؤية المطلبية المباشرة والرؤية الاستراتيجية لكي تنطلق المنظمة على أرضية صلبة وتبقى فضاء يضم الجميع . يساهم في بناءها الرصين والمتدرج .
إلا أنه ومنذ انطلاق المؤتمر حدثت بعض الاعطاب ووقع تقزيم اللائحة العامة بإسقاط بعض المسائل الاساسية منها :
اسقاط مطلب العفو التشريعي العام الذى يمثل الحد الادني الضروري لتحقيق العودة الآمنة بالنسبة للبعض ، بل إن هناك من الأعضاء من لا يثق في السلطة أصلا حتى ولوسنت عفوا تشريعيا عاما ، فما بالك إذا لم تلتزم المنظمة في مؤتمرها بمطلب العفو التشريعي العام و يستذكر أصحاب هذا الرأي ما فعله النظام سنتي 1988 / 1989 حيث زكّى صيغة من صيغ العفو التشريعي لكن السلطة لم تلتزم به . فمن يلغي العفو التشريعي العام مثلما وقع في المؤتمر فقد ألغى العودة الآمنة التى نص عليها البيان التأسيسي . كما قلّص المؤتمر فضاء العمل الاستراتيجي وبالتالي تم ضرب وثيقة الحدّ الأدنى الوفاقية التى جهزت قبله انعقاده .
والمعلوم أن الوثيقة كانت تعكس حرص رئيس المنظمة السيد نور الدين ختروشي على جمع جميع الأطراف المختلفة للانخراط في المنظمة . كما مثلت تلك الوثيقة توازنا بين رؤى مختلفة جذريا وبالتالي فإن إضعاف مضمون الوثيقة مثّل إضعافا مبكرا للرئيس من ناحية وتحجيما لأصحاب الخيار الاستراتيجي في المنظمة
السبيل أونلاين : كيف تقرأ ما جاء في البيان الأخير للهيئة الإدارية للمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين ؟
سيد الفرجاني : أهم ما جاء في البيان هو طلب الهيئة الإدارية من الرئيس الاستقالة واستجابته لذلك وطبقا لبيان الهيئة الإدارية "فقد توافق أعضاء الهيئة الإدارية على إقالة الرئيس" الذي استجاب لطلبهم وهو ما يدعونا للتوقف عند موضوع الرئاسة والتأكيد على ما يلي :هناك في ما يخص الرئاسة خلل خطير جدا وقع في المؤتمر وهو خطير على أي هيكل وخاصة على منظمة دولية أعضاءها موزعون على أكثر من دولة وهو ما يدعونا إلى التساؤل عن أصحاب المسؤولية عن هذا الخلل والذي من أبرز عناصره :
واحد : لم تتم في المؤتمر المصادقة على القانون الأساسي الذي أعد بعناية فائقة وكان ضروريا لحسن سير المنظمة بعد المؤتمر خصوصا .
ثانيا : وقع التسرع في انتخاب المكتب التنفيذي كهيئة تنفيذية ثانية وموازية للرئاسة ضمت رئيس المؤتمر في حين لم يتم الحرص على انتخاب الهيئة الإدارية التى تمثل أعلى سلطة تشريعية بين مؤتمرين وتراقب عمل مؤسسات المنظمة.
ثالثا : وبناءا على ما سبق فإن المنظمة خرجت من المؤتمر برئيس ينازعه مكتب تنفيذي في الصلاحيات التنفيذية مع غياب قانون أساسي كمرجعية ودون هيئة إدارية منبثقة من المؤتمر ، وهو ما شكل مأزقا غير مسبوق يتحدى حسن سير المنظمة بل وحتى استمرارها ، خصوصا بعد تحدي المكتب التنفيذي لصلاحيات الرئيس والسقوط في متاهة التأويلات لتوصيات وقرارات المؤتمر بعيدا عن أي مرجعية .
ولذا فقد ضُربت المنظمة على مستوى مشروعها التوافقي المضمن في اللائحة العامة ، ثم ضربت في هياكلها التنفيذية ، ثم ضربت بطلب الهيئة الإدارية (التى وقع تشكيلها بعد المؤتمر كمحاولة لملء فراغ دستوري واضح نتيجة لما ذكرناه آنفا حول المؤتمر) من الرئيس الاستقالة وهذا يعني الخلاصات التالية :
أولا: أن رئيس المؤتمر والهيئة المشرفة معه ، هم الذين يتحملون المسؤولية المباشرة على إنتاج منظمة دون قانون أساسي وبرأسين تنفيذيين مع إهمال انتخاب مؤسسة الهيئة الإدارية المهمة التى تمثل المرجعية الرئيسية للمنظمة بين مؤتمرين .
ثانيا : أن رئيس المؤتمر هو المنسق للمكتب التنفيذي الجديد في غياب مؤسسة الرئاسة جملة وهو ما يدعو إلى طرح السؤال الآتي : هل أن ما تم من اخلالات هو بتدبير مبيّت من قبل رئيس المؤتمر سابقا ومنسق المكتب التنفيذي الوارث لموقع الرئاسة عمليا ؟..أم أنه جاء عفويا وأن الأخلال التى تمت ووصفت آنفا إنما هي ناتجة عن قلة خبرة لهذا المسؤول ؟ ، فإذا كان الاحتمال الثاني هو الأصح ، فما هو مصير منظمة تعيش في هذا الواقع من الإخلالات بالجملة ؟ ، وأي مصير يترقب منظمة يشرف عليها من قام بهاته الأخطاء ؟ ، مما يتوجب على المنظمة أن تسارع وبدون إبطاء إلى التنادي الى مؤتمر قانوني ودستوري يصحح جملة الإخلالات المذكورة آنفا ويعيد الثقة في المنظمة وأهدافها ، وهو يفتح الباب واسعا لاتهام الهيئة الإدارية القائمة باللا دستورية . اذ لا يحق لها أن تقيل رئيس المنظمة الذي هو أقوى شرعية منها بما أنه منتخب مباشرة من المؤتمر ، وربما كان مستساغا لو نادت الهيئة الإدارية إلى انتخاب رئيس جديد مباشرة من أعضاء المنظمة كما حصل للهيئة الإدارية ذاتها .
السبيل أونلاين : يبدو أنك لم تعفي الرئيس السيد نور الدين ختروشي من الوضع التى آلت إليه المنظمة ، فكيف تشرح لنا موقفك ؟
سيد الفرجاني : رغم تثميني للعقل الاستراتيجي والروح التوافقية التى يتسم بها رئيس المنظمة نور الدين ختروشي ، ولكن لا يفوتني أن أسجّل المؤاخذات التالية :
أولا : ربما لاعتبارات عملية وقع تأسيس التنسيقية أساسا من عناصر باريس حتى أضحت قيادة المنظمة يسيطر عليها عامل الجغرافيا وليس بالضرورة الكفاءة وهو ما أعتبره بداية الإخلال .
ثانيا : تثبيته لرئيس المؤتمر دون ترك مسؤولية الاختيار إلى المؤتمرين .
ثالثا : المعمول به تقليديا أن رئيس المؤتمر يكون محايدا وعادة ليس مرشحا للانتخاب ، في حين أن رئيس المؤتمر المثبّت من طرف السيد نور الدين ختروشي . كما أن معظم الهيئة المشرفة على المؤتمر والذين هم أعضاء تنسيقية المبادرة قبل التأسيس ، قد أصبح معظمهم مشرفين على المؤتمر مما يمس من حيادية الإشراف الواجب توخيها لتحقيق انتخابات نزيهة وتوفير تساوي فرص المرشحين ، وربما يكون انتخاب معظمهم في المكتب التنفيذي للمنظمة كان نتيجة مباشرة لهذا الخلل الإجرائي والتنظيمي .
رابعا : حين أصبح المكتب التنفيذي ينازع الرئيس في صلاحياته الرئاسية في غياب قانون أساسي وهيئة إدارية تشريعية ورقابية كمرجعية عليا للمنظمة منتخبة من المؤتمر ، وفي ظل انعدام انسجام الرؤي حول مستقبل المنظمة وكيفية تسييرها وتشكيل هياكلها حاول الرئيس بعد ما يقارب العشرة أيام من المؤتمر تقديم استقالته. وقد نجحنا في إثنائه عن الاستقاله وكنا ننتظر أن يقع اتفاق على تحديد مؤتمر استثنائي لا يتجاوز السنة منذ التأسيس حتى يتم تجاوز جملة الأخطاء التى أنتجها المؤتمر التأسيسي وأضحت حجر عثرة أمام سير المنظمة بسلاسة وانسجام .
خامسا : قبول الرئيس الذي استمد شرعيته من المؤتمرين مباشرة لطلب تقديم الاستقالة من الهيئة الإدارية في حين أنها تفتقد إلى شرعية كاملة بما أنها لم تنبثق مباشرة من المؤتمر بل هي حلّ وقتي مقبول لحين المؤتمر الاستثنائي ، ورغم تقديري الكامل لجميع الأعضاء سواء في الهيئة أو في المكتب التنفيذي أو شخص الرئيس وليس لدي أي مشكل شخصي مع أي منهم فإن الخطأ في هذه الحالة يلامس حدّ العبث .
السبيل أونلاين : ما هي دواعي قرار إنسحابك من المنظمة ؟
سيد الفرجاني : رغم تراكم المشاكل المذكورة آنفا إلا أنه تم تجنب - ولأمر غير مفهوم - عقد المؤتمر الاستثنائي ، والذي كان يمكن أن يعالج كل تلك الاخطاء ويضع المنظمة على المسار السليم . ومن المهم القول أنه لم يقع إعلام أعضاء المنظمة بكل ما يجري داخلها كحق مشروع لكل عضو فيها على القيادة الموجودة فالشفافية مبدأ أساسي نصصت عليه اللائحة العامة للمنظمة ، كما أنه من المهم الإشارة إلى الطريقة الغير لائقة في استبعاد الرئيس في اجتماع الهيئة الإدارية الأخير .
وبالنسبة لي أعتبر نفسي من الأشخاص الذين يتبنون الخط الإستراتيجي في المنظمة الرامي إلى بناء الحالة المهجرية عموما وهو ما يستدعي أن تكون المنظمة في سياق وطني ، ليتأسس العمل المهجرى على أساس خدمة وتنظيم كل شرائح أبناء تونس في الخارج سواء أولائك الذين هربوا في قوارب الموت عبر البحر أو المئات الذين يرزحون في سجون أوروبا ، عبر بعث كيانات متخصصة تخدم قضاياهم ، كما تعمل على تنظيم الطلبة ورجال الأعمال والأطباء والاكادميين والكوادر بالخارج و تركز على مختلف قضايا التونسيين بالمهجر وتكون كل الكيانات ممثلة داخل جسم المنظمة ، في حين أن نتاج ما تمخض عن المؤتمر الماضي أختزل مشروع المنظمة في محاولة الحصول على جوازات سفر لإمكانية العودة بدون أي ضمانات حيث وقع التخلي عن مطلب العفو التشريعي العام كضمانة للعودة الآمنة والكريمة وهذا ما يشير إلى دخول جيب يؤمن بهذا الطرح المختزل من داخل حركة النهضة - ولنا عودة لاحقا إن شاء الله إلى موضوع النهضة - في السياق الوطني بمعزل عن المنظمة .
والخلاصة أننى كنت منسحبا عمليا من قبل للأسباب المذكورة وما حصل في لقاء الهيئة الإدارية الأخير من تجاوزات غير مقبولة جعلني أعلن إنسحابي وليس إستقالة لأن الإستقالة تقدم إلى جهة دستورية ، وكتبت للقائمين عن المنظمة حرفيا : "من فضلكم أشطبوا إسمي من قائمة المنتمين إلى منظمتكم" ، حيث لم يعد لي مشترك معهم في أي شيء طالما بقيت على حالها .
السبيل أونلاين : أجمع الكثير من المتابعين على ضعف اداء المنظمة رغم الزخم الذي أحدثه مؤتمرها التأسيسي ، فكيف تفسر هذه المفارقة بين حجم المؤتمر واداء المنظمة منذ 22 جوان 2009 ؟
سيد الفرجاني : إن ما أحدث الزخم للمؤتمر التأسيسي في جينيف هو البعد الوطني الذي أرادات أن تؤكده المنظمة بحضور الرموز الوطنية الذين أوتوا لتدعم مشروع وطني لكل أبناء المهجر ، كما كانوا يدعمون المنظمة لأنها تعمل في سياق وطني نضالي وبوصفها قيمة مضافة للنضال الوطني في وجه الاستبداد وتحقيق الحريات داخل البلاد .
ثم إن بنية المنظمة وهيكليتها واضطراب رؤيتها وكل الاخطاء التى سبق التفصيل فيها ، يضاف إليها تقلص مشروعها إلى دائرة المطلبية المحصورة في جواز السفر ، مما يوحي بأن المنظمة قد تخلت عن مشروعها الوفاقى الأول الذي انطلق عند التأسيس .
السبيل أونلاين : كيف تنظر إلى المستقبل في ظل هذه الظروف ، وهل من مخارج وحلول ممكنة؟
سيد الفرجاني : أمام المنظمة : إما إستيعاب جميع الأطراف بما ذلك أصحاب الخيار الإستراتيجي الذى يهدف إلى تنظيم الحالة المهجرية في سياق وطني مناضل وهو ما يستوجب الإسراع في عقد مؤتمر إستثنائي يعالج مجمل المشاكل المطروحة ، أو أن المنظمة ستبقى كيانا محدودا جدا في طموحاته ودوره ، والأكيد أن من لم تسعه المنظمة سيتطلع إلى آفاق جديدة .
السبيل اونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.