عنف التلاميذ جدران المعاهد والمدارس ليطال الحسابات البريدية للأساتذة، واتخذ بعض «خفافيش النات»، كما نعتهم أخصائي في علم الاجتماع ، هفوات بعض المربين في خبرتهم المتواضعة بنقاط ضعف الانترنيت والحد السلبي للمواقع الاجتماعيا وسيلة مبتكرة لتصفية حسابات تجعل العلاقة بين الأستاذ وتلميذه أبعد ما يكون عن المثل القائل « قم للمعلم وفه التبجيل...». ويحولها بعض تلاميذ القرن الواحد والعشرين حربا اليكترونية تحمل شعار «انتقم من المعلم وركب له صورا.. كاد المعلم أن يكون عدوا». ولعل ما اقترفه تلميذ من تجاوزات لا أخلاقية في حق أستاذة بأحد معاهد حمام الأنف، حيث عمد إلى إنشاء موقع باسمها على «الفايسبوك» متضمنا لصورة وجهها مركبة على صور خليعة، ردا على الإنذار الذي أسندته له، ثم أعلم زملائه بالموقع قصد التشهير بها ، لعل ذلك يبرز مدى خطورة الظاهرة التي لم يجد الأساتذة مفرا منها سوى «الهروب» من المواقع الاجتماعية خاصة أمام ثغرات القانون التربوي الذي لم يحين ولم يحدد بعد العقوبات على الجرائم الافتراضية كالتي ذكرنا. استقالة وأمام هذه الورطة، لجأ بعض الأساتذة إلى الاستقالة من المواقع ولئن توحدت أهدافهم في الوقاية من مزيد التوتر والانحرافات التي ما انفكت تشوه العلاقات مع التلاميذ، فقد تعددت أساليبهم. وتقول السيدة ليلى المعلاوي أستاذة تاريخ بعد سؤالها عن مدى حق التلميذ في نقد ظلم بعض الأساتذة عن طريق الانترنات « يمكن للتلميذ استرداد حقه عن طريق الإدارة، إذا تعرض إلى الظلم ولكن لا مبرر لوضع صور الأساتذة والتشهير بها ، لأنه على التلميذ التعامل مع المربي على انه مربي يبقي الدرس ويسند الأعداد، لا غير ، والعلاقة لا يجب أن تتجاوز جدران المؤسسة التربوية.» وقالت زميلتها حنان بن مبارك « لا يمكن تبرير هذا النوع من التشهير باسم حرية الرأي أو حق استعمال النقد لأن هذه الحقوق ليست مطلقة بل هي مقيدة بضوابط تمنع الإساءة للآخرين مهما كانت الدوافع.» وعن السبل التي ارتأتها مجموعة من المربين الذين التقيناهم ، تلونت كلها بالهروب واتحدت في نقطة استفهام حامت حول صمت الوزارة والمقننين أمام ثقافة العنف التي تسرق الأضواء من طلب العلم ومراجعة الدروس والارتقاء بالمستوى الثقافي، وتحولها إلى أسلحة المواقع الاجتماعية الدمارة. وصرحت مربية بان الانترنات امعنت في الفجوة بين الاجيال وهي تملي اليوم ضرورة أن يتعلم المربي آليات استعمالها ، وقالت محدثتنا أنها تعتمد على ابنها ( تلميذ الباكالوريا )في تعليمها الاستعمال الصحيح للانترنيت، كأن لا تسمح برؤية صورها على المواقع الاجتماعية الا من قبل أصدقائها الذين تعرفهم شخصيا. واختارت زميلتها أن تهجر المواقع الاجتماعية وتكتفي بالهاتف الجوال في التواصل مع الأصدقاء، متقية إساءة التلاميذ. .. اعتراف واعترف بعض الأساتذة بمسؤوليتهم في اختراقات التلاميذ لحرماتهم الاليكترونية ، وبرروا ذلك بعدم معرفتهم الواسعة بالانترنات وتقنيات الفايسبوك وضرورة الدقة في التعامل معه. وهو ما ساعد التلاميذ في اقتراف جرائمهم الاليكترونية، إلى جانب فراغ القانون والنظام التربوي الداخلي. ويقول محام في هذا الصدد « بات من الضروري وضع الضوابط اللازمة لتنظيم وتقنين ما يعرف بقضايا النشر في الإنترنات وما يتبعها من مخالفات تمس الناس في سمعتهم وكرامتهم ومحاولة النيل منهم بطريقة دنيئة من خلال جريمة التشهير عبر الإنترنات التي أصبحت تشكل ظاهرة سلبية في العديد من جوانب الحياة الاجتماعية والإعلامية، خاصة في ظل التطور والتقدم التقني والتكنولوجي الهائل في مجال المعلومات الإلكترونية أو ما يعرف بثورة الأنترنات». شخصية سيكوباتية وقال أستاذ في علم الاجتماع عن التلاميذ المعنيين بالتجاوزات الاليكترونية على حساب أساتذتهم «هؤلاء الأفراد يحاولون تحقيق الإشباع الذاتي والتوافق النفسي لذواتهم عن طريق بث ونشر الأخبار السيئة عن أشخاص آخرين خالفوهم الرأي أو قمعوا رغباتهم في الانحراف والانحلال» ونعتهم الأستاذ بغير الأسوياء أو المضطربين نفسيا بما يعرف الشخصية « السيكوباتية « أي الشخصية الناقمة على المجتمع.