بسم الله الرّحمن الرّحيم بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) الفاتحة. والصّلاة والسّلام على سيّد الأوّلين والآخرين : محمّد بن عبد الله وعلى آله الأطهاروأصحابه الأبرار وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
وذكّر فإن الذّكرى تنفع المؤمنين {وَقَال الله إنِّي مَعَكُمْ}
الجزء الأوّل الإنسان بصفة عامّة إذا كانت له صحبة فإنّه يتقوّى بها ، فمثلا عندما تكون سائرا في اللّيل وحدك ربّما يعتريك بعض القلق أو الخوف ، فإذا كنت مع مجموعة أصدقاء أقوياء وأوفياء فأنت في مأمن من الغوائل والمفاجآت. فما قولك أخي المؤمن ، أختي المؤمنة إذا كانت هذه الصّحبة أو المعيّة من عند الله جلّ جلاله ، فهل هناك أقوى منك – لا وألف لا – وَقَالَ اللَّهُإِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الّزَكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَّزَرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ; (المائدة 12). "لأنّ الإجتماع على الهدى: تثبيت وقوّة . وأن كثرة السائرين على الطريق تُورث الأُنس وتهوّن مشقّة السّير بخلاف الإنفراد في السّير فإنّه يورث الوحشة ويستجلب الملل. إن الإنسان إذا كان معه سالكون لا يستوحش ، وكلّما كثر السالكون شاع الأمن ورسخت الطمأنينة ، أما السالك وحده فإنه قد يستوحش وقد يضعف وقد يسقط ، وقد تأكله الذئاب ، ويد الله مع الجماعة ، وانما يأكل الذئب من الغنم القاصية . " وهذه المعيّة تكون بخمسة شروط كما هو واضح في الآية الكريمة . ونبدأ في هذه المصافحة بالشّرط الأوّل: الصّلاة وما أدراك ما الصّلاة : "والصلاة لو لم تكن رأس العبادات لعدّت من صالحة العادات , رياضة أبدان وطهارة أدران وتهذيب وجدان ، وشتى فضائل يشب عليها الجواري والولدان ، أصحابها هم الصابرون والمثابرون ، وعلى الواجب هم القادرون ، عودتهم البكور وهو مفتاح باب الرزق ، وخير ما يعالج به العبد مناجاة الرازق ، وأفضل ما يردده المخلوق التوجه الى الخالق ، أنظر جلال الجمع وتأمّل أثرها في المجتمع ... مست الأرض الجباه ، فالناس أكفّاء وأشباه ، الرّعية والولاة سواء في عتبة الله.." والملاحظ في بلاد الغربة أن كثيرا من إخواننا هجروا المساجد – رغم توفّر كل الوسائل – وأكاد أجزم أن بعض الإخوة يبقى بالأشهرالطوال لا تراه في المسجد خاصة في صلاة الصبح كأنّ الفرائض أربعة !!! فإن كان هذا الغياب شبه مبرّر للّذين يشتغلون أو للمرضى ... فما هو عذر العاطلين عن العمل الجالسين أمام المرئاة ( الشّاشة) بالسّاعات ... فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم. وها أنا أورد بل أنقل إليكم أيها الأحباب والأخوات الفضليات بعض الأحاديث والقصص عن الصلاة وقيمة المساجد وصلاة الجماعة ، وأسأل الله أن ينفعنا ويغفر لنا فأقول وبالله التوفيق: - قال الله تعالى :إن الصّلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا النساء 103 . - وقال النّبي صلى الله عليه وسلم : "خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهنّ ولم يضيّع منهنّ شيئا إستخفافا بحقّهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة ، ومن لم يأت بهنّ فليس له عند الله عهد إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنّة " رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجة وابن حبّان. - وقل صلى الله عليه وعلى آله وصحبه : من صلّى صلاة لوقتها وأسبغ وضوءها وأتمّ ركوعها وسجودها وخشوعها عُرجت وهي بيضاء مسفرة تقول : حفظك الله كما حفظتني ، ومن صلّى لغير وقتها ولم يسبغ وضوءها ولم يتمّ ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها عرجت وهي سوداء مظلمة تقول : ضيّعك الله كما ضيعتني، حتى إذا كانت حيث شاء الله لُفّت كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجهه" أخرجه الطبراني والطيالسي والبيهقي. - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " رواه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم . - قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( فأبدع) : من سرّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهنّ فإن الله تعالى شرع لنبيّكم صلى الله عليه وسلّم سنن الهدى ، وإنهن ّ من سنن الهدى ، ولو أنّكم صليتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلف في بيته ، لتركتم سنّة نبيكم ، ولو تركتم سنّة نبيّكم لضللتم ، وما من رجل يتطهّر فيحسن الطهور ثم يعمد الى مسجد من هذه المساجد إلاّ كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط ّعنه بها سيئة . ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلاّ منافق معلوم النّفاق ، ولقد كان الرّجل يؤتى به يهادى بين الرّجلين حتى يقام في الصّف " وهناك رواية أخرى . - عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال " صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم الصبح فقال: أشاهد فلان ؟ قالوا :لا ، قال : أشاهد فلان ؟ قالوا : لا قال : إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوًا على الرّكب ، وإن الصفّ الأّوّل على مثل صفّ الملائكة ، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه ، وإن صلاة الرّجل مع الرّجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرّجلين أزكى من صلاته مع الرّجل وكلّما كثر فهو أحبّ إلى الله عزّ وجل" رواه أحمد وأبو داوود والنسائي وابن خزيمة وابن حبّان . - عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: من صلّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلّى الصبح في جماعة فكأنّما قام الليل كله" رواه مالك ومسلم واللفظ له وأبو داوود ولفظه: من صلّى العشاء في جماعة كان كقيام نصف اللّيل ، ومن صلّى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة " ورواه التّرمذي أيضا . - ويُروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال داوود عليه السلام في مناجاته " إلاهي من يسكن بيتك وممن تتقبّل الصلاة ؟ فأوحى الله إليه : يا داوود إنما يسكن بيتي وأقبل الصّلاة منه من تواضع لعظمتي وقطع نهاره بذكري وكف نفسه عن الشّهوات، من أجلي يطعم الجائع ويؤوي الغريب ويرحم المصاب ، فذلك الذي يضيء نوره في السّموات كالشّمس ، إن دعاني لبّيته وإن سألني أعطيته ، أجعل له في الجهل حلما ، وفي الغفلة ذكرا ، وفي الظلمة نورا ، وإنما مثله في النّاس كالفردوس في أعلى الجنان لا تيبس أنهارها ولا تتغيّر ثمارها" . - روى مسلم أن ربيعة ابن كعب الأسلمي قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ادعو الله أن يجعلني من أهل شفاعتك وأن يرزقني مرافقتك في الجنّة ، فقال المصطفى عليه السلام : "أعنّي بكثرة السجود" . - وأختم بهذه الحكمة البليغة لمحمد بن واسع حيث يقول " ما أشتهي من الدّنيا إلاّ ثلاثة : أخًا ، إنه إن تعوّجتُ قوّمني ، وقوتا من الرزق عفوا من غير تَبِعَة ، وصلاة في جماعة يرفع عني سهوها ويكتب لي فضلها .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد الستار بن المختار ونيس أصيل شنّني/ قابس قاطن ببون / ألمانيا
المراجع:
* في رحاب التفسير للشيخ عبد الحميد كشك *لمسات بيانية للدكتور فاضل صالح السّامرّائي * التّرغيب والتّرهيب للمنذري *الإحياء لحجة الإسلام الغزالي.