دعا المفكر الاسلامي والأستاذ بكلية التربية بجامعة الملك سعود الدكتور عبد الله بن صالح البراك إلى انشاء "كرسي القيروان للعلوم الاسلامية" لصيانة وطبع وترجمة المخطوطات والكتب الاسلامية التاريخية. وأكد البراك على هامش الندوة الدولية المنعقدة حاليا حول "الاحتفاء بعلماء القيروان عاصمة الثقافة الاسلامية لسنة 2009" على اهمية انشاء "كرسي القيروان بتمويل عربي اسلامي يتولى البحث ايضا عن المفقود من مخطوطات وكتب علماء هذه الحاضرة الاسلامية المهمة". وأشار إلى أن "العديد من علماء هذه المدينة الاسلامية العريقة التي اعلنتها "يونسكو" من التراث العالمي اثروا الحياة العلمية في العالم في مجالات الفقه امثال ابن أبي زيد القيرواني وفي الطب مثل ابن الجزار وابن الدباغ والهندسة المعمارية العربية الاسلامية مثل جامع عقبة ابن نافع اضافة الى الادب والشعر". وقال البراك ان مشاركته في هذه الندوة التي تنظمها جامعة القيروان تهدف الى "تسليط الضوء على علماء القيروان وتأثيرهم في المشرق لاسيما في المجال الفقهي من خلال العالم ابن ابي زيد القيرواني احد العلماء الكبار في القيروان والذي اثرى العلم والفقه المالكي واصبحت كتبه مرجعا حتميا لمن جاء بعده". وأشار الى المصنفات والكتب العديدة التي ألفها ابن ابي زيد القيرواني في الفقه المالكي والعقيدة والاخلاق والسلوك وفي مقدمتها كتاب "الرسالة" التي تتألف من ثلاث ورقات والفها وعمره 17 عاما فقط. وذكر الدكتور البراك دور أحد تلاميذ الشيخ العالم الفقيه ابن ابي زيد القيرواني في عصره في بغداد وهو الشيخ عبد الوهاب البغدادي في نشر "الرسالة" في المشرق من خلال شرحه لها في كتاب من مجلدين ضخمين اهداهما انذاك الى شيخه قبل ان يصبح مفقودا طوال سنوات الى ان تم طبعه في ابوظبي قبل فترة. واوضح الدكتور البراك انه تناول في هذه الندوة ما فعله العلماء في المشرق ب"الرسالة" شرحا ونظما وعناية ولغة من خلال ما لقيته من اهتمام في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال حيث يتولى خمسة من العلماء في منطقة الاحساء فقط شرحها اضافة الى العلماء المتواجدين في المدينة والرياض. كما اكد المفكر السعودي ان مشاركته في الندوة تهدف بالاساس الى "ابراز الروابط الفكرية والثقافية الاسلامية والفقهية بين القيروان وبلاد المغرب الاسلامي من جهة وبين المشرق عموما ومكةالمكرمةوالمدينةالمنورة من جهة اخرى". وقال ان "مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة كانتا ولا تزالا مهد العلوم الدينية والفقهية" مشيرا الى ان العلماء والفقهاء كانوا في الزمن السابق يلتقون هناك ومن كل مكان من العواصم الاسلامية منهم الامام مالك الذي خرج من المدينة وانتشر علمه في الافاق الى ان وصل الى القيروان ومن ثم الى الاندلس. وحول ظاهرة انتشار الطرق الصوفية والانشاد الديني لاسيما في المغرب الاسلامي وشمال افريقيا مقارنة بالمشرق اوضح الدكتور البراك ان "ظاهرة انتشار الزوايا والاربطة في بعض البلدان الاسلامية جاءت متأخرة". وتابع قائلا ان "الحركة الصوفية الاولى اهتمت بالروح واعمال القلوب وبالسلوك الذي يتوافق فيه الظاهر مع الباطن واتمنى ان يكون هذا التوجه في الاهتمام بالسلوك الظاهري يتوافق مع السلوك الباطني وهو التصوف الحقيقي". يذكر ان ندوة "الاحتفاء بعلماء القيروان عاصمة الثقافة الاسلامية لسنة 2009" الدولية المنعقدة في مدينة القيروان تنظمها جامعة القيروان بالتعاون منظمتي "ايسيسكو" و"يونسكو" وتستمر لمدة ثلاثة ايام بمشاركة اكثر من 30 مفكرا عربيا واسلاميا من عدة دول.