بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله وحده.في الحقيقة لقد ترددت كثيرا لكتابة هذه الأسطر المتواضعة حول الكنيسة والمافيا في إيطاليا.ولا كن واجبي الديني والإخلاقي شجعني علي إفادة الإخوة الكرام. كنا عندما نسمع عن المافيا يخطر بأذهاننا القتل والإغتيال والجريمة التي تقوم بها هذه العصابة وهذا التنظيم القوي الذي إمتدت جذوره في كثير من دول العالم. ولا كن الأمر يتعدي هذا بكثير. بدأت المافيا في الأرياف وبين الفلاحين , لاكن سرعان ما إمتد هذا التنظيم ليشمل كل المجالات الحياتية للبلاد .ليس كما يتصور البعض أن المافيا كما قلت أعلاه هي الجريمة فقط. فهي في السياسة وفي الإقتصاد وكل ما يتعلق بالبيع والشراء والمناقصات والإستيراد وصفقات المخدرات والأسلحة.....وقد أصبح لهذه العصابة نفوذ فاقت الخيال وذلك بفضل المتعاوننين والمخبرين معها من رجال الحكومات المتعاقبة.وذلك من شرطة و سياسيين وقضاه.....أما الجانب الأخرالمحير والذي لم يخطر علي بال الكثير إلا بعد أربعين سنة عندما أكتشف ولأول مرة أن هناك علاقة بين المافيا والكنيسة. و لست أدري هل هذا الإكتشاف بعد زمن طويل كان قدرا أو أنه متعمد.مع أنه كانت هناك معطيات كثيرة تدل علي تلك العلاقة .ففي كثير من الأحيان يتم القبض علي أحد رجال المافيا وفي إعتقادي أعتقل لأن مهمته إنتهت.لا كن لا إستغراب في بلد المتناقضات كما أسميه .إن سجل المافيا لايخلوا من إغتيالات بعض رجال الكنيسة الذين وقفوا حجرة عثرة أمامهم وأرادوا محاربتها فأرادت هذه العصابة التخلص من كل ما يعترض مصالحها إن كانوا سياسيين أو رجال أعمال أو رجال دين أو إعلاميين أو حتي من التنظيم نفسه .وخاصة الذين أرادوا التمرد فتم إقصائهم بالطريقة المعروفة لدي المافيا.وقفت الكنيسة وخاصة في صقلية في مواجهة المافيا ولا كن من الجانب الأخر رجال دين منهم يتعاملون مع هذه العصابة وذلك لتأمين مصالحهم السياسية والإقتصادية.كثير من رجال المافيا كانوا يعترفون بذنوبهم للقس و ما أقترفت أيديهم من قتل وسرقة.... وذلك إعتقادا منهم في مغفرة الرب. إذن هؤلاء القساوسة يعرفون رجال المافيا ولاكنهم لايبلغون عنهم. والدافع في رأيي ليس ديني ولاكنه الخوف من بطش البوس الذي تطال يده كل من يعاديه . وقد لعب بعض رجال الدين في الكنيسة دورا كبيرا مع المافيا. فتجد كثير من رؤساء العصابة الذين تمت مداهمتهم وإعتقالهم بحوزتهم الصليب والإنجيل وأكثرهم متدينين.هذا لا يعني أنهم يقتلون باسم الكنيسة ولاكن هي علاقة ومصالح متبادلة بين المافيا والكنيسة.إن تنظيم المافيا يتعدي كل التصورات في إيطاليا ولاتخلوا مدينة إلا وبها رائحة المافيا.هناك سياسيون وقساوسة ورجال أعمال أو حتي من رجال الفن.... متهمين أو عليهم شبهة الإنتماء إلي المافيا ولاكنهم يزاولون مهامهم وكأن الأمر طبيعي أن يكون المرء مافيوزي في بلاد فقدت فيه كثير من القيم الإخلاقية والدينة.