عبد الله بن عالي - باريس اعتبر التقرير السنوي لعام 2011 الذي يصدره المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن ما أسماها الهيمنة الغربية على العالم "تصل الآن إلى نهايتها" بفعل صعود قوى دولية جديدة كالصين والهند والبرازيل، متوقعا أن تكون منطقة الشرق الأوسط مسرحا لمواجهة مستقبلية بين الفاعلين الدوليين الأساسيين. ورجح محررو التقرير فشل الجهود الغربية الرامية إلى منع إيران من امتلاك القدرة على صنع سلاح نووي. وقال مدير المعهد تييري دو مونبريال أثناء مؤتمر صحفي عقده أمس في باريس لتقديم التقرير، إن كل المؤشرات التي رصدتها مؤسسته خلال عامي 2009 و2010 تؤكد ميلاد عالم متعدد الأقطاب بفعل انحسار نفوذ الولاياتالمتحدة والدول الغربية عموما، وظهور قوى عالمية جديدة كالصين والهند والبرازيل وتركيا وعودة روسيا كفاعل دولي أساسي. وأضاف دو مونبريال في مقال مطول استهل به التقرير الذي حمل عنوان "عالم ما بعد الهيمنة الأميركية"، أن بداية القرن الحادي والعشرين تميزت بظهور تعدد وتباين غير مسبوق في مراكز القوة الدولية، مشيرا إلى أنه "منذ فجر الأزمنة الحديثة ظل الأوروبيون ثم من اعتدنا على تسميتهم بالغربيين، يديرون العالم.. هذه السيطرة كانت عبارة عن دورة تاريخية من خمسة قرون تصل الآن إلى نهايتها". ورجح أن تتصدر الصين القوى العالمية بعد عقدين من الآن، مشيرا إلى أن المقارنة بين أداء الاقتصادين الأميركي والصيني تسمح بهذا "الاستنتاج"، إذ إن الصين -على حد قول الباحث- "تسجل منذ ثلاثين عاما نموا اقتصاديا مرتفعا يقدر سنويا ب10%، بينما تعرف الولاياتالمتحدة تفاقما مطردا في الدين العام ولا يتوقع أن تتجاوز نسبة النمو فيها 4%". ويعتقد الخبير الإستراتيجي أن انتقال الريادة العالمية إلى الصين من الولاياتالمتحدة قد لا يلحظ إلا بعد سنوات طويلة من حدوثه فعليا، مدللا على صحة رأيه بكون الولاياتالمتحدة نفسها بدأت في انتزاع الهيمنة العالمية من بريطانيا إبان حرب الانفصال الأميركية (1865-1861)، "إلا أن هذا التداول بين القوتين لم يصبح جليا إلا بعد خمسين عاما من ذلك التاريخ". وقال دو مونبريال إن الحدث الذي كشف تفوق دور واشنطن على مكانة لندن هو تخفيض قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة 40% يوم 21 سبتمبر/أيلول 1931. مواجهات محتملة ولم يستبعد التقرير أن يتطور التنافس بين القوى الدولية القديمة والجديدة، إلى مواجهة في بعض بؤر التوتر العالمية وخاصة في شرق آسيا (كوريا وتايوان) وإقليم كشمير والشرق الأوسط. وفي هذا الصدد قال دو مونبريال "حدسي يوحي بأن اختبارا كبيرا سيحدث في الشرق الأوسط عاجلا أم آجلا، لأن هذه المنطقة ملتقى الانفعالات والمصالح الملموسة التي تعطيها طابعا حيويا في أعين كل الممثلين الكبار في الملهاة أو المأساة الإنسانية". ويرى التقرير أن الولاياتالمتحدة فشلت في إحلال السلام بهذه المنطقة، كما أخفقت في إعادة تشكيل خريطتها السياسية، مؤكدا أن اجتياح العراق عام 2003 مثل في نفس الوقت "لحظة التوسع القصوى للقوة الأميركية وإيذانا بانحطاطها. وأبرز محررو التقرير غياب أي دور عربي في المنطقة التي اعتبروا أنها غدت ساحة للتنافس بين ثلاث قوى إقليمية غير عربية هي إسرائيل وتركيا وإيران، ورجحوا أن تتمكن طهران -رغم الاعتراضات الغربية- من الوصول إلى "العتبة النووية" التي عرّفها التقرير "بالقدرة على إنتاج أسلحة نووية فور اتخاذ قرار بذلك