انطلقت حكومة الصيد منذ يوم 6 فيفري الفائت في مهمتها التي لن تكون سهلة بالنظر لحجم التحديات والاستحقاقات العاجلة.. ومن اوكد هذه التحديات الملف الاقتصادي الذي يعتبر ملفا محوريا في اعادة الاستقرار الاجتماعي والسياسي. وكان الحبيب الصيد قد ابرز اولويات حكومته الاقتصادية وهي اساسا دفع الاستثمار والحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن وتسريع وتيرة المشاريع المعطلة فضلا عن انجاح الموسم السياحي. كلها اولويات هامة وضرورية إلا أن الاولوية القصوى التي لم يذكرها الصيد هي ارجاع النسق العادي لانتاج الفسفاط الذي يعد رافدا مميزا للاقتصاد الوطني حيث تعتبر شركة فسفاط قفصة احدى اهم المنشآت الوطنية التي تساهم في الناتج القومي الخام. وبحسب احصائيات رسمية فإن الاضرابات والاحتجاجات التي عرفتها الشركة تسببت في خسائر فادحة لتونس حيث قدرت نسبة خسائر تونس لنحو 3.5 بالمائة من الناتج الداخلى الخام بمعدل 1.2 بالمائة من الناتج الداخلى الخام فى السنة وهو ما يعادل حوالى 3 الاف مليار دينار خلال سنوات 2011-2012-2013. وتراجع انتاج تونس من الفسفاط من معدل 8 ملايين طن سنويا الى 2.5 مليون طن سنتى 2012 و2013. وسجل انتاج الفسفاط سنة 2014 انتعاشة صغيرة وقدر بقرابة 3.5 مليون طن لتتقلص نسبة الخسارة لنحو 0.7 وهو ما يدعو السلطة الحالية لمواصلة العمل على ارجاع النسق العادي للانتاج من الفسفاط وهو الأمر الذي سيوفر مداخيل جديدة لتونس ستساهم في انتعاشة الاقتصاد الوطني. ورغم ان الاحتجاجات هي حق يكفله الدستور إلا ان المصلحة الوطنية تقتضي اليوم التقليص في هذه الاحتجاجات المشروعة وخاصة الاحتجاجات التي تعطل الانتاج مثل اضرابات اعوان الشركة او طالبي الشغل. كما أن تواصل الانتاج يقتضي انتهاج استراتيجية أمنية فعالة لمنع كل محاولات تعطيل الانتاج. ويشير متابعون إلى ضرورة تحويل شركة فسفاط قفصة إلى منطقة مؤمنة عبر نشر تعزيزات امنية على محيط الشركة وتمتد على كل مسالك قطارات وشاحنات الشركة حتى يتواصل الانتاج دون تعطيل وهو ما سيساهم في عودة النشاط العادي للشركة. ومن شان عودة الانتاج لنسقه العادي توفير موارد كبيرة من العملة الصعبة من خلال عودة تونس للمراتب الاولى في تصدير الفسفاط كما كانت سابقا وحتى دخول اسواق جديدة. كما ان ذلك سيعيد للدينار التونسي قيمته في السوق العالمية خصوصا في هذه الفترة المناسبة التي تشهد فيها اسعار النفط والغاز انخفاض لا مثيل له وهو ما يتيح لتونس فرصة شراء كميات هامة من النفط والغاز بسعر مناسب والتخفيض من نسبة الدعم التي تكلف خزينة الدولة الكثير. هكذ اذن يبرز الدور الهام لهذه الشركة الوطنية في دعم الاقتصاد التونسي وتوفير موارد مالية هامة تحتاجها البلاد في هذه الفترة وهو ما يطرح ضرورة الاسراع بايجاد حل لعودة النسق الطبيعي للانتاج من الفسفاط