قررت العربية السعودية قطع العلاقة الديبلوماسية مع إيران بعد اقتحام متظاهرين للسفارة والقنصلية السعوديتين في إيران احتجاجا على إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر وقد أمهلت ،أمس الأحد 3 جانفي 2016، السعودية جميع الدبلوماسيين الإيرانيين 48 ساعة لمغادرة أراضيها. قرار جديد للرياض شكل ورقة أخرى في الصراع الايراني السعودي الذي بدأ منذ الثورة الايرانية وقيام الجمهورية الايرانية عام 1979، حيث برزت منذ ذلك التاريخ حالات التصادم والتفاعلات التي شكلت طبيعة العلاقة بين البلدين والتي اتسمت في غالبها بسيطرة المذهبية الدينية .. اذ ان الاحتقان الذي الذروة في عديد المواقف مثل أهم عنصر في العلاقات الخارجية التي برزت في شكل خلافات جوهرية في المناسبات السياسية الكبرى. فقد شكلت مواسم الحج قنابل موقوتة داخل جسم تلك العلاقة المتوترة وتعتبر أحداث مكة في موسم الحج في أوت 1987 والتي خرج خلالها الحجاج الايرانيون في مظاهرات مؤيدة للثورة الاسلامية منعطفا مهما في العلاقات بين البلدين خاصة بعد طلب ايران بتسيير مشترك تحت منظمة التعاون الاسلامي لمناسك الحج وهو مطلب أعاد الى الواجهة بعد حادثة التدافع في مشعر منى خلال موسم الحج الماضي لسنة 2015 والذي راح ضحيته الالاف من حجاج بيت الله من مختلف الجنسيات و كان عدد القتلى الايرانيين الأكبر وسط صمت مريب من السلطات السعودية. الرياض تقرر مطلع سنة 2016 قطع علاقتها الديبلوماسية مع طهران وهي ليست المرة الأولى ذلك أنها قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران في 1988 بعد مصرع أكثر من 400 شخص، معظمهم إيرانيون، أثناء أدائهم فريضة الحج، في مشعر منى في صدامات مع الشرطة السعودية وقد تمت استعادة العلاقات عام 1991. فالعربية السعودية تتعامل مع ايران كمصدر تهديد محتمل وهي تسعى الى منعها من اثبات أنها قادرة على حماية حلفائها في المنطقة لان ذلك سيقوض تحالفاتها مع الغرب، الأمر الذي يفسر تدخل الرياض في الحرب ضد النظام السوري المدعوم من ايران وحزب الله، والعمل على اسقاطه حتى لا يكتمل الهلال الشيعي في المنطقة . وما زاد من خوف الرياض هو رفع الحصار الاقتصادي عن طهران الذي دام أكثر من 10 سنوات في 2 أفريل 2015 بعد مفاوضات مع قوى 5+1 وهم أعضاء مجلس الأمن الدائمين مع ألمانيا الأمر الذي تعتبره المملكة سيمدد طموح ايران الاقليمي. وما زاد قلق السعودية تجاه ايران هو أن رفع الحصار الاقتصادي عن طهران سيمكنها من التوسع أكثر والتحرك بحرية لدعم الدول والحركات الموالية لها في سوريا والعراق ولبنان واليمن ماليا وحتى بالسلاح، ذلك أنه إذا أصبحت إيران صاحبة النفوذ الأكبر في هذه الدول الأربع الأمر ستتهدد مصالح المملكة العربية. فبعد هذا القرار، برز المحور السعودي الخليجي و كأنه الخاسر الأكبر لأنه بات يشعر أن الولاياتالمتحدة حليفته الكبرى قامت بخداعه وأقامت تحالفات جديدة من وراء ظهره وتركته يقف "عاريا" في مواجهة ايران "القوية" سياسيا واقليميا بعد أن كانت محاصرة ومعزولة، وهو الأمر الذي يفسر اعلان السعودية التحالف الاسلامي العسكري ضد الارهاب الذي ان دل على شيئ فهو يدل على أن السعودية تدرك أن حليفتها أمريكا بدأت تتخلى عنها. ايران وحزب الله تتوعدان السعودية وفي أول رد فعل رسمي إيراني على اعلان السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران قال مسؤول بالخارجية الإيرانية أن إعلان السعودية قطع علاقاتها لا يغطي على خطئها بإعدام النمر. وكانت طهران أدانت السبت تنفيذ السعودية حكم الاعدام بحق رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر وتوعدت الرياض ب"دفع الثمن باهظا" وقال خاتمي في مقابلة مع وكالة مهر الإيرانية للأنباء إن الإعدام يعكس الطبيعة "الإجرامية" لأسرة آل سعود، مضيفا "لا يراودني شك في أن هذه الدماء الطاهرة ستلطخ أسرة آل سعود وستمحوها من صفحات التاريخ." ومن جهته اعتبر حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أن عائلة آل سعود فرضت نفسها على شعب الجزيرة العربية بالمجازر والقتل والترهيب قائلا أن ذلك موثق بكتب التاريخ. كما اتهم نصر الله العربية السعودية باشعال النار بين الشيعة والسنة. تهديد ووعيد بين العربية السعودية وحلفائها وايران وحلفائها من المنتظر أن يكشف عن تحولات هامة في المنطقة سيكون تأثيرها كبيرا على العلاقات الدولية.