أفاد رافع بن عاشور في لقاء خص به "الجريدة" على هامش ندوة حوارية حول المسائل الدستورية ،أن مشروع الدستور الجديد يحتوي على عديد النقائص والسلبيات والتناقضات وأن فيه إمكانية للتأويل. و أكد على ضرورة إعادة النظر في المشروع المقدم بطريقة جدية وبإرادة صادقة وذلك للوصول إلى التوافق العريض حوله ''باعتبار أن الدستور هو بمثابة العقد الاجتماعي وأنه أن لم يكن هناك حوله توافق بين مختلف مكونات المجتمع السياسي والمجتمع المدني فإنه يؤدي حتما إلى نتائج سلبية''. وبخصوص النظام السياسي الأفضل لتونس قال بن عاشور أنه ''لا بد من الخروج من القوالب الجاهزة التي ليس لها أي معنى'' و أن المطلوب هو نظام متوازن معتدل ''لا سيطرة فيه لسلطة على أخرى ولا سيطرة فيه لجانب من سلطة على جانب أخرى لنفس السلطة'' ملاحظا أن في هذا المشروع المقدم ''انخرام التوازن صلب السلطة التنفيذية من ناحية وفي العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية من ناحية أخرى.'' وأوضح رافع بن عاشور في ذات السياق أن ما وقع تكريسه هو نظام برلماني محض ''لأن العبرة من الانتخاب ليس رئيس جمهورية مباشرة ولكن في إسناد كل الصلاحيات التنفيذية للحكومة ورئيسها وهو ما وقع بالضبط''. أما بالنسبة للعلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فقد تحدث محدثنا عن وجود هيمنة الحكومة على السلطة التشريعية لذلك فإن النظام المكرس لهذا المشروع هو نظام برلماني غير متوازن في نظره ''وقد يؤدي بنا مجددا إلى المشاكل والأزمات التي مرت بها تونس خلال الفترة الانتقالية على غرار قضية البغدادي المحمودي وتجديد حالة الطوارئ وتعيين محافظ البنك المركزي''... وفي ما يتعلق بقانون تحصين الثورة أفاد بن عاشور أنها ''كلمة حق أريد بها باطل باعتبار أن الثورة يحصنها من قام بها وهو المجتمع لا السلطة القائمة حاليا ''مشيرا إلى أن هذا المشروع هو لإقصاء منافس سياسي وأن إقصاء المنافس في الديمقراطية لا يكون إلا عبر تحكيم الشعب الذي يعتبر صاحب السيادة في اختياراته على حد تعبيره. وقال أن هذا القانون مناف للديمقراطية ولدولة القانون والمواثيق الدولية معتقدا أنه لو وجدت محكمة دستورية لكان مآل هذا القانون البطلان مثلما فعلت المحكمة الدستورية المصرية لما عبر عنه بقانون ''العزل السياسي''. أما بخصوص جنسية المترشح لرئاسة الجمهورية أوضح بن عاشور أنه ''وبعودتنا إلى دستور 1959 وبالتحديد الفصل 40 منه والذي يضبط شروط الترشح إلى رئاسة الجمهورية فإن هناك تقدما نسبيا في المسودّة الثالثة للدستور باعتبار أن شرط الجنسية مقتصر فقط على شخص رئيس الجمهورية في حين أنه في السابق كان مفروضا أيضا على الوالدين والأجداد.'' وأشار إلى أنه إذا كان شرط الجنسية الغاية منه هو الولاء للدولة التونسية دون سواها "فلماذا لم يقع اشتراط الجنسية التونسية بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي" مؤكدا في الآن ذاته أن سياسة المكيالين ليس من شأنها أن تدعّم فكرة الديمقراطية في تونس.