تعرف الدول الديمقراطية والتي "تحترم مواطنيها'' وتقدر حياة الإنسان خلال الفترات العصيبة والتهديدات الخارجية حالة طوارئ يتجند فيها الجميع للقضاء على فلول التهديدات الإرهابية أو الإجرامية أو المتطرفة التي تهدد حرمة مواطنيها. وتكون القيادة السياسية عادة هي صاحبة القرار الأول والأخير في التصدي لأي تهديد للأمن القومي لبلدانها حيث يصدر القرار السياسي سريعا وحاسما لمنع امتداد خطر الإرهاب والتقليل في الخسائر. وبالعودة إلى تونس كلنا يتذكر أحداث سليمان حين تسللت مجموعة إرهابية إلى منطقة سليمان حيث أقاموا تنظيمهم الإرهابي وتحصنوا بمنازل هناك وخزنوا أسلحتهم ورغم "حرفية تلك المجموعة وتنظيمها المحكم الذي مكنها من العبور نحو العاصمة إلا أن القرار السياسي انذاك كان حاسما وتحولت مدينة سليمان إلى ما يشبه الثكنة العسكرية المغلقة. طبعا عندما نتحدث عن القرار السياسي فإننا نتحدث في حدود العمليات الميدانية ومكافحة الإرهاب ولا نتحدث عن الاعتقالات التي لم تحترم أبسط حقوق الإنسان. اليوم تتكرر الأحداث الإرهابية في تونس وتتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم حيث عرفت الحدود التونسية الجزائرية والحدود مع ليبيا عديد العمليات الخطيرة والتي تسبب البعض منها في خسائر بشرية مثل أحداث بئر علي بن خليفة وأحداث الروحية وأخيرا أحداث الشعانبي إلا أن القرار السياسي في كل هذه الأحداث كان بطيئا وغير فعال وهو ما يفسر تزايد الانتقادات الموجهة لوزارة الداخلية. ربما كان انفجار العبوات أو الألغام حدثا غير متوقع في حدود اليوم الأول إلا أن تزايد سقوط الضحايا يطرح نقاط استفهام عديدة كما أن اعتراف أحد أعوان الأمن بغياب "التعليمات" لاستهداف الإرهابيين فتح الباب أمام تأويلات وتفسيرات عدة حول "تواطؤ" الحكومة أو لنقل "تجاهل" هذه التهديدات. رغم الزيارات الفلكلورية التي أجراها كل من الرؤساء الثلاثة للمصابين من قواتنا الأمنية إلا ان الاجراءات الجدية الكفيلة بالقضاء على جيوب الإرهاب كانت غائبة فالأصل في أحداث الشعانبي أن ولاية القصرين كان من الأولى أن تتحول لثكنة عسكرية ويتم تمشيط كامل المنطقة وتسخر كل المعدات والآليات لمجابهة هذه المجموعات. لا نستطيع بأي حال من الأحوال أن نأول ما حصل على أساس أنه نقص في الكفاءة أو قلة دراية بشعاب الشعانبي فقادة الجيش والقادة الأمنيون هم أنفسهم منذ أحداث سليمان إلا أن ما حصل هو "تساهل" "استهتار" "حسابات" سموها ما شئتم، إلا أن الثابت أن القرار السياسي كان غائبا وبطيئا في أحسن الأحوال.