صهيوني أم «أصولي» : الارهاب واحد ! الهاشمي نويرة لَنْ يَسْتقِيمَ حَالُ العَالَمِ في وجُودِ آفَةٍ إسْمُهَا الإرْهَابُ لِذَلِكَ فإنّ المطلوب هو تَعْبئة دوليّة ليس من أَجْلِ إدانة هذا السّرطان فحسب وإنّما بِقَصْدِ اسْتِئْصَالِ هذا الدّاءِ من جِسْمِ الانسانية. وإنّ التَّشْخِيصَ الذّي يَحُوزُ إجْمَاعَ العالم المدني هو أنّ مصدر الإرهاب أضحى معلوما ويكاد يكون انْحَصَرَ في مَنْبَعيْنِ إثْنَيْنِ وَاحِدٌ اتّصَلَ ب «الإسلام السيّاسي» والعائلات القريبة منه والمجاورة له والأصولي عموما وآخَرُ تُمارسه الدّول وسِمَتُهُ الأساسيّة «الإرهاب الصهيوني» الذّي مارسه ويمارسه كِيَانٌ لا يَتَوَانَى البَتَّةَ في ممارسة الارهاب في فلسطين المحتلّة أو خارجها وكلّ أعماله قابلة للتّصنيف كجرائم حرب. وتقريبا، فإنّ جُلّ العائلات الفكريّة التّي انتهجت سبيل الارهاب أو العمل المُسَلَّحِ في وَقْتٍ مِنَ الأوقات وفي مَرْحَلَةٍ من مراحل وجودها السياسي والميداني، قَامَتْ بالمُراجعَاتِ الفكريّة والسياسية الضرورية وأَقْلَمَتْ وُجُودَهَا السيّاسي والفكري مع الآليات الدّيمقراطية المتعارفة سواء تَعَلَّقَ الأَمْرُ بالسَّعْي الى السّلطة أو بمُمَارستها أو ب «ميكانيزمات» انتقالها السّلمي، الكُلُّ غَيَّرَ مِنْ قناعاته وممارساته باستثناء فصائل «الاسلام السياسي» والكيان الصّهيوني، وذلك بِصَرْفِ النّظر عَمّنْ يَدْعَمُ هذا المنحى الارهابي لأسباب سياسية أو اقتصادية أو لأسْبَابٍ تتعلّق بنزعات الهيمنة عِنْدَ بعض القوى الاستعمارية أو لدى بعض أذْنَابِها. ولا نستطيع وَوَضْعُ العالم على ما هو عليه من تَدَاخُلٍ وتَدَاعٍ دراماتيكي، إغْفَالَ الدور الاجرامي التّي يَقُومُ به المُتَحَكِّمون في مَصَائِر الشّعوب والدّول المُستضعفة وفاقدة السيّادة أو تلك التّي بَاعَتْ وفوّتت في قرارها، في زَرْعِ الأسباب المُنْشِئَةِ للظّواهر والسّلوكيات الارهابية. فقد أضْحَى مِنَ المعلوم أيضا أنّ أمريكا على سبيل المثال شجّعت وَرَعتْ باعْتِراف قادتها مجموعات ارهابية ما انفكّت تنشر الموت والرّعب في مناطق مختلفة من العالم ومن هذه المجموعات الارهابية «داعش» .. وقَبْلَ «داعش» كانت «القاعدة» وكانت «طالبان» وذلك لأسباب أخرى .. .. ومعلوم كذلك أنّ هذا الدّعم الذّي وفّرته أمريكا لهذه القوى «المُحبّةِ للمَوْتِ» كان استجابة لحاجة سيَاسَةِ «إمبراطوريةٍ» بصدد التفكّك وهي لذلك تَوَخَّت سياسة تعميم الدّمار والفوضى اللذين لَمْ يستثنيا حتّى حلفاءها في أوروبا. وهذا الدّعم المَمْنُوحُ لجماعات الموت أملته إذن الحاجة والمصلحة الأمريكية ولكنّه أيضا هو يُعبّر عن سياسات دُوَلٍ أخرى مثل بريطانيا التّي احتضنت نشأة مَنْبَعَي الارهاب في العالم : حركة الاخوان .. والدولة الصهيونية من خلال «وَعْد بلفور»، وأما فرنسا فقد بَقِيَتْ مُشَتَّتَةً بين خوفها من فِقْدان مناطق نفوذها التقليديّة ورغبتها في جَنْي بعض الصّفقات لذلك تَذَيَّلَ مَوْقِفُهَا في قضيّةِ الحرب المُنتقاة على الارهاب فانْسَاقَتْ في بعض الدّول وبادرت بالحرب في دُوَلٍ أخرى واضطرت لأنْ تؤثّث كلّ ذلك بالمبادئ والشرعيّة الديمقراطية التّي أصبحت «حصان طروادة» الذّي يبّرر كلّ التدخّلات في سياسات الدّول وفي مصائر الشّعوب. المُهِمُّ أنّ عناوين الإرهاب معلومةٌ وأنّ رُعَاته معلومون وفي هذه القضيّة التّي تَفْتَقِدُ إلى الخَيْرِ، الشَرُّ بَيّن ٌ وقُوى الشَّرِ بَيّنَةٌ ويَشْهَدُ على ذلك التّاريخُ وتشهد على ذلك أيضا الجغرافيا حيث تَنْبَعِثُ رائحة الدّمار والموت في كُلِّ مكان مرّت به قُطْعَان الارهاب بشقّيه وذَلك إمّا بتَمْهِيدٍ من قوى الدّعم هذه أو تحت حمايتها .. وزير الحرب الاسرائيلي قال مُعَلِّقًا على جريمة اغتيال مواطن تونسي في صفاقس «إنّ إسرائيل ستقوم بأيّ شيء وفي أيّ مكان من أجل المحافظة على مصالحها وأمنها» وقد قامت فِعْلاً بذلك في تونس وهي ليست المرّة الأولى وفي أماكن أخرى من العالم .. وهذا الكيان الصهيوني الذّي مَارَسَ ويُمارسُ شتّى أنواع الجرائم ضدّ الشعب الفلسطيني وقد كُنّا شهود عيان في أكثر مِنْ مرّة على كَمٍّ هَائِلٍ من الانتهاكات هو مُوَاصِلٌ لا مَحَالَةَ في ارهابه داخل فلسطين المحتلّة وخارجها ولا نستثني في ذلك فرضية الحِلْف المَقِيتِ بين الإرهاب الصهيوني والارهاب «الديني» سواء كان ذلك بصفةٍ مباشرة أو غير مباشرة، وأمّا عن ارهاب الجماعات المُتَطَرِّفة فهو مثل «فيروس الأنفلونزا» مُتَغَيِّرٌ ولكنّهُ مُسْتَمِرٌّ مادامت البيئةُ خِصْبَةً لذَلِكَ وهو إرهابٌ أجاز اللجوء لكُلِّ الممنوعات و«المُحَرَّمَات» لإنْجَازِ المطلوب مِنْهُم تنفيذه ومن ذلك تجارة المخدّرات والأسلحة والمتاجرة بالجسد وجَوَازِ التحالف مع «قُوى الشَرِّ والاستكبار العالمي» كَمِثْلِ أمريكاوبريطانيا على اعتبار أنّ هذه القوى «دَوابٌّ سَخَّرَها اللَّهُ (لَهُمْ) فَرَكِبُوهَا». ما يَهُمّنَا نَحْنُ في تونس أن لاَ نَسْكُتَ على مسألة انتهاك سيادتنا الوطنية من طرف دَوْلَةٍ مَارِقَةٍ كاسرائيل وأن يقوم من فَوَّضْنَا لَهُم أَمْرَ حُكْمِنَا بِمَا يَرُدّ الاعتبارَ لتونس ولعلويّة المنظومة القِيمِيَّةِ والقانونية التّي تحْكُمُ العلاقات بين الدّول، هذا في علاقة بالارهاب الصهيوني الصّادر عن أَبْشَعِ وأَبْغَضِ احتلال عَرَفَهُ التّاريخ.. وأما عن ارهاب الجماعات الأخرى الذين يشتركون مع دولة الكيان الصهيوني في اعتبار أوطاننا العربية أَرَاضٍ مستباحة للقتل والدّمار على أساس أنّها «دَارُ حَرْبٍ» بالنّسبة إلى هذه الجماعات البدائيّة والتّي تُرِيدُ اجبار عجلة التّاريخ على الرجوع الى الوراء، وعلى أساس أنّ العُدْوَانَ ونَشْرَ الفَوْضَى وتَجْزِئَةِ الدُّولِ هو أداة الكيان الصهيوني الوحيدة للإستمرار والبقاء. ولكلّ ما تَقَدَّمَ فانّه لا بدّ من تعديل عقارب ساعاتنا على فرضيّة استمرار هذه الآفة على الأقل على مدى قريب ومتوسّط لأنّ الأسباب العميقة لوجود ظاهرة الارهاب ما تَزَالُ قائمة وهي مسألة موضوعيّة عامّة تستوجب التَّأسيس لوعي انساني جديد ومُتَحَرِّرٍ من سَطْوَةِ المَالِ والرِّبْحِ .. وهذا بالتأكيد ليس في الغَدِ القريب .. وأمّا ما يرجع إلينا بالنّظر في مسألة الحرب على الارهاب فهو محاصرة الحَوَاضِنِ ومُعَالَجَة الأسباب وتقوية الرّابط الوطني والمواطني فَمَنْ كان من أجل هذا الوطن فَهْوَ مِنَّا ومن كان ضدّه فهو ليس مِنّا .. اللّهُمَّ سَاعِدنا على تَعْرِيَةِ وكَشْفِ من يدّعي أَنّهُ مِنَّا وهو في واقع الأَمْرِ ليس مِنّا .. اللّهُمَّ آمِين .