في مثل هذا اليوم من سنة 2015 قام ارهابي مسلح بالهجوم على نزل الامبريال في سوسة مخلفا 40 قتيلا و38 جريحا، وقد مثلت حينها الحادثة صدمة للرأي العام الوطني والدولي، وكان أكثر الضحايا من بريطانيا بقرابة 30 قتيلا و26 جريحا. وتعالت الانتقادات ضد الأداء الأمني خصوصا أن هذه الحادثة جاءت 3 أشهر بعد حادثة مماثلة في متحف باردو أين سقط 22 قتيلا برصاص مسلح، ووصل الحد إلى حدود تدخل بريطانيا وتكليف شرطتها (سكوتلاند يارد) باجراء تحقيق مستقل في الحادثة وحتى اتهام السلط الأمنية في تونس بالتقصير والاهمال. الحادثة مثلت القشة التي قصمت ظهر البعير وكانت بمثابة الضربة القاضية للسياحة التونسية وانتشرت حينها صور مؤثرة لمغادرة السياح نحو بلدانهم وتوقع معظم الخبراء والمتابعين للشأن التونسي أن ينهار الاقتصاد المحلي المبني اساسا على الموارد السياحية وقامت عديد البلدان بنشر بلاغات لمنع رعايها من السفر نحو تونس كما تعمدت كبريات الشركات السياحية وقف رحلاتها نحو تونس بدعوى أن التهديد الارهابي صار مرتفعا في هذا البلد. السلطات التونسية لم تقف عاجزة أمام هذه المستجدات ورفعت في حالة الطوارئ واتجهت نحو اجراء اصلاحات جذرية في الجهاز الأمني تشمل القيادات الأمنية والخطط الأمنية وكانت الازمة فرصة لبداية اصلاحات جوهرية في المنظومة الأمنية انطلقت باستحداث وزارة الشؤون المحلية للتخفيف من الأعباء المثقلة على كاهل وزارة الداخلية ودعم اختصاصها الأمني وتسخير كل جهودها لمكافحة الارهاب، كما تمت اعادة منصب المدير العام للأمن الوطني الذي يملك دورا هاما في مقاومة الارهاب والجريمة. ورغم كل المعوقات إلا أن حرص السلط التونسية على المضي قدما في الاصلاحات الأمنية وخاصة النأي بالوزارة عن كل التجاذبات الحزبية ساهم في تعافي الأداء الأمني والرفع من فاعلية وجدوى العمل الأمني خصوصا بعد قرارات الشاهد بخصوص تطوير العمل الاستخباراتي ودمج كل الأجهزة الاستخباراتية في جهاز واحد هو المركز الوطني للاستخبارات. وقد تراجعت العمليات الارهابية بشكل ملحوظ وانحصرت في بعض سفوح الجبال المتاخمة للحدود الجزائرية ولم تعد عمليات هذه الجماعات الارهابية قوية كما كانت وصارت مجرد انتقام لعمليات استباقية تجريها القوات المسلحة بل ووصل الحد إلى الانتقام من المدنيين والعزل القريبين من الحدود مثل عملية اغتيال الراعي سلطان مبروك وأخيه مؤخرا. وساهم تراجع العمليات الارهابية، رغم الوضع الاقليمي والدولي المتوتر مع تواصل بؤر التوتر في سوريا والعراق واليمن ووصول الارهاب إلى قلب العواصم الأوروبية الكبرى، ساهم في انتعاش السياحة التونسية وعودتها إلى سالف نشاطها وهو ما يظهر جليا في تطور عدد الوافدين خلال منتصف هذه السنة ب46 بالمائة حيث سجلت تونس من غرة جانفي حتى 20 ماي 2017، توافد 891 527 1 سائح، وهو ما يؤكد تجاوز تونس لتداعيات العملية الارهابية في نزل الامبريال بسوسة بعد سنتين من وقوعها.