نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على تداول خبر القضاء على أبي بكر البغدادي في سوريا في مناسبات عديدة آخرها يوم 16 جوان 2017. وقالت الصحيفة في تقريرها إنه رغم استعادة قوات مكافحة الإرهاب العراقية محيط مسجد النوري في الموصل، فإنّ الغموض لا زال يشوب مصير أبي بكر البغدادي. تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المسجد يُعدّ المكان الوحيد الذي ظهر فيه زعيم تنظيم "داعش" في مقاطع "فيديو" و"صور" تم تداولها بصورة علنية في شهر جوان سنة 2014. وذكرت "لوموند" أنه بتاريخ 16 جوان الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن قضائها على عدد من قادة هذه المنظمة الإرهابية يوم 28 ماي في منطقة الرقة السورية. وأفاد الجانب الروسي أنه "من المحتمل أن يكون البغدادي من بين العناصر التي تمت تصفيتها خلال هذه العملية"، وبعد أسبوع من ذلك، أكّدت وزارة الشؤون الخارجية التابعة لهذا البلد أنها على "درجة عالية من اليقين" بمقتل زعيم التنظيم، دون تقديم أدلة على ذلك. وكان هذا الإعلان أحدث الأخبار التي أقرّت القضاء على البغدادي. وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه منذ سنة 2014، أعلنت القوات العسكرية العراقية والسورية والروسية مرارا وتكرارا عن مقتل هذا الإرهابي. ولكن، في ظل عدم تقديم أدلة ملموسة على وفاة هذا "القائد"، يبقى تنظيم داعش الطرف الوحيد القادر على تأكيد هذه المعلومة. وخلافا لذلك، لا يتسنى إلا للبغدادي نفسه تكذيبها، على الرغم من اشتهاره بقلة كلامه. ويمتلك هذا الشخص، الذي يحظى بولاء كبير من طرف أتباعه، شخصية غامضة ومليئة بالأسرار. وخلال سنوات قتاله الأولى، نجا البغدادي من بين أيدي القوات العراقية، التي تعتقد أنها اعترضت طريقه أكثر من مرة سنة 2007، حين كان عضوا في قيادة "تنظيم داعش في العراق". ولم يُدرك الجيش العراقي في ذلك الوقت خطورة الشخص الذي مر أمام ناظره، بما أنه كان يتنقل بهوية مزورة. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح البغدادي "أكثر رجل مطلوب للعدالة في العالم"، في نظر الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأوردت أنه منذ توليه زمام أمور هذه المنظمة الإرهابية في شهر أفريل 2010، قلّل البغدادي من تدخلاته العلنية ومن خطاباته ونُشر أول تسجيل صوتي له في جوان 2012، والتزم البغدادي ببث رسالة صوتية سنويا، علاوة على ظهوره العلني المصور في شهر جوان 2014. وعمد البغدادي على خلفية ذلك إلى بثّ رسالة أخرى في اليوم الثالث من شهر نوفمبر 2016، بعد أسابيع قليلة من بدء معركة الموصل، أمر فيها قواته بمواصلة المقاومة. وقد شكّلت هذه الرسالة آخر علامة على بقائه على قيد الحياة. ورغم أن ذلك ساعده على التحفظ على مواصلة نشاطاته الإرهابية إلا أن الخناق قد ضاق عليه في الآونة الأخيرة. وأضافت "لوموند" أن مقتل أبرز رموز التنظيم على غرار أبي محمد العدناني، ذراعه اليمنى والمتحدث الرسمي باسم التنظيم ورئيس "العمليات الخارجية" (مثل تلك التي تم تنفيذها في أوروبا)، بين أن القضاء على "رأس" هذه المنظمة بات أولوية قوات التحالف الدولي. واستمر سقوط المحيطين بالخليفة الواحد تلو الآخر. وفي الختام، بيّنت أنه لم تتبق إلا فرضية واحدة متمثلة في هلاك البغدادي حقا، في وقت سابق، مستشهدة بمثال حركة طالبان الأفغانية التي حافظت على سرية خبر وفاة قائدها الملا عمر في أفريل 2013، ولم تعترف بذلك إلا في جويلية 2015.