بعيدا على ربطة عنق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي التي ظهر بها في برنامج قناة نسمة و أصبحت حدثا يتحدث عليه الجميع ، بينما ليس للمرة الأولى الذي يفاجأ الغنوشي الشعب التونسي ... بعيدا على الحرائق التي نشبت في العديد من المناطق الجبلية و الغابية خاصة في الشمال الغربي والتي إذا ثبت أنها بفعل فاعل ، فيجب أن ندرك أن خيانة البلد وصلت إلى مستوى عقلية " الأرض المحروقة " ... بعيدا عن العزوف التي تشهدها مرحلة تسجيل ناخبي الانتخابات البلدية مفتاح الديمقراطية المحلية كما يقال في الأوساط الحزبية هذه الأيام طمعا في التصويت ، و الذي يعكس حجم أزمة الثقة بين الشعب التونسي و السياسيين الذين يحكموه ... بعيدا على كل هذه المستجدات ، سأعود إلى أهم ما جاء في مداخلة وزير المالية بالنيابة فاضل عبد الكافي تحت قبة مجلس نواب الشعب الأسبوع الفارط ، حول الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد ، ملخص المداخلة كان تشخيصا للأزمة الخانقة التي تشهدها المالية العمومية و طلبا للمصادقة على اتفاقية قرض جديد لتعبئة الموارد لعجز ميزانية الدولة ، عجز ميزانية الدولة من جديد الذي تفاقم بمرور الحكومات السابقة بعد الثورة التي اعتقد الشعب أنها ستبعده على العجز والفساد والفقر والبطالة ولو كان نسبيا . كل الحكومات التي جاءت بها ثورة الحرية الكرامة خاصة بعد إنجاز دستور الجمهورية الثانية، كلها قامت بتعبئة الموارد المالية لعجز ميزانية الدولة بطريقة متفاوتة ، عن طريق القروض التي أثقلت الميزانية نفسها في وقت لاحق بعد الحصول على قروض مجحفة في كلفة استرجاعه على مال المجموعة الوطنية ، كل الحكومات تقدم مشاريع قانون المالية للمصادقة عليها من طرف مجلس نواب الشعب ، بإغراءات ومداخيل وموارد مالية أساسها الاستثمار ومشاريع وطنية اقتصادية، وبعد مدة تجد نفس الحكومة أو الحكومة التي تليها تسعى للحصول على قرض للحد من عجز ميزانية الدولة ، وكان من المنتظر و المنطقي أن تقطع حكومة الوحدة الوطنية التي جاءت بمبادرة من رئيس الجمهورية مع العجز والفشل وغياب الآليات اللازمة لتحقيق حوكمة رشيدة تنعش الاقتصاد الوطني وتحد من تفاقم المديونية ... حكومة الوحدة التي وعدت الشعب التونسي بسياسة التقشف لتخليص مصاريف الميزانية العامة من الضغط ، وهي التي تعهدت بمحاربة الفسادين ومحاسبة الفساد في مختلف المجالات الذي أنهك البلاد ، كما نذكر أنها هي التي أنجزت مؤتمرا دوليا للإستثمار لجلب مشاريع استثمارية من أجل إنعاش اقتصاد البلاد والحد من البطالة ، كل هذا بقي حبرا على ورق والدليل أن ميزانية الدولة تشهد من جديد عجزا، العجز الذي أتى بوزير المالية بالنيابة لمجلس نواب الشعب من أجل المصادقة على قرض جديد لتعبئة الموارد المالية . أين سياسة التقشف ؟ أين المشاريع الاستثمارية ؟ أين مردودية الإنتاج الوطني ؟ أين محاربة الفساد العميقة ؟ لماذا لم نرى إرادة سياسية شجاعة تقدم الآليات اللازمة والأفكار العبقرية و مشاريع القوانين الناجعة في التخلص من العجز المتواصل و الفشل المتراكم و المديونية المستمرة تجاه بلادنا التي تعج بالكفاءات العالية في مختلف المجالات ؟. كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة كانت شاهدة على عجز الميزانية و تفاقم المديونية لأنها فشلت في التعامل مع الشأن العام و تحديدا في إنجاز و تنفيذ منوال تنمية واقعي و ناجع تعالج من خلاله الصعوبات التي واجهها الاقتصاد الوطني إلى حد هذا اليوم. بكل بساطة تعاقبت الحكومات والفشل واحد...