بان بالكاشف أن مدة الحملة الانتخابية المطولة للانتخابات البلدية أفقدتها الزخم والاهتمام الشعبي المطلوب ولم تستطع الأحزاب والقائمات المستقلة أن تثير اهتمام الشارع بعد تسعة أيام من عمر هذه الحملات والذي يعود في جزء كبير منه لمشاغل الناس بقضايا أكثر حساسية وتشكل عبء على كل العائلات التونسية وخاصة المشاكل العالقة حاليا بين نقابة الأساتذة ووزارة التربية وحجب الأعداد وتعليق الدروس الذي يهدد بضياع سنة من حياة أبنائهم. الانتخابات البلدية التي بقيت طويلا بين مد وجزر قبل أن ينطلق قطارها رغم ان قانون البلديات والجماعات المحلية الجديدة لم ينجز بعد ومن شبه المستحيل إن يدخل حيز التنفيذ حتى بعد إقراره من مجلس النواب لآنه سيحتاج للكثير من القرارات والأوامر الترتيبية التي سيحتاج إعدادها وتطبيقها الكثير من الوقت، كل ذلك أضعف جذوة التحرك سواء لدى أعضاء القائمات المترشحة أو لدى الجمهور العريض الذي يبدو انه لم يستسغ بعد ما يجري في ظل تفاقم كبير للازمات الاقتصادية والاجتماعية تجعل من معنى الانتخابات البلدية القادمة ترفا في غير محله. غياب التفاعل الشعبي مع الحملات الانتخابية لقائمات الأحزاب أو المستقلين في ظل أزمات طارئة في المشهد الاجتماعي ومنها إضراب الأساتذة وحجب الأعداد ومخاوف الأولياء على مستقبل أبنائهم في ظل تصاعد التهديدات بسنة دراسية بيضاء، وتردي مقلق للأوضاع الاقتصادية مع ارتفاع نسب التضخم والتهاب الأسعار يجعل من الاهتمام بما تتحدث به القائمات الانتخابية وحملاتها أشبه للترف منها للتعبير عن حاجة ملحة يراها التونسي اليوم أساسية في واقع الحال. كل هذه التوترات يضاف لها انعدام كبير للثقة بين الناخبين والأحزاب جراء تجربتين مريرتين للوعود الانتخابية الفضفاضة والبعيدة عن الواقع والتي سوقت الوهم للناخبين تجعل من حال هذه الانتخابات الجديدة تحت سندان الماضي ومطرقة الحاضر، مما يقتضي تحرك الجميع للدعوة لمزيد تحسيس المواطنين بأهمية ومعنى المشاركة في اختيار من يرونه معبرا عن اهتماماتهم في مناطقهم البلدية التي تعاني الكثير من المشاكل والنقائص. في انتظار تحرك ماكينات القائمات الانتخابية لتخاطب عقل الناخب في كل بلدية بعيدا عن حملات انتخابية فاقدة للإبداع ومصرة على تكرار نفس الخطاب المستخدم في الانتخابات السابقة سواء بشعارات فقدت المعنى أو بوعود لا يمكن تحقيقها يبقى المستهدف أن لا تكون الانتخابات القادمة محطة تعبير عن الإحباط والرفض الشعبي لتجربة ديمقراطية ناشئة فيها الكثير من الخيبات ولكنها حققت نتائج كانت أشبه بالأحلام قبل مدة قصيرة من الزمن. أيام قليلة تفصلنا عن موعد الانتخابات والفرصة مناسبة للجميع لمنح أصوات الناخبين لمن يريدون فعلا منحهم ثقتهم لآن الديمقراطية الشعبية المباشرة في الانتخابات البلدية ستكون نتائجها للجميع دون استثناء نجاحا أو فشلاً والمهم أن يكون الطموح باتجاه تحقيق النجاح رغم العثرات هو الهدف.