انطلق رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي في مشاورات مع ممثلي الأحزاب والكتل البرلمانية، منذ يوم أمس، بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة. ويبدو أن هشام المشيشي اختار أن يبدأ مشاوراته السياسية لتشكيل فريقه الحكومي الجديد بلقاء ممثلي أربع كتل برلمانية وفق الترتيب داخل البرلمان وهي كل من كتلة حركة النهضة (54 نائبا برلمانيا)، والكتلة الديمقراطية التي تجمع نواب حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب (38 نائبا)، وكتلة قلب تونس (27 نائبا) وكتلة ائتلاف الكرامة (19 نائبا). وجاء اللقاء في خطوة تحمل، وفق مراقبون، أكثر من دلالة سياسية إلى طبيعة الحكومة التي يعتزم المشيشي تشكيلها. وأمام المشيشي تحديات كبرى اقتصادية واجتماعية ، خاصة وأن الوضع العام في البلاد يشهد تأزما مما انعكس سلبيا على الاقتصاد التونسي وصورة تونس في الخارج. وفي هذا الإطار قال الخبير الاقتصادي معز الجودي إن نسبة النمو ستكون حتما سلبية خلال الثلاثية الثانية من سنة 2020 لتبلغ (27.1-)، لأن الوضعية كانت صعبة قبل أزمة كورونا وتعمقت أكثر بسبب الوضع الوبائي الذي اجتاح العالم وتونس. وأكد الجودي في تصريح ل"الجريدة" أن هشام المشيشي رئيس الحكومة المكلف أمام تحدّ كبير ويجب أن تكون حكومته المقبلة حكومة مصغرة تتضمن كفاءات أي "حكومة كفاءات وطنية مشهود بها صغيرة العدد وقادرة على معالجة الملفات الكبيرة المطروحة"، وذلك لربط العلاقات من جديد على المستوى العالمي وارجاع الثقة في تونس بأسرع وقت ممكن وفق تعبيره. وأضاف أن حكومة المشيشي يجب أن تطرح برنامج انقاذ يتم الاعلان عن خطوطه العريضة قبل اعادة تنشيط الاقتصاد لأن الانقاذ قبل التنشيط ،وفق قوله، والمشيشي سيكون أمام تحدّ اقتصادي وأزمة مالية كبيرة عمّقتها كورونا بنمو اقتصادي سلبي ونسبة بطالة ستكون في حدود 21 في المائة مع أواخر السنة، إلى جانب ارتفاع مطلبية اصحاب الشهادات العليا وبقية الفئات الأخرى التي فقدت مواطن شغلها بسبب كورونا. وأضاف أن تحديات كبيرة أمام الحكومة المقبلة التي يجب أن تعمل على ارجاع نسبة النمو وترشيد النفقات العمومية والمديونية فتونس غير قادرة على تحمل المزيد من المديونية وفق قوله، إلى جانب التحكم في الاسعار ومجابهة الاقتصاد الموازي الذي ينخر الاقتصاد ويستفحل في البلاد.. وأشار إلى أن الاقتصاد التونسي في حالة احتضار ويجب ايقاف النزيف وضخّ دماء جديدة لأن العمل سيكون من أجل سنة 2021 لتحريك أعمدة ومحركات الاقتصاد والاصلاح لتكون حكومة المشيشي حكومة اصلاحية بالاساس خاصة وأنه مستقل وغير متحزب وليست له أي اهداف سياسية ومن الضروري أن يقوم باصلاحات موجعة وشجاعة على حدّ تعبيره، على مستوى الوظيفة العمومية واصلاح الادارة وفتح ملفات العديد من الشركات الكبرى في تونس التي تمرّ بظروف صعبة وأزمة مالية وإنقاذها على غرار شركة فسفاط قفصة ،الخطوط التونسية، الصوناد ... هذا إلى جانب اصلاح عميق يشمل المنظومة الجبائية واصلاح منظومة الدعم والصناديق الاجتماعية. وشدد الجودي أنه على المشيشي أن يخرج من منطق التجاذبات السياسية والصراعات بين الاحزاب ويشكل حكومة كفاءات وطنية وعلى الاحزاب دعمها من منطلق روح المسؤولية وترك هامش تحرك للمشيشي من أجل الإنقاذ وفق تعبيره. ويواصل المشيشي مشاوراته وسط أجواء سياسية مشحونة ومتوترة بأحزاب تطالب بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة وحكومة دون حركة النهضة بالأساس، وأخرى بحكومة تقوم على أساس المحاصصة السياسية والحزبية. ولم يكشف رئيس الحكومة المكلف ، بعدُ، عن طبيعة حكومته المقبلة، هل ستكون حكومة كفاءات وطنية أو حكومة إنقاذ وطني أو حكومة سياسية ومحاصصة حزبية.