الجريدة إبراهيم بوغانمي مرت يوم أمس 28 سبتمبر 2014 ذكرى وفاة الزعيم العربي جمال عبد الناصر الذي وافته المنية في نفس اليوم من عام 1970 مرورا فيه الكثير من الاستحياء والخجل. عبد الناصر الذي أمم قناة السويس وتحدى إسرائيل كان من أشد الدعاة إلى توحيد الشعوب العربية تحت إسم ''الأمة العربية'' وكان من أشد المتحمسين لبناء وطن عربي موحد يتحدى كل التقسيمات الجغرافية الاستعمارية. غير أن الأمور سارت في ''وطننا'' العربي على عكس ما اشتهى الراحل عبد الناصر فازدادت الأمة تقسيما وانقساما بدءا من بلد الزعيم مصر التي تربص بها الإخوان وما يزالون يفجرون ويقتلون بشكل شبه يومي إلى سوريا التي توحد معها عبد الناصر عام 57 تحت راية الجهورية العربية المتحدة تصارع من أجل البقاء منذ ثلاث سنوات وأكثر إلى ليبيا الممزقة إلى العراق الذي أصبح شعبه يدوس على الألغام يوميا إلى اليمن السعيد الذي بات شقيا بجيرانه وبالحوثيين إلى فلسطين المقطعة إلى أشلاء إلى تونس إلى لبنان إلى الجزائر المتربص بها... اليوم تعيش الأمة العربية أسوأ مراحل تاريخها المعاصر وتواجه حرب إبادة حقيقية على يد قوات كان عبد الناصر يسميها ''امبريالية'' ويناهضها بشدة أضف إليهم المرتزقة والمأجورين. لذلك مرت ذكرى عبد الناصر وحلمه في الوحدة العربية أبعد ما يكون عن المخيال العربي اليوم الذي أصابه التصلب كما أصاب شرايين قلب الزعيم عبد الناصر عام 70 ففارق الحياة يوم عقد القمة العربية التي عمل من خلالها على نزع فتيل الفتنة بين الفلسطينيين والأردنيين. دُفن عبد الناصر يوم 1 أكتوبر في جنازة مهيبة حضرها ما يقرب من سبعة ملايين مشيّع بكوا بحرقة عبد الناصر ولم يكونوا يدركون أنهم يبكون ''الوحدة العربية'' التي دفنوها على ما يبدو في نفس القبر مع عبد الناصر ليولد بعد قرون مصطلح جديد أطلقوا عليه إسم ''الربيع العربي'' وهو الربيع الذي أينعت فيه ''زهور'' الإرهاب والجماعات الإسلامية التكفيرية الذين استبدلوا حلم عبد الناصر بالوطن العربي الموحد بدولة الخلافة أو الدولة الإسلامية. رحم الله زعيم الأمة ورزق من تبقى من العرب الحالمين بمشروعه جميل الصبر والسلوان.