الجمعية التونسية للشفافية المالية تشكك في نجاعة المسلك الحالي للملف هل ستتدخل الحكومة الجديدة لتفعيل هذا الملف الوطني و تغيير مونفريني بمحام تونسي أكفأ و أكثر وطنية ؟... خلال شهر أكتوبر الماضي قال السيد مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي في تصريح لإحدى الإذاعات التونسية إن المطالبة بأموال المخلوع وعائلته وأصهاره الموجودة في البنوك الأجنبية "تعتبر مسألة حساسة جدا.. تتطلب إجراءات تطول وقد تمتد لسنوات"... وأضاف أنه ليس من السهل اختيار محامين مختصين لمتابعة هذا النوع من القضايا سواء في محاكم أجنبية أو في محاكم دولية باسم الدولة التونسية...كما كشف السيد النابلي أن لجنة متابعة استعادة الأموال المنهوبة التي تأسست منذ مارس 2011 لم تحقق أي تقدم في مسار استعادة الشعب التونسي لأمواله المنهوبة وبرر هذا التأخير بالقول "نحن لسنا أمام قضية طلاق.. يمكن لأي محام أن ينظر فيها..." واعدا أنه سيتم تسريع إجراءات استعادة أموال المخلوع وأصهاره في المدة القادمة... هذا وقد بين المحافظ أن البنك المركزي ليس له أي علم بقيمة الأموال المنهوبة وكل الأرقام المعلنة ليس لها أي أساس من الصحة. وفي تعليق لها حول هذه المواقف كشفت السيدة ليليا بن خضر أستاذة في القانون اختصاص مصارف ومعاملات مالية دولية وحظر وتجميد الأموال، لجريدة"الصباح" في عددها الصادر يوم 6 أكتوبر2011 أنه من الغريب أن يبرر محافظ البنك المركزي ضياع 7 أشهر في البحث عن محام مناسب للقضية خاصة أن تونس لا تعوزها الكفاءات والتكنولوجيا المتطورة وهي كفيلة بتقديم أسماء المحامين المناسبين للمهمة. هذا وأشارت في نفس السياق إلى أنه من غير المنطقي أن يتم اختيار لجنة متابعة استعادة الأموال المنهوبة من نفس الهيكل الذي قام بتحويل هذه الأموال وهو البنك المركزي، فعلى اللجنة أن تكون مستقلة ولها الصلاحية للإطلاع على جميع الملفات المالية والمصرفية." وأضافت بن خضر أن :"حديث محافظ البنك المركزي بدا ضبابيا تنقصه الدقة.. فكيف يقول أنه لا يملك بيانات وأرقام الأرصدة...وهو يعلم جيدا أنه أن لم تقم لجنة المتابعة بالعقلة ثم الحجز التحفظي على الأموال في مدة زمنية محددة فالأرصدة لن تنتظره وستتبخر دون شك.." وأشارت أنها بالاتفاق مع عدد من المختصين عبروا عن استعدادهم لتقديم المساعدة في مسألة استرجاع الأموال المنهوبة لكن لم يتلقوا أي نوع من الردود. وأقرّت السيدة ليليا بن خضر أنه دون وجود قرار وإرادة سياسية لن تتمكن لا اللجنة ولا محاميها من استعادة الأموال المنهوبة.. فالمطالبة بأموال موجودة في بنوك أجنبية تتطلب متابعة قانونية وإرادة سياسية ومساع دبلوماسية تعمل جميعها من أجل الضغط على البنوك المعنيّة واسترجاع أموال التونسيين. وقد ذكرت المختصة في المصارف والمعاملات المالية الدولية وحظر وتجميد الأموال أن الدولة الفرنسية بإرادتها السياسية قامت بتجميد أموال المخلوع وعائلته وأصهاره منذ جانفي الماضي كما قامت منظمة الشفافية العالمية واللجنة العربية لحقوق الإنسان في إطار العلاقات الدولية بالتقدم بقضايا في محاكم الدول المعنية (فرنسا سويسرا وقطر..) تطالب باستعادة الأموال المنهوبة من الشعب التونسي. وفي 25 أكتوبر الفارط أوكل السيد محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي هذه المهمة للمحامي السويسري أنريكو مونفريني، الذي شهد له شخصيا بالنجاح في استعادة الملايين التي أخفاها الحكام الفاسدون . وصرح محافظ البنك المركزي التونسي أن تكليف المحامي السويسري (67 عاماً) للقيام بهذه المهمة يمكن أن يساعد على المضي قدماً بهذه العملية المضنية، بعد أن عمل مونفريني على قضايا بارزة في هذا المجال مثل هايتي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا. وبعد أن منح الجانب التونسي وزارة العدل السويسرية طلب البدء في عملية مصادرة 60 مليون فرنك سويسري (أي 68 مليون دولار) المجمدة في البنوك السويسرية؛ وطال انتظار التونسيين من اجل استعادة أموال الشعب التي استولى عليها بن علي و اختار أن يودّعها في اضمن بنوك العالم وأكثر الدول أمنا حسب اعتقاده؛ ولكن من جانبها صرحت الجمعية التونسية للشفافية المالية أن الحكومة التونسية لم توكل مونفريني بل إن السيد مصطفى كمال النابلي اختار بنفسه المحامي السويسري أنريكو ووكله شخصيا للدفاع عن أموال الشعب التونسي و إعادتها إلى الخزينة العامة للبلاد و قد أقرت الجمعية التونسية للشفافية المالية أن المحامي أنريكو مونفريني هو محام فاشل لم يسجّل أي نجاح في مختلف قضايا تجميد الأموال الدولية و انه استولى على أموال جمهورية هايتي و لم ينجح في استرجاع سوى 6 ملايين دولار من اصل 100 مليون دولار و يقال انه استولى على باقي الأموال بالاتفاق مع بعض الأطراف الفاعلة في مجال الأموال المجمدة.هذا إلى جانب الفشل المسترسل الذي يسجله في مختلف القضايا الدولية المتعلقة بالأموال المجمدة في بنوك سويسرا وغيرها. كما أقرت الجمعية التونسية للشفافية المالية أن المحامي السويري انريكو مونفريني يعمل على تعتيم التقرير الحقيقي لمجمل الأموال التونسية المودعة بالبنوك السويسرية و يسعى إلى إخفاء الحقيقة من خلال تقليص قيمة الأرصدة المجمدة.كما ترى الجمعية انه من غير المنطقي و المقنع تكليف محام سويسري في قضية مالية تستهدف سويسرا وتطالبها بإعادة الأموال الطائلة المودعة في بنوكها لبن علي وعائلته.فهل سيتم تعويض المحامي السويسري بمحام تونسي أكفأ وأكثر وطنية لاستعادة أموال الشعب التونسي التي جمدتها سويسرا و يبدو أنها تتملص الآن من إعادتها و تتلاعب بأرقامها و تمنح نفسها شرعية الحفاظ عليها إلى حين إتمام المراحل القانونية المطلوبة حتى تعيد الأموال لتونس؟ وهل ستبقى حال الأموال التونسية مجمّدة في سويسرا حتى في ظل الحكومة الجديدة التي التزمت بتحقيق مطالب الشعب التونسي و الذي يعد استرجاع الأموال المجمدة في سويسرا و غيرها من الدول الأجنبية و العربية أهمّ مطلبها؟ وهل يتحمل البنك المركزي مسؤولية في تعطل الوصول إلى آلية قانونية وقرار نهائي باسترجاع الأموال التونسية المجمدة في سويسرا و التي يبدو إلى حد الآن أن قيمتها الحقيقية لم تتحدد بعد؟ وهل يتحمل البنك المركزي مسؤوليته باعتباره كان على علم بأغلب أموال بن علي الموجودة في البنوك السويسرية و غيرها من البنوك الأخرى؟ إيمان الدجبّي