كانت مصادر اماراتية أكدت أن الحكومة التونسية لم تقدم أي طلب بشأن استرجاع الأموال التابعة للمخلوع وعائلته وأصهاره من بنوكهم... وأعلنت حكومات أوروبية أن تجميدها لأموال المخلوع كانت ببادرة منها وليس بطلب تونسي... بدورها عبرت بنوك سويسرية مؤخرا عن تخوفها من إمكانية فقدان ثقة حرفائها جراء تجميدها لأرصدة المخلوع وعدد من عائلته.... علما وأنه منذ تجميد الأرصدة في البنوك الأجنبية لم يقع اتخاذ أي إجراء جديد بشأنها...ولم نسمع عن أي تقدم في إجراءات استرجاعها... معطيات تدفع إلى التساؤل عن السبيل الذي على الحكومة التونسية اليوم إتباعه من أجل تمكين التونسيين من استرجاع أموالهم التي نهبت طيلة 23 سنة وانتفعت بها بنوك أجنبية والسعي الى نفي أو تأكيد ما يروج حول استحالة التمكن من عودة الأموال التي "هجرت" من تونس... "الصباح" التقت بليليا بن خذر أستاذة في القانون اختصاص مصارف حضر وتجميد أموال ومعاملات مالية دولية، لتوضيح بعض النقاط القانونية والاجرائية في هذا المجال.
غياب القرار السيادي
وأوضحت ليليا بن خذر منذ بداية اللقاء أن الحكومة التونسية لم تعتمد استراتيجية ممنهجة تحدد فيها أولويات العمل من أجل استرجاع أموال المخلوع وجميع المتورطين في عمليات الفساد بالداخل والخارج. ورأت ان قرار تجميد أموال المتورطين من عائلة المخلوع وأصهاره وأقاربه -علما وأن أسماءهم كانت معروفة- في البنوك التونسية قد جاء متأخرا جدا فقد انتظرت الحكومة لشهرين من أجل القيام بالخطوات الأولى وسمحت بذلك لمعنيين بالتجميد من التصرف في أموالهم بسحبها في شكل سيولة أو تصديرها... أما بالنسبة للأموال الموجودة في دول أوروبا وكندا وسويسرا... فتعتبر أستاذة القانون المصرفي أن القرار لم يؤخذ بعد في شأنها، وتقول أن جميع المبادرات القضائية التي تم اتخاذها بشأن أموال المخلوع قد صدرت عن منظمات عالمية (شيربا وترنسبرينسي والرابطة العالمية لحقوق الإنسان..) فالدولة التونسية كانت ممثلة طيلة الفترة السابقة كطرف مدني في قضايا استرجاع الأموال المسلوبة من الشعب التونسي... في حين كان من واجب الحكومة المؤقتة في هذه المرحلة أن تتخذ قرارا سياديا يقضي بتأميم كل الأموال والأملاك الموجودة في الخارج على ملك قائمة المتورطين. وتضيف ليليا بن خذر: "بعد قرار التأميم يكون التفكير في خطة عمل متكاملة من قبل الحكومة المؤقتة تحدد إستراتيجية جلب الأموال الموجودة بالخارج.." ويكون ذلك وفقا لمحدثتنا ببعث لجنة تضم قضاة وسياسيين وكوادر بنكية ومختصين في القانون يأخذون على عاتقهم مهمة التفتيش عن الأرصدة البنكية ومتابعة المسار الذي نقلت عن طريقه هذه الأموال والمحامين المتهمين بمتابعة عمليات تسريب الأموال أو الاستحواذ عليها طيلة الفترة السابقة...الى أن يصبح للجنة المكلفة من قبل الحكومة والشعب ملف ورؤية شاملة لملابسات القضية وجميع الأدلة والإثباتات...
وأشارت ليليا بن خذر أن بعد الالمام بجميع الحيثيات يتم رفع قضايا في الدول المعنية من أجل عقلات تحفظية في الأرصدة يتم تثبيتها فيما بعد بعقلات تنفيذية... وأضافت أن مرحلة رفع قضايا العقلة تستوجب ضجة اعلامية تحول قضية استرجاع أموال الشعب التونسي الى قضية رأي عام وتبين أن الدول الأوروبية التي احتوت هذه الأرصدة هي في الأصل طرف في التجاوز، فكيف لبنوك سويسرا أو غيرها السماح بفتح رصيد لفرد بكل تلك الأموال التي لبن علي؟ مع أن القوانين الدولية المنظمة للمصارف والمناهضة لجريمة تبييض الأموال تنص على شفافية العمليات المالية ومعرفة مصدر الأموال وتحديد مسار تحولها من دولة الى أخرى... وبكثير من الثقة أكدت المختصة في قانون الحضر والتجميد ل "الصباح" أن التونسيين قادرين على استرجاع أموالهم من البنوك الأجنبية بالخارج وذلك بالضغط دبلوماسيا وإعلاميا توازيا مع التمشي القضائي. وتضيف في السياق أن ماركوس قد نجح بالضغط الديبلوماسي من استرجاع أموال الفيليبين، كما نجحت الحكومة الأمريكية عند اتخاذها لقرار سيادي بغلق البنوك السويسرية في الولاياتالمتحدة ان لم تتجاوب هذه الأخيرة مع التمشي الذي تعتمده أمريكا بشأن رجال أعمال يتهربون من دفع الضرائب وتمكنت بالتالي من إجبار سويسرا للرضوخ لقرارها السيادي...