* في مذكرات المناضل محمد الهادي بن إسماعيل أحمد (صاحب نزل سوليمار) * هكذا أمضيت اشهر السجن بين صفاقس وكراكة باردو...والسجن العسكري بتبرسق... * في "الحبس الجديد" تكدس 165 سجينا في غرفة واحدة تحت راية "كبران" يحكم بالشنق * الاستعمار حاول عزلنا عن العالم الخارجي لكن احدنا صنع "راديو"...وكانت الجرائد تصلنا رغم الاستعمار * للتغلب على الروتين والوحشة كنا نقيم سهرات ونتحدث عن الثورة الفرنسية في "عقر دار المستعمر" في حلقة الأمس من مذكرات المناضل محمد الهادي بن إسماعيل أحمد (صاحب نزل سوليمار) تحدث ابن أخيه السيد جمال عن عمه الإنسان ورجل الأعمال الذي نجح دون أن يكون نجاحه مرتبطا بشهائد عليا في المجال... ونشرع اليوم في بث حلقات من هذه المذكرات التي يرويها لنا عم الهادي بنفسه وننقلها لكن بكل التفاصيل الممكنة. ذكريات السجن تحدثنا في تقديم هذه المذكرات وفي عدد "الخبير" الصادر تحديدا يوم 22 ديسمبر 2011 عن الظروف التي ألقى فيها المستعمر الفرنسي القبض على صاحب قصتنا وعن التهم التي وجهت إليه آنذاك وهو الشاب اليافع الذي مازال يتحسس طريقه في الحياة...تلك التهم كادت تقضي على أحلامه ومستقبله أصلا..فهي لم تكن تقل عن تخريب منشآت المستعمر والتحريض على العصيان والمشاركة في مظاهرات وحمل واستعمال سلاح وذخيرة دون ترخيص...لكن الله كان إلى جانب المناضلين الذين لم يكونوا يفكرون في أنفسهم قدر تفكيرهم في تحرير تونس من الاستعمار...إذن قضي الأمر وبات عم الهادي وراء قضبان سجن صفاقس...وهاهو يروي تلك الحقبة فيقول:"منذ أن دخلنا إلى الكوميسارية حتى شبعنا ضربا وركلا رغم أننا في بطوننا جائعون...لم ننتظر طويلا حتى حملونا إلى الكنيسة حيث أخذنا نصيبا آخر من الضرب...ثم حملونا مباشرة إلى السجن حيث تم تقسيمنا إلى مجموعات تقيم كل مجموعة مكونة من حوالي 12 فردا في غرفة ضيقة وموحشة وباردة...لم تكن رغم كل شيء نشعر بالخوف أو الرهبة...فقد كنا متسلحين بأقوى الأسلحة وهي إيماننا بأن ما نقوم به من أجل تونس التي يهون من اجلها كل شيء..ولعل ما كان يهوّن علينا قساوة السجن ايضا وجود الكثير من المناضلين المعروفين