سلع مبعثرة في كل مكان...أصوات تعالت من كل الجهات، ملابس معلقة على كل الواجهات، محلات اكتضّت بأناس من مختلف الأجناس والأعمار...د لكن لا وجود لمشتر يروي تعطش أصحاب المحلات. رغم الترحاب والبشاشة التي بدت عليها وجوه الباعة إلا أنهم لم يخفوا امتعاضهم ومدى تشاؤمهم لما آلت عليه حال محلاتهم التي لم تعد إلا أن تكون محلات عرض لا غير فاتجهنا نحو أحد الباعة السيد عبد الرؤوف زناتي الذي سبقت إجابته تساؤلاتنا حيث أكد أنه لا وجود لمشتر وإنما كل الحرفاء هم مجرد عابرين وأضاف أن السوق باب بحر تعاني من الركود رغم أن معظم المحلات وضعت نسبة تخفيض قدرت ب20 % و أكثر ولكن الوضع بقي على حاله. وهذا ما اثر سلبا في ميزانية المحل خصوصا انه أصبح لا يمكنه تغطية مصاريف العاملين وهذا ما وضعه في حيرة بدا واضحا حتى على وجوه العاملات، فاتجهنا نحو إحداهن وسألن عن السبب فصرحت أنها تعمل منذ فترة طويلة ولم تر ركودا أشبه بما تراه هذه السنة وخاصة أننا في عطلة الربيع حيث تكتسي هذه الفترة نوعا من الخصوصية من حيث شراء الملابس ،لكن اليوم الحريف بات لا يتعدى حضوره في المحلات مجرد المشاهدة وإن تطور فإنه يسأل عن الأثمان ، فانتقلنا إلى محل آخر لعل الحال يكون أفضل لكن كانت الصدمة أكبر خصوصا أنك ترى بضائع مختلف معلقة في كل أرجاء المحل غالبها لا يرضى من حيث الذوق لمختلف الفئات والشرائح وترى أناسا يدخلون المحل ويغادرون بخفي حنين وعن الأسباب حدثنا السيد نجيب برجي صاحب المحل فقال: "ان كل المواطنين هم مجرد عابرين مؤكدا ان هذا الكساد اقلق الباعة وهذا ما دفع البعض منهم إلى اللجوء للخروج من الأسواق والالتحاق بصفوف الانتصاب الفوضوي والبعض الآخر خير ان يبقى داخل السوق والبيع برأسلمال كما خير ان يقلص من عدد العاملين في المحل الذي يشغل ثلاثة من الباعة وهو ما يزيد في ارتفاع عدد العاطلين عن العمل ، وقد لخص الأسباب في انتشار الانتصاب الفوضوي إلى جانب غلاء المعيشة الذي اثر بصفة مباشرة في المقدرة الشرائية للحرفاء . وقبل مغادرتنا المحل، ارتأينا الحوار مع إحدى الحريفات اللاّتي كنّ يجبن المحل جيئة وذهابا يقلبن بصرهن يمنة ويسرة وكأنهنّ يبحثن عن شيء بعينه سألنا امرأة عن سبب عزوف الحرفاء عن الشراء رغم توفر انخفاض في الأسعار، فكانت إجابتها كالآتي: إن التونسي يمر بفترة حساسة تلعب غلاء المعيشة أهم أسبابها، زد على ذلك كثرة المناسبات وتقاربها زمنيا لذلك بات التسوق عند الكثير أشبه بالتجول للترويج عن النفس والإطلاع على الأسعار لا أكثر. بهذه الكلمات أنهينا جولتنا في سوق باب بحر وقد تبين لنا أن ما يعانيه هذا القطاع من ركود يمكن تداركه بمجرد الوعي بنظرية الموجود والمنشود لا شيء وأن قانون الأسواق يحتكم دائما وأبدا إلى ثنائية العرض والطلب. حسناء سعد علاء لفاني