عاجل/ رئيسا الجزائر وليبيا في زيارة الى تونس    حجز أكثر من 13 الف طن من الفلفل والطماطم بهذه الجهة    وزارة الفلاحة ترصد 11 مليون دينار لتطبيق بروتوكول مقاومة الحشرة القرمزية    فرنسا: ترحيل امام جزائري بتهمة التحريض ضد اليهود    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: غلق باب الترشحات .. وتنافس منتظر بين ال3 قائمات    أبطال إفريقيا: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة صن داونز    عائدات العمل والسياحة تغطي 54 % من خدمات الدين الخارجي    وزارة العدل: تسمية عدد من المسؤولين الراجعين لها بالنظر أعضاء بالمجالس الجهوية    مفاجأة اللحظات الأخيرة .. واصف جليل يتحد مع هذه الشخصيات ويودع ترشحه لإنتخابات الجامعة    عاجل/ حادث انقلاب الحافلة السياحية: مستجدات الوضع الصحي للمصابين    مداهمة نوادي ليلية في قمرت.. وهذا ما تم تسجيله    معرض الدولي للكتاب: جناح خاص بوزارة الأسرة ومشاريعها    القصرينية تحسم الجدل حول خبر طلاقها من زوجها    حجز مخدرات وضبط مروّجيها بمحيط مؤسسات تربوية في هذه المناطق    جلسة بين وزارة الصناعة وشركة صينية لتعزيز استخراج الفسفاط    رئيس جمعية القضاة يتّهم وزارة العدل بالتنكيل به    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    أداة ذكاء اصطناعي تحول صورة ومقطعا صوتيا ل"وجه ناطق" بتوقيع مايكروسوفت    الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    القصرين: وفاة 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين في إصطدام سيارة نقل ريفي بشاحنة    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    خطير/ العالم الهولندي يحذّر من مشروع لحجب الشمس.. يدعمه بيل غيتس!!    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    طقس الجمعة: رياح قوية وانخفاض نسبي في درجات الحرارة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفيق عبد السلام: هناك من أحزاب الترويكا من ليس مقتنعا أصلا بأن هناك ثورة في تونس
نشر في المراسل يوم 10 - 01 - 2013

نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» امس حوارا مطولا مع وزير الخارجية رفيق عبد السلام وفي ما يلي نص الحوار:
جدل سياسي ودوي إعلامي كبير أثير مؤخرا في تونس، حول ما سمي «قضية الشيراتون» والذي اتهم فيه وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام بإهدار المال العام، كما أثيرت على هامش الموضوع قضية حول أنه دفع تكلفة غرفة لامرأة صرح بعدها بأنها قريبته، ثم رفع الوزير قضية ضد المدونة التي نشرت الموضوع وكذلك فندق «الشيراتون» بتونس.
وقال عبد السلام ل«الشرق الأوسط» إن «(قضية الشيراتون) هي زوبعة في فنجان. المسألة مفتعلة من أولها إلى آخرها، وهي جزء من الاستهداف الإعلامي والسياسي لوزير الخارجية ولهذه الحكومة، حتى يشغلونا عن ضرب مواقع الفساد والمفسدين».
وحول الوضع في تونس قال وزير الخارجية إنه ليس من المنتظر أن تحصل تغييرات اقتصادية وتنمية كبيرة خلال ستة أشهر أو سنة أو سنتين. وأضاف: «نكون غير صادقين وواقعيين مع شعبنا وأنفسنا إذا قلنا إننا يمكن أن نحل هذه المشكلات التي تراكمت لعقود طويلة في ظرف وجيز».
كما أشار إلى أن القوى الغربية أكثر إيجابية في التعامل مع المتغيرات في المنطقة العربية، موضحا أن «هذا هو الوضع الطبيعي، لأن تجميد وتعطيل هذه الحركة السياسية ستكون لهما تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية والتنموية والاستقرار العام في المنطقة».
«الشرق الأوسط» التقت وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام في مكتبه بوزارة الخارجية بتونس وأجرت معه حوارا حول الجدل الذي أثارته «قضية الشيراتون» والأوضاع في تونس، وعمل وزارته.. وفي ما يلي نص الحوار:
* كيف تقيمون أداء الحكومة، بعد سنة من شروعكم فعليا في العمل؟
- أداء الحكومة مركب، فيه قدر من النجاحات وقدر من التعثر، بحكم تعقيدات الوضع الذي تمر به البلاد، في مرحلة تحول وفي مناخ ما بعد ثورة، وهذا الأمر متوقع ولكن يمكن أن نقول إن هذه الحكومة كانت موفقة في مجملها في مواجهة كل هذه التحديات والصعاب، سواء كان ذلك على الصعيد الأمني أو الصعيد الاقتصادي أو التنموي، مع وجود صعوبات وتحديات ما زالت قائمة وستظل قائمة ربما للسنوات المقبلة.
* ما أهم المشكلات التي تواجهكم عمليا بين مختلف أطراف الترويكا (حكومة النهضة بالأغلبية وحزب المؤتمر الذي ينتمي إليه رئيس الدولة المنصف المرزوقي، والتكتل، والذي ينتمي إليه رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر)؟
- حكومات الائتلاف صعبة بطبيعتها، وحتى في الديمقراطيات العريقة تحتاج قدرا كبيرا من المراس التوافقي، والبلاد في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة تحتاج إلى روح التوافق الوطني، ونحن اخترنا هذا الخيار بوعي رغم صعوبته لأن بلادنا في هذه المرحلة تمر بمرحلة انتقالية ونحتاج إلى الشراكة العامة، وليس بمقدور أي قوة سياسية بمفردها ومهما كانت طاقاتها وإمكانياتها إدارة المرحلة الجديدة المعقدة، لذلك اخترنا خيار الوفاق السياسي على صعوباته وهناته. نريد أن نشعر الجميع بأن لديهم مصلحة في إنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي، حيث لا يكون هناك خاسرون بالكامل ولا ناجحون بالكامل. ولكن التجربة في مجملها تجربة ناجحة وأفضل من خيار الانفراد بالحكم، ومن أهم الصعوبات الرئيسية التي واجهناها في بعض الأحيان اختلاف الرؤى والمقاربات والأولويات، فضلا عن غلبة الأجندة الحزبية الحصرية على حساب الأجندة الوطنية الجامعة.
* هل يمكن أن تعطينا أمثلة على ذلك؟
- على الصعيد السياسي هناك من يرى أن الأولوية يجب أن تتجه إلا تصفية الإرث الاستبدادي ودفع المحاسبة إلى حدودها القصوى وإصلاح منظومة القضاء والإعلام والإدارة وسائر مؤسسات الدولة بأسرع ما يكون، وهناك من يميل إلى تغليب منطق الدولة على الثورة، وللحقيقة والدقة خطوط التمايز لا تتحدد بين مكونات الترويكا فقط، بل هي تشق الأحزاب المكونة لها نفسها، فهناك داخل أحزاب الترويكا من ليس مقتنعا أصلا بأن هناك ثورة في تونس، وربما حتى في مصر. على الصعيد الاقتصادي والتنموي، هناك من يرى أنه من المهم التركيز الآن على المشاريع الصغرى والمتوسطة وهناك من يرى ضرورة التركيز على المشاريع البعيدة المدى التي تستهدف البنية التحتية، وتشغيل عدد أكبر من اليد العاملة، وتظل كل هذه المسائل في نظر التقدير الاقتصادي والسياسي، مع أننا متفقون في الخطوط والاتجاهات العامة ولا توجد اختلافات جذرية على هذا الصعيد.
* هل حقا أن «النهضة» وبحكم مناصبها في وزارات السيادة هي صاحبة القرار الأول في الحكومة؟
- لا، لا يوجد أحد صاحب قرار أول أو نهائي في الحكومة، حصلت توافقات داخل الترويكا، وبالتأكيد حركة النهضة هي الطرف الرئيسي، وهذا ما يجعل لكلمتها وزنا مؤثرا، وبالتأكيد هي الطرف الرئيسي ورأي «النهضة» محدد في قرارات الحكومة. ولكن هذا لا يعني أن المفتاح السحري بيد «النهضة» وحدها دون غيرها.
* ما أهم الصفقات التي عقدتموها ومع أي بلدان؟
- نحن تحركنا في اتجاهات مختلفة بما يعكس الديناميكية السياسية والتحولات التي تعيشها تونس الجديدة في مرحلة مخاض تحول، والكل يريد أن يسمع صوت الفريق الجديد الذي يدير مقاليد الحكم في تونس، وتحركنا بشكل أكثر انفتاحا على المحيط المغاربي والعربي، والأفريقي والأوروبي والدولي، والدبلوماسية التونسية نشطت في مختلف هذه الاتجاهات لإبراز الدور النشيط لتونس الجديدة، وكذلك لتوثيق الصلات والعلاقات الدبلوماسية ودعم المشاريع التنموية، والحمد لله كانت هناك نجاحات معتبرة وهذا الأمر لا يعود لأداء وزير الخارجية بقدر ما يعود إلى أن كل العالم بطبعه منفتح على تونس الجديدة ويريد أن يتابع التجربة الوليدة.
* عندما سألتكم عن صفقات فأنا أقصد هل فعلا هناك أمور ملموسة وهل عقدت صفقات فعلية ودخلت أموال لتونس؟ مثلا هل تم الاتفاق على مشاريع بالفعل؟
- بالتأكيد تم عقد الكثير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وإنفاذ مشاريع ملموسة، من ذلك مثلا تحويل الديون الألمانية بذمة تونس إلى استثمارات تنموية، خصوصا في المناطق الداخلية المحرومة، أي مبلغ 60 مليون يورو سنويا يتم تحويلها إلى مشاريع تنموية ذات مردودية إيجابية على حياة المواطنين، وكذلك عقدنا صفقات مهمة مع دول الخليج العربية من استثمارات في قطاعات مختلفة، في الصناعة، في البنية الأساسية، في الطاقة وغيرها من المجالات، وهذا جانب أساسي، كما تقدمنا خطوات ملموسة في مسار التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن الشراكة المميزة.
* الناس يريدون التنمية والنهوض بأحوالهم اليومية بشكل عاجل وملموس، ولم يروا شيئا من صفقات سمعوا عنها بالمليارات، بل على العكس مستوى المعيشة في تدن مستمر، وتوفير مواطن الشغل نسبته غير مطمئنة؟
- من حق الناس أن تكون لهم مثل هذه الانتظارات، ومن حق الحكومة بل من واجبها أن تبسط الحقائق كما هي وتصارح الناس. وهذا أمر متوقع وعادة تكون انتظارات الناس في مراحل التحولات السياسية الكبرى وفي مناخ الثورات، ولكن يجب أن نكون واقعيين، فليس بإمكان حكومة مهما كانت إمكانياتها وطاقاتها أن تحل تراكمات مشكلات تراكمت لما يزيد على الخمسين سنة، نحن الآن نواجه تراكمات مشكلات اقتصادية وتنموية واجتماعية، ونكون غير صادقين وواقعيين مع شعبنا وأنفسنا إذا قلنا إننا سنحل هذه المشكلات في ظرف وجيز، ولكن بالمعطيات والأرقام الأمور تتحسن وهذا مما لا شك فيه، فعلى مستويات التنمية وصلنا إلى ما يزيد على 3 في المائة بعدما كنا في 1.8 تحت الصفر، وتم توفير ما يقرب من 70 ألف فرصة عمل تقريبا، هناك انخفاض بنسبة 1.5 في نسبة البطالة، ولكن بالتأكيد ترجمة هذا الأمر على مستوى الدخل الفردي ومستوى الحياة اليومية ستحتاج بعض الوقت، وليس من المنتظر أن تحصل تغييرات اقتصادية وتنمية كبيرة خلال ستة أشهر أو سنة أو سنتين. ولكن نستطيع القول إننا بدأنا مسارا بطموح كبير وميزانية هذا العام مقارنة بميزانية السنة الماضية وفرت أكبر نصيب من التمويل لتنمية المناطق الداخلية والمحرومة منذ بداية الاستقلال.
ونحن نعرف أننا نعاني خللا تنمويا بدأ منذ بداية فترة الاستقلال وحتى فترة الحماية الفرنسية بتركيز المشاريع التنموية في العاصمة والمناطق الساحلية مع تهميش مناطق الداخل والشمال الغربي والجنوب، ونحن نعمل على تحقيق قدر من التوازن الاجتماعي بين مختلف الفئات والجهات.
* نعلم أن المعاملات الأوروبية التونسية تقارب ال80 في المائة، لكن يبدو أنه منذ تسلمكم الوزارة أصبح هناك انفتاح نحو أسواق مختلفة، فما هي البلدان التي يهمكم التعامل معها أكثر من غيرها؟
- نحن بدأنا علاقات جديدة لكن ليس على حساب الاتحاد الأوروبي، علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي راسخة ونعمل على تطويرها، وبموازاة ذلك نعمل على الانفتاح على حلقات أخرى، لأن هناك فعلا تغيرات كبيرة تجري في بنية الاقتصاد الدولي لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار في مجال سياساتنا الخارجية، لكن واقع الجغرافية السياسية ومصالحنا الاقتصادية تملي علينا صلات متميزة مع الاتحاد الأوروبي. نحن الآن بصدد التفاوض، حول شراكة مميزة مع الاتحاد الأوروبي من شأنها أن توثق العلاقات الاقتصادية وتوثق مجالات التبادل التجاري مع الاتحاد، ولكن في نفس الوقت نحن انفتحنا على فضاءات أخرى، في المجال الأفريقي مثلا والذي نعتبره مجالا حيويا وأساسيا، والذي تم تجاهله خلال العقد الأخير، خصوصا ونحن نجدد الآن علاقاتنا بهذا الفضاء.
* بالنسبة للمجال الأفريقي، ما الدول التي يهمكم التعاون معها وتوثيق العلاقات بها؟
- الكثير من الدول في أفريقيا مثل تشاد والنيجر وغيرهما جددنا معها الصلات السياسية والتجارية، وهناك اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة، في المجال التعليمي، في مجال الطيران، في مجال الصحة، وغيرها من المجالات. كذلك زرنا النيجر وبلدان أفريقية أخرى ونحن نقبل على تطوير العلاقات بالدول الأفريقية، والفضاء المغاربي أيضا فضاء حيوي وأساسي ويحظى بالأولوية باعتبار الارتباط الجغرافي والثقافي والتاريخي والمصالح الاقتصادية.
فعلاقاتنا الاقتصادية بالجزائر علاقات متنامية اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، وكذلك بالجارة ليبيا وبالمغرب وبموريتانيا. والعلاقة أيضا بدول الخليج علاقة متطورة وتشهد نموا معتبرا، فنحن منفتحون على الجميع مشرقا ومغربا وشمالا.
* نشهد توسعا في العلاقات التونسية - التركية، هل النموذج التركي هو ما تريده حكومتكم مستقبلا للبلاد؟
- لا، نحن لا نريد نماذج جاهزة ومعلبة، صحيح أن علاقتنا بتركيا متينة لاعتبارات كثيرة، ولم تبدأ اليوم، منذ بداية الاستقلال كانت العلاقات وطيدة بين تونس وتركيا، ولكن نحن نعمل فعلا على تعميق هذه العلاقات لصالح البلدين وهناك اتفاقيات مهمة تم توقيعها مع الطرف التركي، وهناك مجلس شراكة مشترك تونسي - تركي اتفقنا أن ينعقد في السداسية الأولى من هذه السنة.
* وما دور هذا المجلس؟
- دور هذا المجلس أن ينسق العلاقات التونسية - التركية في مختلف المجالات ويجمع القطاعات الوزارية الحيوية تحت مظلة واحدة، في المجال الاقتصادي، والتعليمي والتنموي والثقافي وفي مختلف الاختصاصات. فعلا العلاقات التونسية - التركية في نمو رغم أن معدل التبادل التجاري لم يتجاوز مليار دولار وهذا معدل يعتبر متواضعا نسبيا ولكن هناك إرادة ورغبة مشتركة بين البلدين للارتقاء بالتعاون التجاري وتعميق المنافع المشتركة بين البلدين. ومن ناحية النموذج فنحن لا نرى نموذجا جاهزا يمكن أن يصدر لتونس، بل نرى أن تونس جديرة بأن تؤسس النموذج الخاص بها، وهي قادرة على صياغة نموذج يمكن الاستفادة منه في العالم العربي.
* قطر وهباتها تثير الكثير من الجدل في الساحة التونسية، فما حقيقة العلاقة مع قطر وما دوركم الشخصي فيها؟
- نحن كنا منفتحين على كل الأشقاء العرب ويشرفنا أن تكون علاقاتنا بالعالم العربي وثيقة ووطيدة، وعلاقتنا بقطر جيدة فعلا ونحن نشكرها على الدعم الذي وفرته لتونس في مرحلة انتقال صعبة وحساسة، مثلما هو الأمر بالنسبة لعلاقاتنا بدول الخليج العربية، بالمملكة العربية السعودية والكويت وسلطنة عمان.
* العلاقات الخليجية التونسية، هل هناك مساع تونسية لتفعيلها؟ وهل هناك خصوصيات للعلاقات بين تونس والمملكة العربية السعودية؟
- نحن جادون لتطوير علاقاتنا بدول الخليج العربية بما في ذلك المملكة العربية السعودية، ونقدر أن للمملكة العربية السعودية ثقلا اقتصاديا وسياسيا في العالم العربي لا يمكن إنكاره، وكانت زيارة رئيس الحكومة منذ الأشهر الأولى لتشكيل الحكومة فتحت آفاقا جديدة في العلاقات التونسية - السعودية وهناك فعلا استثمارات ورجال أعمال سعوديون قدموا إلى تونس، وبحثوا عن فرص استثمارية واعدة في السوق التونسية.
* ما الفرق حسب تقييمكم بين «النهضة» (الحزب الحاكم بالأغلبية في تونس)، وحكومة «الإخوان» من ناحية العمل الداخلي وخاصة العلاقات الخارجية؟
- الفرق بين «الإخوان» و«النهضة» هو مثل الفرق بين تونس ومصر، ، هناك تقارب في الجذع الآيديولوجي لما بات يعرف بالإسلام السياسي لكن تبقى لكل تجربة خصوصياتها المتأتية من البيئة والمحيط العام، فتونس بلد قريب جدا من أوروبا من الناحية الجغرافية والثقافية، ولا يمكن أن تدار إلا بروح توليفية ليس فقط على صعيد السياسة، بل على صعيد الثقافة والهوية أيضا. فتونس لا يمكن أن تتجاهل بعدها العربي الإسلامي مثلما هي لا تستطيع إغماض عينيها عن الرياح الأوروبية المتوسطية والذين يريدون لتونس أن تعرج برجل واحد لن يبقوا على السير طويلا. نحن متشاركون في المرجعية العامة لكن اختلافنا في التنزيل العام وفق خصوصية الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية بين كل من تونس وجمهورية مصر. مصر مثلا وبحكم وزنها الديموغرافي وثقلها بالإقليمي لا تعيش قلقا على صعيد الهوية خلافا لتونس التي هي مضطرة أن تساير تدفقات أمواج ورياح مختلفة بقدر من التوازن العقلاني الرشيد.
* هناك متابعون يرون أن الغرب يبدي نوعا من الدعم للحكومتين وخاصة الجانب الأميركي، فهل هذا صحيح وما ثمن هذا الدعم؟
- أنا لا أعتبره دعما وإنما أعتبره تعايشا وقبولا بالوضع الجديد، القوى الدولية الكبرى فاجأتها تحولات لم تتوقعها أو تحتسبها، ووجدت نفسها مضطرة لمسايرة الأمور ومراقبتها، هناك متغيرات عميقة يشهدها العالم العربي سيتوقف عندها المؤرخون والباحثون الاجتماعيون لعقود طويلة قادمة. المهم هنا أن القوى الدولية الكبرى وإن بدرجات متفاوتة تتجه نحو التعايش مع الوضع الناشئ للحفاظ على الهدوء السياسي وضمان الاستقرار، بعد أن كان هذا الاستقرار عنوانا مظللا للجمود السياسي، الثورات العربية هزت هذا المرتكز، وهناك قوى جديدة ومتغيرات عميقة يشهدها العالم العربي ويبدو أن القوى الغربية أكثر إيجابية في التعامل مع هذه الأوضاع، فهي باتت تقبل أن تتيح فرصة لهذه الحكومات الجديدة التي صعدت للسلطة. وهذا هو الوضع الطبيعي، لأن تجميد وتعطيل هذه الحركة السياسية ستكون له تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية والتنموية والاستقرار العام في المنطقة، لأن البديل عن القوى التي تحكم اليوم هو موجات مدمرة من العنف والجماعات الفوضوية التي تتربص الدوائر وتحاول التسلل من ثغرة الحريات المتاحة اليوم.
* من دون ثمن؟
- ماذا تقصدين؟
* الدعم الغربي للحكومات الإسلامية، ما الثمن الذي يمكن أن تقدموه في المقابل، لأنه كأي حكومة يدعمها ينتظر ثمنا؟
- لا يمكن الحديث عن ثمن بمعنى بيع وشراء، لكن هي مصالح مشتركة. الدول الكبرى لا تحكمها العقائد والآيديولوجيات بقدر ما تحكمها المصالح والمنافع، ربما تبدو بعض القوى الدولية أكثر تصلبا لأنها لم تتحسس بعد عمق التحولات الجارية ولكنها ستضطر آجلا أو عاجلا إلى ابتلاع الحقائق الجديدة. هناك مصالح متبادلة، ومن مصلحة ما يسمى الغرب ومصلحة المنطقة هو ضمان وجود الاستقرار السياسي ففي ظل تداخل الأوضاع الدولية وتراجع دور الحواجز والعوازل الدينية والقومية أي خلل يقع في هذه البقة أو تلك من العالم لا بد من أن تمتد تداعياته الخطيرة على الجميع. وهناك تجارب قاسية لا يريد الغرب ولا نحن تكرارها.
* ما الفرق بين سلفيي تونس وسلفيي مصر؟
- هو مثلما ذكرت مثل الفرق بين تونس ومصر، والتيارات السلفية ليست كتلة متجانسة، وربما مبعث السلفية تشكل من الجزيرة العربية لكن ببصمات وتوجهات مختلفة، فالسلفية تحكم مثلا في بعض الدول ولكنها لا تثير كثيرا من الحيرة أو القلق، وهناك سلفيات سلمية تشتغل في العمل الثقافي الدعوي، وهناك سلفية راديكالية، وهناك سلفية عنيفة، السلفية هي توجهات مختلفة لكن تظل المشكلة الأساسية في التيار السلفي العنيف الذي لا يتورع عن استخدام العنف وإشهار السلاح بمبررات ومسوغات دينية وهذه المشكلة الأساسية. تيارات الإسلام السياسي متنوعة كذلك الأمر بالنسبة للمدارس السلفية باتجاهاتها المختلفة.
* زيارتكم لغزة أثارت جدلا، فمن ناحية تتجنبون إثارة مسألة التطبيع مع إسرائيل والخوض فيها، ومن ناحية أخرى نرى تفعيلا للعلاقات مع الفلسطينيين وخاصة حركة حماس؟
- ليس لدينا ما يخجل في علاقتنا بالجانب الفلسطيني، بالنسبة لمسألة التطبيع نحن ملتزمون بالموقف العربي، ونحن جزء من الجامعة وموقف تونس لا يختلف عن بقية الدول العربية من هذه الناحية. تونس لن تطبع مع إسرائيل بأي حال من الأحوال، وبالنسبة لعلاقتنا بالفلسطينيين نحن نقف على مسافة واحدة من كل الفصائل الفلسطينية، وأؤكد على ضرورة وحدة الصف الفلسطيني ورأب التصدعات القائمة، وتعزيز الموقف الفلسطيني وحماية الثوابت والمصالح الفلسطينية. وليس لنا تحيز لطرف على حساب آخر لكننا متحيزون للحق الفلسطيني والشرعية الفلسطينية.
* حجم وجود السلفية الجهادية في تونس، خاصة بعد التقارير التي تقارن جماعات في جبل الشعانبي التونسي بجبال طورا بورا، وأحداث دوار هيشر التي وقعت فيها مؤخرا مواجهات بين الأمن وجماعة من السلفية الجهادية والتي أسفرت عن مقتل امرأة، وتصريحات وزير الداخلية حول تفكيك خلايا إرهابية؟
- التحقيقات بينت وجود بعض المجموعات العنيفة، التي تأثرت بفكر «القاعدة»، وليس بالضرورة أن يكون لها انتماء لهذا التنظيم لكنها تأثرت به، وتقديري الشخصي أن هذه المجموعات محدودة جدا وهامشية وطبيعة الجغرافيا التونسية لا تسمح لها بالتمدد، جبال الشعانبي لن تتحول بأي حال من الأحوال إلى طورا بورا، فطبيعة التضاريس لا تسمح بهذا أصلا وطبيعة الثقافة السياسية أيضا لا تسمح بهذا، الأرضية العامة والثقافة الجمعية في تونس قائمة على الاعتدال وعلى التنوع وعلى التسامح ولا يمكن للتيارات السياسية العنيفة أن تجد أرضية خصبة في تونس وأن تجد حاضنة شعبة واجتماعية.
* جدل سياسي ودوي إعلامي كبير أثير مؤخرا، حول ما يسمى «قضية الشيراتون» والذي اتهمتم فيه بإهدار المال العام، وأثيرت حتى قضية حول أنكم دفعتم تكلفة غرفة لامرأة صرحتم بعدها بأنها قريبتكم، ثم رفعتم قضية على المدونة التي نشرت الموضوع وكذلك نزل «الشيراتون»، هل يمكن أن تفيدونا بتفاصيل حول القصة؟
- في الحقيقة قضية «الشيراتون» هي زوبعة في فنجان، والمسألة مفتعلة وهي جزء من الاستهداف الإعلامي والسياسي لوزير الخارجية ولهذه الحكومة، كل ما في الأمر أن وزير الخارجية قضى سبعة أيام في فندق، اقتضتها ظروف العمل، في إطار علاقاتنا الدبلوماسية والسياسية، وكل ما دفع في هذا المجال يدخل في نطاق العمل ولم يصرف مليم واحد في شؤون خاصة. وما أشيع عن هذه المرأة يدخل في إطار الكيد السياسي لخلط الأوراق، فهي قريبة جاءت في شأن عائلي خاص، وإصلاح ذات البين والإحسان إلى ذوي القربى من صميم ديننا وثقافتنا العربية، ولم يدفع لها مليم واحد من وزارة الخارجية.. هذا هو الموضوع بكل اختصار.
* هل صحيح أن الغرفة كانت محجوزة من طرف وزارة الخارجية منذ 2009، لاستعمالها من طرف الوزير عند الضرورة؟
- هذا الأمر ليس صحيحا ولكن لدينا اتفاقية أفضلية مع فندق الشيراتون تتيح تخفيض الأسعار بنسبة 50 في المائة تقريبا، وأنا من أقل وزراء الخارجية إنفاقا في هذا الجانب، وأنا لا أنفق أي مبلغ إلا في مكانه ونفرق بين المجال الخاص والشأن العام. وقد قدمنا قضية ضد المدونة التي أثارت الموضوع لأنها رمتنا ببعض الاتهامات دون أن تكلف نفسها عناء التحقيق، وهناك بعض الفواتير المزيفة أصلا. وهي لم تقر أيضا بأن وزير الخارجية قد دفع نفقات أي شخص من العائلة من نفقات الوزارة، نحن فعلا دفعنا كل ما يتعلق بالعمل من نفقات وزارة الخارجية، وكل ما يخرج عن نطاق العمل يدفع من جيبي الخاص. وكل الأمور المالية في وزارتنا تدار بمطلق الشفافية والنزاهة، وهناك دوائر مراقبة مالية في وزارة الخارجية ووزارة المالية تدقق في هذه المسائل ولا توجد أي ثغرات على هذا الصعيد.
وقد رفعنا قضية ضد المدونة لأن هناك مسا بالذمة الأخلاقية والمالية وهناك تزييف لوثائق بمعطيات.
* من وراء هذه المدونة؟
- هي اعترفت في أحد اللقاءات الإعلامية، واعتذرت لقريبتي، وقالت إنها أخطأت وأدخلت هذا الموضوع بغاية لفت الانتباه إلى ما سمته الفساد المالي، والآن أصبح الملف في يد القضاء الذي ننتظر أن يفصل فيه. وأنا لا أخوض في النيات وهناك من صرح بأنه يدعم هذه المدونة لغايات سياسية، هناك من صرح بأنه يدعم هذه الصحافية ونحن لا نرى عيبا في إرادة التغيير في تركيبة الحكومة لكن نعيب هذه الأساليب الملتوية وغير الأخلاقية التي تم اللجوء إليها لغايات سياسية بحتة.
* تدخل الشيخ راشد الغنوشي، عبر ما قاله في خطبة الجمعة التي تلت خروج «قضية الشيراتون» وموعظته حول ضرورة «ردم الشائعات»، ألا ترون فيه دفاعا غير مشروع عنكم وتدخلا في شؤون تخص الحكومة وحدها وليس الحزب؟
- الشيخ راشد تحدث في إطار موعظة خطبة الجمعة، وفي إطار ما يسمى حرب الشائعات التي راجت في تونس، وخاصة مع الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» أصبح من السهل على من يدعون الآن أنهم صحافيون الترويج لشائعات حتى وإن كانت خاطئة، وأصبحت تنتشر بسرعة وتنقل عبر وسائل الإعلام وتبدو وكأنها حقائق. ولكن هذا لا يمنع أننا مع حرية الإعلام والصحافة، وصحافة الاستقصاء على وجه التحديد لكن شرط الالتزام بآداب المهنة. وأن لا يتم قذف الناس في ذممهم الأخلاقية والمالية لأغراض سياسية.
* بينما يرى البعض أن «قضية الشيراتون» هي أساسا مفتعلة وأطلقت في هذا الوقت للضغط على الحكومة لعزلكم عن منصبكم في فترة تحويرات وزارية، يرى آخرون أنها على العكس حتى وإن كانت هناك نية لذلك فسيتم التراجع عنها في رسالة من الحكومة أنها لا تستجيب ولا ترضخ للضغوط وبالتالي خدمتكم؟p
- أنا لا أرغب في الخوض في مثل هذه الأمور، بل أريد أن أشخص الحدث، ونرى أن إثارة مثل هذا الحدث في مثل هذا الوقت عند الإعلان عن رغبة التحويرات الوزارية هو لغاية في نفس يعقوب، وقد يكون لهذا الحدث مفعول عكسي ويبدو أن هذه الأطراف كانت رسالتها خاطئة. فقد حظي وزير الخارجية بدعم واضح من إخوانه وأخواته في مجلس شورى حركة النهضة مثلما استهجنت قطاعات كبيرة من النخبة هذا الأسلوب الآسن.
* هل صحيح أن من أبرز الطامحين لتولي منصبكم الهادي بن عباس، وأن المؤتمر يمارس ضغوطا لتحقيق هذا؟
- أنا لم أسمع بهذا الأمر، لكن أعلم أن بعض الأطراف في المؤتمر تدعو إلى تغييرات داخل الحكومة. والأكيد أن وزارات السيادة ستبقى لحكومة «النهضة» بغض النظر إن بقي رفيق عبد السلام أو علي العريض أو البحيري أم لا. والأرجح أن لا تمس التغييرات وزارات السيادة والقرار لأخير سيكون لحركة النهضة دون غيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.