منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    تونس تصدر موقفا بخصوص فشل مجلس الامن الدولي في اقرار عضوية دولة فلسطين الكاملة    ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    قبل الهجوم الصهيوني الوشيك ...رفح تناشد العالم منعا للمذبحة    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    انطلاق الموسم السياحي بتونس.. «معا للفنّ المعاصر» في دورته السادسة    الجم...الأيّام الرّومانيّة تيسدروس في نسختها السابعة.. إحياء لذاكرة الألعاب الأولمبيّة القديمة    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    توقيع مذكرة تفاهم بين تونس و 'الكيبيك' في مجال مكافحة الجرائم الالكترونية    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    عاجل/ تعيين مديرتين عامتين على رأس معهد باستور وديوان المياه    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    وزارة التربية تقرر إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور أساتذة على خلفية هذا الاحتجاج ّ    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الخارجية رفيق عبد السلام : الديبلوماسية تدار على أساس المصالح.. وهناك وفاق بين الرؤساء الثلاثة
نشر في الفجر نيوز يوم 19 - 01 - 2012

قال وزير الخارجية، السيد رفيق عبد السلام، أن السياسة الخارجية تدار بطريقة وفاقية بين الرؤساء الثلاثة... وأوضح في حوار خص به "الصباح" أنه لم يأت للوزارة ليقلب السياسة الخارجية رأسا على عقب، إنما للتطوير والتجديد ضمن أفق جديد.. وشدد عبد السلام في أول حديث له لصحيفة يومية تونسية، على أن
الدبلوماسية لا تدار على أساس العقائد والايديولوجيا، بل على أساس المصالح، مؤكدا حرصه على إدارة علاقات تونس الخارجية بمنطق الدولة وليس بمنطق حزبي أو عائلي أو مصلحي...
وكشف وزير الخارجية من جهة أخرى، عن وجود تفكير لعقد قمة مغاربية خلال الفترة المقبلة، وألمح الى وجود قناعة بين قيادات المنطقة بضرورة فتح الحدود بين دول المغرب العربي..
وحول العلاقة بدولة قطر التي أثارت جدلا واسعا، أوضح السيد رفيق عبد السلام، أن "قطر ترغب في مساعدتنا وليس التدخل في شؤوننا"، ووصف المخاوف على السيادة ب"المصطنعة".. لكنه أشار إلى أن البعض يغيضه تحريك عجلة الاقتصاد لذلك يستخدم قطر كفزاعة لإرباك المصالح التونسية.
وهذا نص الحديث..
أجرى الحوار: صالح عطية
هناك مخاوف لدى البعض من اعتماد ديبلوماسية حزبية، خصوصا بعد استضافة السيد إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، بحيث لم تبدأ الحكومة بدعوة الرئيس محمود عباس، ما رأيكم؟
تونس مفتوحة امام الجميع، بعد الثورة ليس هناك أية شروط لاستضافة أشقاء تونس واصدقاءها... وبعد ان استقبلنا الاخ هنية، كان بيننا وزير الخارجية الفلسطيني وسنستقبل فخامة الرئيس محمود عباس على أرض تونس.. ومن الايجابي ان يزورنا السيد هنية، وان يردف ذلك بزيارة للرئيس ابو مازن لنؤكد بذلك على معنى وحدة الصف الفلسطيني.
هل هذه الزيارة واردة فعلا؟ وهل وجهتم دعوة للرئاسة الفلسطينية؟
ستوجه دعوة للرئيس محمود عباس لزيارة تونس قريبا.. وينبغي ان يكون واضحا للجميع، ان تونس ما بعد الثورة فضاء مفتوح امام اشقائنا العرب للنشاط الثقافي وللعمل الشعبي العام بعد سنوات كثيرة انغلقت فيها تونس وانكفأت على نفسها.. نحن بلد ديمقراطي مفتوح ومنفتح في آن معا..
ثمة من يعتبر ان الدبلوماسية التونسية تسير باربعة رؤوس: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية والاستاذ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة. الا يؤثر ذلك على تقاليد الدبلوماسية التونسية؟
هذا توصيف فيه قدر كبير من التعميم، الذين يقودون الدبلوماسية حاليا، بينهم توجه وفاقي، وفق القانون المؤقت لتنظيم السلط العمومية، فالسياسة الخارجية تدار بطريقة وفاقية بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الوطني التأسيسي، والتنفيذ من مشمولات وزارة الخارجية، ولا ارى ثمة تناقضا بين هذه الأطراف.. اما فيما يتعلق بالشيخ راشد الغنوشي، فهو لا يتولى مسؤولية رسمية، وما يقوم به من تحركات يدخل تحت طائلة ما يسمى ب"الدبلوماسية الشعبية"، وهو ما يساعدنا على تنمية علاقاتنا الخارجية، وهذه الجهود جميعا تتكامل ولا تتضارب مع بعضها البعض... فالدكتور المرزوقي يمثل الدولة وهو يمارس دبلوماسية رسمية، والشيخ الغنوشي وغيره من زعماء المعارضة، يمكن أن يساعدونا على تنشيط علاقاتنا الخارجية... وبهذه المناسبة، أدعو كل زعماء الأحزاب السياسية إلى أن يتواصلوا مع أصدقائنا واشقائنا في الخارج، بما يسهّل مهمة الدبلوماسية التونسية..
البعض يرى أن القطيعة لم تحصل بعد تشكيل الحكومة، بين "الدبلوماسية الثورية" و الدبلوماسية التقليدية المتعارف عليها في العلاقات الدولية. ما رأيكم؟
نحن لم نأت لنقلب السياسة الخارجية رأسا على عقب.. لدينا تقاليد في سياستنا، ولدينا خبرات وكفاءات عالية سنستفيد منها.. جئنا لنطور ونجدد وليس لنهدم كل شيء ولن ننطلق من صفر.. سنعمل على تدارك النقائص التي كانت موجودة، وتطوير ما هو قائم من ايجابيات... واعتقد ان عملية التطوير ستطال مختلف سياساتنا ووزاراتنا، فهذا أمر مطلوب بما يستجيب لتطلعات وأهداف الثورة، ولكن أيضا بادوات ومؤسسات الوزارات القائمة.. انا اكتشفت أن ثمة طاقات وامكانات دبلوماسية وادارية متميزة، سنعوّل عليها في تطوير العمل الدبلوماسي الخارجي، ضمن رؤية جديدة تستفيد من السياق العام الذي تتحرك فيه تونس حاليا..
ما هي عناصر هذه الرؤية؟
هي وجود دبلوماسية نشيطة وفاعلة، تشتغل في مختلف الاتجاهات التي تقتضيها الجغرافيا السياسية التونسية.. نحن شركاء مع الاتحاد الأوروبي، ولدينا صلات متينة يفرضها موقعنا الجغراسياسي، باعتبارنا بلدا متوسطيا، خصوصا في مستوى علاقاتنا مع فرنسا وايطاليا واسبانيا والمانيا، دون ان ننسى بقية الدول الأوروبية التي لدينا شراكة استراتيجية معها... وبالتوازي مع ذلك سنشتغل في الأبعاد الأخرى، خاصة بعدنا المغاربي الذي يعد أساسيا وحيويا، بحيث سنراهن على دول الجوار: الجزائر وليبيا والمغرب التي تحتل أولوية في سياستنا الخارجية، ومنها إلى العالم العربي، ثم الفضاء الإفريقي الواسع، الذي لم نتحرك نحوه بالقدر المطلوب خلال المرحلة الماضية.. سنفعّل دبلوماسيتنا السياسية والاقتصادية بهذا الاتجاه، لاستثمار كل الفرص الموجودة، سواء كان ذلك على الصعيد الاقتصادي، او على المستوى السياسي والدبلوماسي..
أفهم من ذلك، أنكم لن تعقدوا تحالفات جديدة؟
لا... نحن لن ندخل في تحالفات جديدة.. فالنظام الدولي أصلا ليس قائما على كتل صلبة متضاربة مع بعضها البعض.. صحيح ان العلاقات الدولية متداخلة اليوم، وهناك قوى دولية متعددة ونحن نعيش في عالم متعدد الأقطاب، تحتل فيه القوى الأمريكية المرتبة الأولى ما في ذلك شك، والقوة الأوروبية في المقام الثاني، لكننا لسنا مضطرين للدخول في أحلاف لان مناخ الحرب الباردة ولىّ وانتهى.. ونحن منفتحون في علاقاتنا الخارجية على جميع القوى والأطراف في إطار ما يخدم مصالحنا الوطنية... وما يخدم علاقاتنا ومصالحنا القومية العربية...
هناك حديث عن علاقات جديدة مع ما يعرف ب"القوى الصاعدة" في آسيا والقوس الإسلامي... هل هذا وارد فعلا؟
سنوثق العلاقات بهذه القوى الصاعدة والنامية، على المستوى الاقليمي والعالمي.. ندرك أن هناك قوى متميزة لها قدرات اقتصادية وادوار سياسية استراتيجية على غرار ماليزيا واندونيسيا وسنغافورة والصين واليابان والهند وتركيا وغيرها، سنعمل على توثيق العلاقات معها، وهذا أمر تقتضيه المصلحة الوطنية، وتستوجبه البراغماتية السياسية، التي تدار في ضوء السياسة الخارجية.. والدبلوماسية لا تدار على أساس العقائد او الايديولوجيا، إنما على خلفية المصالح التي تخص الدولة التونسية والشعب التونسي..
في هذا السياق، يطرح الملف الإيراني نفسه.. العلاقة مع طهران مرّت بتموجات عديدة منذ سبعينيات القرن المنقضي، ولا يبدو أن تونس استفادت بشكل جيد من ايران بسبب سياسة الحذر والشكوك التي كانت مهيمنة... كيف ترون أفق هذه العلاقة مع طهران مستقبلا؟
لسنا في علاقة تحالف او حرب مع إيران... هي علاقة عادية مثلما هو الحال ببقية الدول الإسلامية، نرحب بكل تعاون اقتصادي وتنموي مع الجمهورية الإيرانية.. بلدنا مفتوح للتعاون بما يخدم مصالحنا الوطنية فليس لدينا الآن علاقات متميزة مع طهران، وليس لدينا موقف عدائي مع هذا البلد الذي نتطلع لتفعيل علاقاتنا معه في سياق حرصنا على تنشيط العلاقات التونسية مع البلدان الإسلامية بشكل عام..
تحركت عائلات وأهالي المفقودين في العراق مؤخرا أمام وزارة الخارجية للمطالبة بعودة أبنائهم.. كيف ستتصرفون في هذا الملف المعقد؟
في الحقيقة، هذا احد الملفات الشائكة التي سنتعاطى معها في المرحلة المقبلة... شخصيا اجتمعت مع ممثلي هذه العائلات ونشطاء حقوق الإنسان، وذكرت لهم بأننا نبذل قصارى جهدنا للحصول على المعطيات والمعلومات أولا، ثم لضمان في الحد الأدنى محاكمة عادلة لأبنائنا المعتقلين هناك، لا شك ان أولويتنا هي استرجاعهم إلى ارض الوطن، لكن ضمن ما هو متاح في مستوى علاقاتنا السياسية والدبلوماسية وفي اطار القانون الدولي أيضا.
أنا وعدت عائلات المفقودين والمعتقلين ببذل جهودنا في هذا المجال، ولدينا ادارة تعمل على هذا الملف، وهي على تواصل مع عائلاتهم كما ان سفيرنا في العراق يتحرك على أكثر من مستوى للحصول على المعطيات اللازمة، وللتواصل مع السجناء والمعتقلين هناك، كما وكلنا محامين داخل العراق للدفاع عنهم، ما نعد به هو أننا سنكون جادين في معالجة هذا الملف ضمن الإمكانات المتاحة..
ملف المعتقلين والمفقودين في العراق، يطرح مشكل التونسيين الموقوفين والمسجونين في غوانتانامو وفي بعض السجون الافريقية أيضا، هل ستتحركون في هذا الملف؟
هناك تركة مهمة في هذا المجال، والملفات معقدة.. نحن بدأنا في دراسة هذه الملفات،نتشاور مع الخبراء المعنيين في وزارة الخارجية ثم سنتحرك في هذا الاطار بكل جدية، لايجاد الحلول لها، او على الأقل التخفيف من وطأتها بالقدر الذي نستطيع على أساس أن بعض هذه القضايا والملفات مرتبط بالقانون الدولي، فلا ننسى ان بعض هؤلاء الشباب محاكمون في قضايا إرهابية ويتطلب الأمر دراسة التحرك بدقة، فالأمر ليس هينا كما يعتقد البعض...
وزراء خارجية فرنسا وايطاليا والمانيا، زاروا تونس مؤخرا، ما هو المشترك بينهم في هذه الزيارة؟
الوزراء الثلاثة جاؤوا بهاجس مشترك، وهو انجاح التجربة الديمقراطية الوليدة في تونس، وهذا ما لمسناه عند المسؤولين الثلاثة الذين زارونا... فرنسا وايطاليا والمانيا مهتمة بإنجاح النموذج التونسي، لأنه يساعد على استقرار المنطقة وتطورها في الاتجاه السليم في مرحلة هذا المخاض الثوري الذي تعيشه المنطقة العربية... بالتوازي مع ذلك، لمسنا ارتياحا لدى أصدقائنا لوجود حكومة ائتلاف وطني تبني مشروعا مستقبليا بشراكة وطنية بين عدة أحزاب سياسية ولديهم شعور بأننا نجحنا في تونس في المرحلة الأولى بهذه الثورة الهادئة والانتقال السلس، قياسا بثورات أخرى أدخلت بلدانا عربية في حالة اضطراب وسيلان دماء.. وهم يعتقدون أيضا أننا نجحنا في هذه الثورة الثانية، من خلال وجود حكومة منتخبة بطريقة شرعية وشفافة، خصوصا وهذه أول تجربة في المنطقة العربية..
لكن الوزراء الثلاثة ابدوا استعدادا واضحا لدعم الاقتصاد التونسي والمساهمة في الحراك التنموي بروافده التجارية والسياحية... وعلى الشراكة الإقليمية في منطقة المغرب العربي.
العلاقات مع إيطاليا، كانت ذات صبغة مافيوزية ومخابراتية، والنظام الايطالي، ساعد بن علي في انقلابه على الزعيم بورقيبة العام 1987، قبل أن يرد المخلوع الجميل لكراكسي بأشكال مختلفة، الآن، ماهي وجهة الأمور مع إيطاليا؟
أعتقد أن إيطاليا بلد مهم بالنسبة الى تونس، نحن نبعد عن ايطاليا بضعة مئات من الكيلومترات، وقوانين الجغرافيا تفرض علينا علاقات متميزة على الصعيد الاقتصادي والأمني وتعاون كامل مع أصدقائنا الايطاليين.. لاشك أن ثمة تشوهات في علاقات تونس بروما، بحكم تلك العلاقات المافيوزية المصلحية العائلية التي كانت تطبع النظام التونسي بايطاليا لكن ينبغي التمييز بين هذا الجانب، وما يتعلق بالمصالح التونسية وارتباطها بالأصدقاء الايطاليين.. ونحن لن نتعامل مع إخلالات بن علي بمزاجية، إنما سنراعي مصالح شعبنا وبلادنا في هذه العلاقة او في غيرها، وسنحرص على أن نبني علاقات بين دولة ودولة، وليس بين عائلات ومصالح شخصية او حزبية ضيقة..
في محادثتكم مع وزير الخارجية الايطالي مؤخرا، ماهو الأفق الجديد للعلاقات مع روما؟
وجدنا حرصا كبيرا على تطوير هذه العلاقة..
في أي اتجاه؟
في جميع الاتجاهات، وخاصة الاقتصادي والتنموي.. إيطاليا هي الشريك الاقتصادي والتجاري الثاني لتونس في أوروبا، ومعدل التبادل التجاري مع ايطاليا يأتي بعد فرنسا مباشرة، والمحادثات مع الوزير الصديق، عكست رغبة ايطالية في الاستثمار في تونس، وفي تنشيط الحضور السياحي الايطالي، بل لمسنا حرصا لتطوير علاقاتنا الثنائية باتجاه استراتيجي عميق، يتجاوز تونس ليطال مجالات التعاون الثلاثي ومتعدد الأطراف في علاقة لبعض دول الجوار المغاربي.
كيف تنظرون الى ما يجري في سوريا بين النظام وشعبه؟
نحن عبرنا عن موقف واضح بشأن الوضع في سوريا، ولا نملك الا ان نتعاطف مع ثورة الشعب السوري، ولا يمكن للضمير الأخلاقي والانساني ان يحتمل قتل العشرات يوميا، فهذا أمر يجب ان يدان وفقا لكل القوانين والاعراف، بل ان مقتضيات الاخوة العربية، تفرض علينا المجاهرة بهذا الموقف، لكننا نتمنى على اخوتنا السوريين ان يتوصلوا الى نتيجة وفاقية من أجل حقن الدم السوري..
البعض يرى أن سقوط سوريا، سيؤدي الى سقوط محور كامل، وهو ما يعرف بمحور الممانعة في العالم العربي، بما سيؤثر على الاوضاع في إيران ودول الجوار السوري وخاصة الشأن الفلسطيني، والمقاومة الفصائلية هناك، كيف تقرأ هذا الملف سيدي الوزير؟
لاشك ان هناك توازنات حساسة في هذه البقعة من العالم.. واي تغيير سيحصل في سوريا في أي اتجاه من الاتجاهات، سيؤثر بالضرورة على الفضاء الاقليمي.. ونحن رأينا حينما احتل العراق سنة 2003، ودخل في حالة من الفوضى، ألقت تلك الاوضاع بظلالها على الاوضاع العربية العامة، وبخاصة على دول الجوار.. التوازنات القائمة حاليا على هشاشتها ستتأثر بالضرورة باي تغيير سيطرأ على الوضع في سوريا.. لذلك نحن نتمنى ان يسارع الاخوة السوريون الى القيام بعملية اصلاح حقيقية، بما يحفظ المصالح السورية والمصالح الاستراتيجية للعالم العربي.
معنى ذلك أنكم مع بقاء النظام السوري مع الاصلاح؟
ليس بالضرورة، لكن على السوريين ان يقرروا شؤونهم ومصيرهم بأنفسهم، ولا يمكن أن نقرر بدلا عنهم، فهذا شأنهم.. ما نأمله ان يكون هناك نظام ديمقراطي ومعارضة نشيطة وفاعلة تساهم في بناء سوريا جديدة، وتتوفر لها فرصة العمل داخل بلادها..
عرف النظام المخلوع في تونس بالتعاون مع إسرائيل، بل حتى الرهان عليها في مسائل وطنية وقضايا سياسية ودبلوماسية.. كيف ستكون العلاقات التونسية مع تل أبيب في المستقبل؟
علاقة النظام التونسي السابق مع اسرائيل، كانت تقوم على الانتهازية.. فهو كان يرى ان أقرب طريق الى الولايات المتحدة يمر عبر القناة الاسرائيلية، وكان بن علي يشتغل مع بعض اللوبيات المعروفة المرتبطة بتل أبيب بشكل او بآخر.. بخصوص علاقتنا بهذا الكيان، فنحن لا نملك الا ان نكون منحازين للثوابت العربية والفلسطينية، ندافع عن الحق الفلسطيني في استعادة الأرض، وتفكيك الاستيطان، واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ضمن حدود 1967.. وعموما نحن اعضاء في الجامعة العربية، فليس لدينا موقفا معزولا عن موقف "بيت العرب".
حاليا كيف تبدو العلاقات مع إسرائيل؟
ليست لدينا أية علاقة على الاطلاق..
ألا يؤثر ذلك على موقف الجالية اليهودية في تونس؟
لابد من التمييز بين الملفين.. اليهود أشقاؤنا في المواطنة، وليس هناك ما يميز بيننا وبينهم في هذا المجال.. هم تونسيون، يستمعون الى الموسيقى التونسية، ويأكلون المآكل التونسية، وليس هناك ما يفرق بينهم وبين بقية التونسيين، وهم يتمتعون بكامل حقوقهم الدينية والمدنية على قدم المساواة مع المواطنين التونسيين.. اما موضوع اسرائيل، فيتعلق بقضية احتلال، والامر مختلف بين المسألتين.
هناك بعض التحفظات حول العلاقة الراهنة بين تونس وقطر، على أساس ان الدوحة تتدخل في الشأن التونسي، ماهي مقاربتكم لهذا الموضوع؟
ليست لدينا مقاربة خاصة بالعلاقة بقطر، لدينا مقاربة تهم علاقاتنا العربية، العربية.. ونحن نراهن على اعطاء الاولوية لعلاقاتنا بدول الجوار المغاربي، ثم مع أشقائنا العرب، وليس في الأمر ما يعيب او يخجل.. الأصل في الأعراف الدبلوماسية أن تكون لنا علاقات متميزة مع قطر والسعودية والامارات والكويت وسائر الدول العربية.. مسألة الخوف على سيادة تونس، مسألة مصطنعة، وقطر ليست قوة عظمى تمتلك البوارج الحربية حتى تحتل تونس، البعض يثير هذا الموضوع بسبب وجود البعض من أشقائنا العرب ممن يريدون مساعدتنا على اجتياز هذه المرحلة الانتقالية الصعبة، وضمان فرص عمل لأبنائنا المعطلين عن العمل، وتحسين ظروف معيشة التونسيين، وتحريك عجلة الاقتصاد، وربما يغيضهم ان يروا الاقتصاد وعملية التنمية تتحرك في الاتجاه الصحيح والسليم.. هؤلاء مشكلتهم مع الشعب التونسي ومع شبابه الراغب في العمل، وليس مع الحكومة الراهنة او مع وزارة الخارجية او الدبلوماسية التونسية..
هذه تحركات تمس من مصالح تونس وعلاقاتها، وتحرص على ارباك علاقاتنا بأشقائنا وأصدقائنا، ونحن نميز بين ماهو سياسي وماهو منطق الدولة ومصلحتها..
رئيس الجمهورية دعا الى جلب المخلوع وعائلته من السعودية، ورئيس الحكومة راهن على توطيد العلاقات مع المملكة، أنتم في مستوى وزارة الخارجية، كيف ترون هذا الموضوع؟
ليس ثمة تناقض بين الموقفين، رئيس الدولة دعا إلى استرجاع المخلوع ومحاكمته والسيد حمادي الجبالي إلى ضرورة محاكمة من تورط في الفساد، وفي مقدمتهم الرئيس المخلوع، ولكن هذا الملف لا يجب ان يقف عثرة أمام علاقاتنا الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية مع السعوديين.. نحن نقدر عاليا الدور الذي تمارسه السعودية، والثقل السياسي والاقتصادي والاقليمي الذي تضطلع به في المنطقة العربية، وحريصون على فتح صفحة جديدة، وعلى تعميق هذه العلاقات في جميع المجالات..
كيف ستتحركون في ملف المطالبة بالرئيس المخلوع وزوجته؟
كنا، ومازلنا نطالب بعودة الرئيس المخلوع لكي تتم محاكمته في تونس، في اطار محاكمة عادلة وشفافة ومستقلة ونزيهة، نحن ضمن دولة مؤسسات، والأصل في الأشياء، أن تكون مسلكياتنا وممارساتنا السياسية، منضبطة بالقانون والأعراف الأخلاقية والقانونية..
وإذا ما رفضت السعودية تسليم المخلوع..؟
نامل أن لا ترفض.. لكن إذا ما تم ذلك، فنحن نعتقد ان هذا ملف، وموضوع تعاوننا السياسي والاقتصادي أمر آخر ولن يكون ملف المخلوع عقبة امام تعاوننا في المستقبل..
ثمة مشكل رئيسي يتعلق بالتأشيرة نحو فرنسا او البلدان الاوروبية.. والتونسيون يشتكون من بطء الاجراءات وتعقيداتها ما هي الخطوات التي ستتخذونها لتسهيل الحصول على التأشيرة باتجاه هذه البلدان التي تربطنا بها علاقات سياحية نشيطة؟
نحن تطرقنا الى هذا الموضوع مع أصدقائنا الأوروبيين، وخاصة مع السيد آلان جوبي حيث اشرنا الى صعوبات التأشيرة ووقوف طوابير كبيرة للتونسيين الراغبين في الحصول على هذه الوثيقة الهامة، وقد ذكروا لنا بان أكبر نسبة من التأشيرات التي تمنح في المنطقة هي للتونسيين وبخاصة للطلبة وأكدوا استعدادهم لتطوير الإجراءات الادارية بما يسهل عملية الحصول على التأشيرة ووعدنا الوزير الفرنسي بالنظر في هذا الملف..
مطلب التنقل الحر بين بلدان المغرب العربي، استخدم للاستهلاك السياسي خلال العقود الماضية، إلى أي مدى ستفعّلون هذا المطلب الشعبي المغاربي؟
في الأيام الأخيرة، اجتمعنا مع سفراء دول المغرب العربي، ووجدنا نفس الروح المشتركة، وضرورة تطوير العلاقات البينية وتفعيل زخم الاتحاد المغاربي أكثر من أي وقت مضى، وهناك تفكير في عقد قمة مغاربية في الفترة القادمة، وثمة تأكيد على ضرورة فتح الحدود بين دول المغرب العربي، وتطوير المبادلات التجارية، وعلى ضمان الحق في الإقامة والتملك وحركة تنقل البشر والبضائع، وحتى إذا ما وجدنا بعض العراقيل مع الدول المغاربية، فنحن سنتخذ خطوة الانفتاح على جيراننا ولو بشكل منفرد، فبلادنا ستكون مفتوحة لإخواننا المغاربة وسيتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون التونسيون، بما في ذلك حق الشغل والتملك والاقامة وغيرها من الحقوق الاخرى..
ألا تعتقدون أن مسألة الاستقرار الامني في ليبيا معطلة الى حد كبير لأي محاولة انفتاح مغاربي مغاربي؟
نحن نعول على كافة أشقائنا في المغرب العربي وليس على ليبيا فقط.. لاشك ان ليبيا بلد يشغل أهمية خاصة بالنسبة الينا، بحكم الجوار الجغرافي والصلات الاجتماعية والتاريخية التي تربطنا بأشقائنا الليبيين وقد لمسنا التحدي الامني عندما زرنا ليبيا مؤخرا، وهناك بعض المخاوف وربما المخاطر الامنية المتأتية من تداعيات الوضع الثوري في ليبيا، والسلاح منتشر بين أيادي الكثير من الليبيين، ولكن أتصور ان هذه تحديات الانتقال، ولا توجد مخاطر حقيقية من شأنها اعاقة التعاون والتكامل مع ليبيا.. لا ننسى ان المجتمع الليبي متجانس ولا توجد به انقسامات عمودية، صحيح ان هناك بنية قبلية نسبية وعشائر، لكن التجانس الثقافي والديني واللغوي يغلب على المجتمع.. ليس ثمة مخاطر من النوع المعطل، هناك صعوبات انتقالية ستأخذ بضعة أشهر، وربما سنة لكنها تتجه نحو الاستقرار والعودة الى الوتيرة الطبيعية..
في مستوى العلاقة مع تركيا.. كيف يمكن النأي بها بعيدا عن "تبعية النموذج"؟ وما الذي يثيركم في التجربة الاردوغانية في علاقة بالمصلحة التونسية؟
مسألة النموذج التركي، أثيرت الكثير من المرات.. شخصيا لأ أومن بالنماذج الجاهزة، وان هناك نموذجا تركيا معلبا سيصدر الى تونس، ولكن ثمة تجربة ناجحة، يمكن الاستفادة منها.. ومثلما هناك نموذج تركي، لدينا نموذج تونسي، وبعض الاستراتيجيين يتحدثون عن جاذبية النموذج التونسي.. هذه تجارب تتكامل وتتعاون بين بعضها البعض، تربطنا صلات ثقافية وتاريخية وسياسة بتركيا وكنا جزءا من الفضاء العثماني الواسع، وهو ما ترك لنا ذاكرة جماعية مشتركة، يتعين اليوم استثمارها لتحريك التعاون في المجال الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري والسياحي والاستثماري بما يخدم المصالح الوطنية..
هل ستقومون بتعديلات في مستوى السفارات التونسية بالخارج؟
سنقوم ببعض التعديلات، لكن ذلك سيتم على أساس معايير مهنية.. سنعمل على تشكيل لجنة تتولى النظر في الترشيحات، مع الاستفادة من خبراتنا وامكانياتنا داخل وزارة الخارجية والطاقم الدبلوماسي.. شخصيا اكتشفت ان لدينا طاقات وامكانيات بشرية ادارية ودبلوماسية كبيرة لابد من الاستفادة منها وتفعيلها على الوجه الأكمل.. ما ينقص على مستوى وزارة الخارجية، هي الروح وغياب البصيرة والبوصلة، بسبب سياسات بن علي المتكلسة التي كان ينتهجها.. بدأنا خطوات في الانفتاح على الاعلاميين والمجتمع المدني لكسر ذلك الطوق الذي بناه النظام السابق بين وزارة الخارجية والرأي العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.