الناخب الوطني سامي الطرابلسي يعلن قائمة المنتخب التونسي استعدادًا للمباريات الودية    بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة    رئيس فرع كرة القدم بالنادي الإفريقي يعلن انسحاب المدرب فوزي البنزرتي    مدير "بي بي سي" يقدم استقالته على خلفية فضيحة تزوير خطاب ترامب    سيدي بوزيد: وفاة شاب وإصابة آخرين جراء حريق في ورشة لتصليح الدراجات بجلمة    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر    "التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    تونس تُحرز بطولة إفريقيا للبيسبول 5    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    بنزرت: ماراطون "تحدي الرمال" بمنزل جميل يكسب الرهان بمشاركة حوالي من 3000 رياضي ورياضية    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    هذا هو المهندس على بن حمود الذي كلّفه الرئيس بالموضوع البيئي بقابس    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات    أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب : تقرير حول الاعتقالات بالرديف

تشهد منطقة الحوض المنجمي منذ مطلع شهر جانفي 2008 تحركات اجتماعية متواصلة ضدّ البطالة وتدهور ظروف العيش والمحسوبية والفساد.. وقد اتخذت هذه التحركات أشكال عديدة منها المظاهرات والمسيرات والاعتصامات في الخيام وفي دور الاتحاد العام التونسي للشغل وحتى في بعض المقرات الرّسمية (المعتمديات) ومقرات الحزب الحاكم "التجمّع الدستوري الديمقراطي".
وقد انطلقت هذه التحركات، التي تمثّل انتفاضة شعبية، محلّية، شاركت فيها كل الفئات السكانية من مختلف الأعمار والمهن ومن النساء والرجال و حتى من المعاقين على حدّ سواء، على إثر إعلان نتائج مناظرة للتشغيل بشركة فسفاط قفصة يوم 4 جانفي الماضي. وجاءت هذه النتائج مخيّبة للآمال سواء من حيث عدد الناجحين أو من حيث معايير النجاح التي طغى عليها معيار الولاء السياسي والمحسوبية والارتشاء وليس معيار الكفاءة العلمية أو المهنية. وقد كانت هذه النتائج بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس.
إن منطقة قفصة، وخاصّة مدن الحوض المنجمي، تعاني من نسب بطالة مرتفعة خصوصا في أوساط الشباب بمن فيهم أصحاب الشهائد العليا، ومن تفاقم الفقر والتهميش، بسبب غياب المشاريع التي تنهض بالجهة وتلبّي حاجات سكّانها. كما تعاني من تلوّث المحيط بما في ذلك المياه الصالحة للشراب بسبب المواد الكيمياوية المنبعثة في الهواء من مراكز إنتاج الفسفاط أو المختلطة بالمياه المستعملة في الغسّالات وهو ما أدى إلى تكاثر الإصابات بالأمراض الخطيرة.
ولقد سبق أن شهدت الجهة في السنوات الأخيرة عديد التحركات التي قام بها شبان معطّلون عن العمل (تجمعات،إضرابات عن الطعام، اعتصامات...) أو فلاحون أعوزتهم الإمكانيات.
و قد قابلتها السلطات بالقمع. وحين انطلقت تحركات سكان الحوض المنجمي تجاهلتها السلطة في فترة أولى اعتقادا منها أنها ستفتر بمرور الأيام، و تجنبت الرّد عليها بعنف كما اعتادت في مثل هذه الحالات، خوفا من أن تتسع رقعة الاحتجاجات و تمتدّ إلى مناطق أخرى من البلاد تعاني من نفس المشاكل وتفضح الطابع الديماغوجي للخطاب الرسمي حول الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية المزعومة التي استعملتها لتغطية انتهاك الحريات وحقوق الإنسان و غياب الديمقراطية.
ولكن مع استمرار التحركات وتجذرها، لم تجد السلطة بدّا من الردّ عليها بالقمع. فقد حاصرت قوات هائلة من أعوان البوليس مدينة الردّيف منذ مطلع شهر مارس الماضي وكانت هذه القوات مسلّحة بالرّشاشات والهراوات والكلاب وخراطيم المياه. وفي مطلع أفريل اتخذت السلطات قرارا استفزازيا يقضي بتشغيل الناجحين في المناظرة موضوع الخصام، بداية من يوم 7 أفريل صباحا. وهو ما أثار حفيظة السكان. ولإيجاد ذريعة لتدخّل البوليس وإخماد الحركة نهائيا عمدت عناصر مشبوهة في الليلة الفاصلة بين الأحد 6 أفريل والاثنين 7 أفريل إلى رمي الحجارة على مركز الشرطة بالرّديف فاقتحم البوليس المدينة ونكّل بأهلها، فقرر النقابيون والمعطّلون عن العمل والنشطاء تنظيم تجمّع احتجاجي صبيحة الاثنين 7 أفريل أمام مقرّ الاتحاد المحلّي للشغل لتجديد رفضهم نتائج المناظرة المذكورة وللاحتجاج على أعمال البوليس الانتقامية. فداهم البوليس مقرّ الاتحاد واعتدى بالعنف على المتجمّعين واعتقل عددا من المسؤولين النقابيين والعشرات من الشبان المعطّلين عن العمل. وقد تعرّض جميعهم إلى التعذيب. كما تعرض في نفس اليوم العديد من أهالي أم العرائس إلى أعمال تنكيل وتعذيب.
وقد انتقلت رئيسة الجمعية الأستاذة راضية النصراوي والكاتب العام للجمعية الأستاذ منذر الشارني إلى مدينة الرديف واتصلا بعدد من الموقوفين بعد إطلاق سراحهم وبالأهالي وجمّعا المعطيات التالية حول أساليب التعذيب والانتهاكات التي تعرّضوا لها:
- عدنان الحاجي: 50 سنة، معلّم، كاتب عام النّقابة الأساسية للمعلّمين بالرديف، الكاتب العام المساعد للاتحاد المحلّي للشغل بالرّديف.
يؤكّد عدنان الحاجي أنه لمّا كان متوجّها صبيحة الاثنين 7 أفريل 2008، إلى مقرّ الاتحاد المحلّي للشغل بالرّديف اعترض سبيله وهو برفقة النقابيين عادل جيار(تعليم ثانوي) وبوجمعة الشريطي (قطاع صحّة) العشرات من أعوان البوليس يتقدّمهم مدير إقليم الأمن بقفصة المسمى سامي اليحياوي ورئيس منطقة الأمن بالمتلوي المسمى لطفي حيدر ورئيس فرقة الإرشاد بقفصة المسمى محمد اليوسفي. وقد أوقعوه أرضا وانهالوا عليه مباشرة ضربا وركلا على كامل جسمه بما في ذلك على جنبه الذي كان أجرى عليه عملية جراحية (التبرع بكُلية لزوجته) مما أدى إلى تبوّله الدم. وقد أوثق الأعوان يديه إلى الخلف بالكبالات وظلوا يعنفونه في الطريق إلى مركز الشرطة وفي داخله وكذلك أثناء نقله إلى منطقة الأمن بقفصة. وقد أكد عدنان الحاجي الذي تعرض إلى الحرق بالسجائر على مستوى رأسه أن الأعوان كانوا متوترين للغاية وكانت تقودهم روح التشفي والتنكيل وقد كان الضرب مرفوقا بالسب والشتم والإهانات.
وقد لاحظ موفدا الجمعية آثار عنف وتعذيب في أماكن مختلفة من جسم المعني وخاصة في وجهه ورأسه كما تثبت ذلك الصور المرافقة.
- الطّيب بن عثمان: 38 سنة معلّم بمدرسة حي الزّمرة بالرّديف، عضو نقابة التعليم الأساسي.
ذكر أنه لمّا علم بإيقاف عدنان الحاجي ونقابيين آخرين توجّه إلى مقرّ الاتحاد المحلّي للشغل فهاجمه حوالي 20 عونا من أعوان فرق التدّخل وهو مع ثلّة من زميلاته وزملائه وأوقفوه واقتادوه إلى مركز الشرطة بالرّديف وهم يعتدون عليه لطما ولكما وركلا. وكان الأعوان يضربونه أيضا بعصيّ مطاطية، على كامل أجزاء جسمه وكسّروا له نظّاراته الطبية. ولما وصل إلى مركز الشرطة طرحوه أرضا ورفسوه بأرجلهم ومزّقوا ثيابه وهم يشتمونه ويسبّونه ويبصقون عليه ويتّهمونه ب"الخيانة". وفي الأثناء جيء بأخيه محمد وهو عامل يبلغ من العمر 34 سنة. وعُومِل بنفس الأسلوب وبمحضره قام أحد أعوان الأمن بالتحرّش الجنسي على الطّيب وهدده بإدخال عصى بدبره.
وبعد هذه الحصّة من الضرب والإهانة نقل الطّيب إلى منطقة الأمن بقفصة حيث استقبله رئيس فرقة الإرشاد محمد اليوسفي وأعوانه بالضرب على الوجه والرأس. وأثناء التحقيق معه كانوا يضربونه على يديه بالعصيّ ويصفعونه على وجهه. وفي وقت من الأوقات وضعوا رجليه فوق كرسي وهو جالس على كرسي آخر وجلس عون على ركبتيه حتى يمنعه من تحريك رجليه وتولى عون آخر ضربه على أسفل القدمين بعصا. كما ضربه أعوان آخرون على جنبه الأيسر إلى حد أنه أصبح يجد صعوبة في التنفّس والحركة. كما ضربوه على مؤخّرته وعلى ظهره مما جعله لا يقدر على الجلوس إلاّ بصعوبة، ويؤكّد الطيب بن عثمان أن التعذيب دام كامل يوم الاثنين 7 أفريل 2008 بمقرّ منطقة الأمن بقفصة، علما وأن الاعتداءات عليه التي حصلت أثناء إيقافه تمت على مرأى ومسمع من النّاس المتجمّعين والمارّين.
وقد لاحظ موفدا الجمعية آثار التعذيب في عدّة أماكن من جسم الطّيب بن عثمان (انتفاخ على مستوى الوجنتين وآثار زرقة على العينين وعلى مستوى الجبين...).
- عادل جيار: 39 سنة، أستاذ تعليم ثانوي، تحمّل سابقا مسؤولية نقابية في قطاع التعليم الثانوي بالرّديف. تمّ إيقافه يوم الاثنين صباحا حوالي الساعة الثامنة ونصف، وعُومِل بنفس الشكل الوحشي الذّي عُومِل به رفاقه. بمجرّد أن وقع إدخاله إلى سيارة الشرطة بدأ الضرب و الشتم وكُبّلت يداه إلى الوراء وكان الأعوان يستعملون ولاّعة لتسخين الكبّالات حتى يحترق معصماه. وقد عاين ممثلا الجمعية آثارا على مستوى العين اليسرى (زرقة حول العين واحمرار داخلها) وجروح على مستوى قصبتي الرّجلين والأصابع وآثار كبّالات خاصّة على مستوى المعصم الأيمن. وكان عادل الجيار يشكو رضوضا وآلاما على مستوى زنديه وكتفيه وزفيفا على مستوى الأذنين جرّاء اللكم واللطم حتى بعد إطلاق سراحه.
وبالإضافة إلى التعذيب الجسدي فقد كان الأعوان الذين عذّبوه وعددهم ثمانية يستعملون عبارات ماسّة بالكرامة ويشتمونه باستمرار وقد عمد أحدهم إلى وضع رجله في مؤخّرة عادل جيار لمّا كان هذا الأخير مكبّل اليدين إلى الوراء ومنحنيا واستعمل هذا العون ألفاظا بذيئة تجاهه.
أما محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد المعروف بوحشيته لدى النقابيين واليساريين والسلفيين وغيرهم فقد حرمه حتى من الذّهاب إلى دورة المياه مما اضطره إلى التبوّل وهو جالس على الكرسي الذّي كان موثوقا إليه.
وصرّح عادل جيّار لممثلي الجمعية أنه أجبر على إمضاء محضر دون الاطلاع على فحواه لأن أعوان البوليس كسروا له نظاراته الطبية بالإضافة إلى كون عيناه كانتا منتفختين ومُدميّتين نتيجة التعذيب. وأطلق سراحه يوم الأربعاء 9 أفريل على الساعة الحادية عشرة ليلا دون أن يكون حصل هو أو رفاقه على المأكولات والسجائر التي وفّرها لهم فرع الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بقفصة منذ بداية الاعتقال.
- بشير العبيدي: 55 سنة، تحمّل سابقا مسؤولية نقابية في قطاع التعليم الأساسي، رئيس لجنة التفاوض التي شكلها المواطنون المحتجّون. يؤكّد بشير العبيدي أنه ضُرِبَ من قبل أعوان البوليس في الطّريق العام عند إيقافه وطُرِحَ أرضا ووقع تمزيق ثيابه، وكان ضُرب على جنبه الأيسر بشدّة مما أحدث له آلاما حادّة لمدّة أيام عديدة، كما ضُرب على مستوى الرأس والظهر والكُلى، تحت إشراف مدير الإقليم ورئيس المنطقة، ورئيس الغرفة الثانية المختصّة ورئيس فرقة الإرشاد بالمتلوي.
كما أكد بشير العبيدي من ناحية أخرى أن محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بقفصة كان من أكثر الجلادين وحشية وأنه كان يُظهر للموقوفين حقدا كبيرا.
وقد عاين ممثّلا الجمعية آثار التعذيب على مستوى العين اليمنى. وأطلق سراح بشير العبيدي يوم الخميس 10 أفريل الجاري دون أن يكون تحصّل هو أيضا على الغذاء الذّي وفره فرع الرابطة بقفصة.
- بوجمعة الشريطي: 54 سنة، ممرض، عضو النقابة الأساسية للصحة وعضو الاتحاد المحلي للشغل بالرديف. أوقف يوم الاثنين 7 أفريل الجاري على الساعة الثامنة صباحا أمام مقر الاتحاد لما كان يحاول حماية عدنان الحاجي وعادل جيار من اعتداءات البوليس. وقد أكد أن أعوان البوليس طرحوه أرضا وانهالوا عليه ضربا بالعصيّ والأحذية كما نتفوا شعره وجرّوه وهم يعنفونه إلى مركز الشرطة بالرديف. وقد طال الضّرب ركلا ولكما كامل جسمه بما في ذلك الرأس. وقاموا داخل المركز بطرحه أرضا من جديد وضربوه بوحشية مركزين على القفص الصدري إلى أن أغمي عليه، كما كانوا يبصقون عليه ويسمعونه بذيء الكلام ويلحقون به الإهانات. ويؤكد بوجمعة الشريطي أن أعوان البوليس أجبروه على خفض رأسه لإذلاله وهم يقولون له:"ارحلوا إلى الجزائر كان على النظام أن يعد طائرة لقصفكم بالقنابل". ثم نقل إلى منطقة الشرطة بقفصة حيث تم تجريده من ملابسه وتداول خمسة وعشرون عونا على تعذيبه ضربا وبصاقا وشتما... وقد دام هذا التعذيب حتى إطلاق سراحه يوم الأربعاء 9 أفريل مخلفا له أوجاعا كبيرة خاصة على مستوى الضلوع من الجهة اليسرى والساق اليمنى التي شعر وكأنها مشلولة. وشهد بوجمعة الشريطي بما تعرّض له عديد الموقوفين من تعذيب وخاصة الأطفال دون 17 سنة.
- غانم الشريطي: 25 سنة، طالب مرسم بتونس العاصمة. أوقف يوم الاثنين 7 أفريل حوالي الخامسة صباحا من قبل مجموعة من أعوان فرق التدّخل لا تقل عن ثلاثين عنصرا. وكان هؤلاء قاموا بخلع الباب الخارجي لمنزل الأجوار وصعدوا فوق السطوح ثمّ نزلوا وسط منزل الشريطي. وقد أشهر أحدهم مسدسا في وجه والدة غانم الشريطي فيما كان البقية مسلحين بالعصيّ. دخلوا بعد ذلك إلى غرفة نومه واقتلعوه من فراشه وشرعوا في ضربه إلى أن وصلوا به إلى المركز حيث بادر أحدهم بالقول:"هذا جزائري اقتلوه. لماذا لم تقصفكم طائرة وتريحنا منكم؟" ثمّ سرعان ما انهال عليه الجميع ضربا وخاصّة "سامي اليحياوي" مدير إقليم الشرطة بقفصة ولطفي حيدر رئيس منطقة المتلوي. قام الأعوان بوضع غطاء على وجهه حتى لا يراهم وأوثقوا يديه بالكبّالات إلى الخلف حتى شعر بأنهما ستقطعان. وحرقوا صدره بالسجائر. وأخرجوه من المركز وكلهم يضربونه على كامل أجزاء جسده، ورموا به في سيارة شرطة كبيرة وركلوه ورفسوه بأحذيتهم الكبيرة.
أما محمد اليوسفي فكان يضربه بالكبالات على ظهره محدثا له آلاما كبيرة.
أخذوه مع 13 موقوفا إلى منطقة الأمن بالمتلوي فرفض الأعوان هناك قبولهم بالنظر إلى ما تبيّن لهم من خطورة حالتهم الصحّية وقد سمعهم غانم يقولون: "هاذم هاو باش يموتوا" !!
فتوجّهوا بهم الأعوان إلى منطقة الأمن بقفصة وهم يرتدون تبانات فقط، وكان الأعوان يوجّهون إليهم بشكل مستمر وابلا من السب والشتم والعبارات البذيئة.
وفي قفصة علّق الأعوان غانم في وضع الدجاجة المصلية وهو عار تماما وانهالوا عليه ضربا على كامل جسده وكانوا يسألونه: "هل شاركت في مظاهرة الليل؟"
ويذكر غانم أنهم كانوا يخرجونه من (الجيول geole) ثمّ يعيدونه إليه بعد أن يعذبوه بإشراف محمد اليوسفي الذي كان يتبجّح " أنا متاع فرقة الإرشاد وعذبتكم وبرّوا اشكوا"
لقد قضّى غانم الشريطي، حسب تصريحه، ثلاثة أيام وهو عاري الجسم إلا من تبان وتداول على تعذيبه عديد الجلادين أحدهم كان في حالة سكر مطبق وهو لا ينفكّ يشتمه ويسبّه.
جمعة الحاجّي: 44 سنة، معلمة، نقابية، زوجة عدنان الحاجي. ذكرت أنها لما علمت بإيقاف زوجها وضربه وإهانته اتجهت إلى الاتحاد المحلي للشغل حوالي العاشرة والنصف صباحا للتعبير عن احتجاجها. فاعترضها أعوان البوليس وعنفوها وعمدوا إلى جرها من يديها لإبعادها من المكان وإجبارها على العودة إلى منزلها. وأثناء الجر مزق الأعوان عرقا (ناسور fistule) بيد جمعة الحاجي كان يُستعمل لتصفية الدم قبل أن تزرع لها كُلية تبرع بها لها زوجها وقد احتفظ بذلك الناسور احتياطا. وقد أدى تقطيع العرق إلى حصول نزيف خطير بيد المعنية مما استوجب إجراء عملية جراحية عليها يوم الأربعاء 9 أفريل 2008 بإحدى المصحات بقفصة كلفتها حسب تصريحها حوالي 2500 دينار. وقد غادرت المصحة يوم الأحد 13 أفريل ولكن حالتها الصحية تدهورت من جديد مما استوجب نقلها إلى مستشفى شارل نيكول بالعاصمة يوم الخميس 17 أفريل حيث خضعت لعلاجات مكثفة لمدة تسعة أيام.
إن الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب:
- تدين كل أشكال العنف والتعذيب التي سلطت على كل المعتقلين بمن فيهم الذين لم يقع التعرض لهم في هذا التقرير سواء كانوا من الرديف أو من أم العرائس أو من المظيلة. كما تدين العنف المادي واللفظي الذي سلط على أهالي مدن الحوض المنجمي من قبل أعوان البوليس.
- تندد بإمعان السلطات في استعمال الأساليب الأمنية لمواجهة مطالب المواطنين المشروعة ومنها خصوصا الحق في الشغل والكرامة، وتؤكد أن هذه الأساليب منافية لأبسط مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية.
- تذكّر السلطات بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها والتي كانت تدعي احترامها أمام الهيئات الأممية في نيويورك (مارس 2008) وجينيف (أفريل 2008) في الوقت الذي كان فيه أعوان البوليس يقمعون أهالي الحوض المنجمي الذين يطالبون بالشغل والعيش الكريم وينددون بالمحسوبية والفساد.
- تطالب بفتح تحقيق مستقل حول كل الانتهاكات الحاصلة في الحوض المنجمي والمستمرة إلى حد إصدار هذا التقرير وبإحالة المسؤولين عنها أمرا وتنفيذا. كما تطالب الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة في أسرع الأوقات لتلبية المطالب المشروعة للأهالي والكف عن معاملتهم كمواطنين من درجة ثانية.
25 أفريل 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.