يطيب لي ويشرفني أن أتوجه إليكم بأحر التهاني بمناسبة احتفالكم والشعب التونسي باليوم العالمي لحرية التعبير وأن أحي تضحياتكم وصبركم وأنتم تتحملون أعباء ومتاعب أداء رسالتكم في تأمين إعلام حر وموضوعي لأبناء وطنكم حاملين بجدارة المشعل الذي تعاقبت على حمله أجيال من التونسيين الذين أحبوا تونس ونذروا حياتهم لها من زمن الرائد التونسي أواسط القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا. إننا نحيي هذه الذكرى ونحن نعتز بالمكاسب التي تحققت في العقد المنقضي على طريق استرجاع مساحات حرية التعبير التي سلبت منا في نطاق سياسة أتت على الأخضر واليابس في ميدان الحريات العامة وحقوق الإنسان ولقد تحققت هذه المكاسب بفضل تضحيات وصمود العشرات من الإعلاميين والمئات من النشطاء الحقوقيين ومناضلي أحزاب المعارضة وكلك بفضل ما شهده عصرنا من ثورة في تقنيات الاتصال من فضائيات وانترنت وغيرها من تقنيات الطبع الحديثة. لكننا نحيي هذه الذكرى وإعلاميون يقبعون في السجون وأخرون منفيون داخل بلادهم وعديدون منهم يقيمون في المهجر إما لجوءا من القمع أو بحثا عن ظروف عمل شريف في المؤسسات الإعلامية العربية والدولية ونحي هذه الذكرى كذلك والعديد من عناوين الصحف محجوبة والإعلام السمعي والبصري يتخبط في شباك الاحتكار الحكومي والمئات من العاملين في قطاع الصحافة يرزحون تحث وطئ الرقابة وما تلحقه بهم من أذى معنوي فضلا عن الضرر المادي الذي يتهددهم ليس أقله شبح البطالة في بلد تفاقمت فيه هذه الآفة و تعصف بالشباب المثقف والمتخرج من الجامعة قبل غيره. إننا نحي هذه الذكرى وعلمين من أعلام الصحافة، الأخوين رشيد خشانة رئيس تحرير "الموقف" ومدير تحريرها المنجي اللوز يلازمان لليوم الثامن إضرابا مفتوحا عن الطعام دفاعا عن وجود جريدتهما التي تتعرض إلى محاولات لخنقها ودفعها للاحتجاب بواسطة الحجز المقنع والمتكرر وبواسطة القضايا الجائرة المرفوعة ضدها قصد إهدار طاقاتها المالية المتأتية من قرائها بعد أن فشل الحصار المالي في إخماد صوتها. إن الظروف الصعبة والمضنية التي نحي فيها هذه الذكرى تسيء إلينا وإلى بلادنا التي أصبحت يشار إليها بالإصبع كواحدة من أكثر البلدان قمعا لحرية الصحافة والإعلام رغم شهادات الاستحسان التي يتحصل عليها النظام لقاء صفقات تثقل كاهل بلادنا بمزيد المديونية ودون مراعاة لأولويات التنمية وتشغيل الشباب ولكنها شهادات تنال من صدقية من يطلقها ولا تغير من واقع أمرنا شيئا ولن تزيدنا سوى تصميما على استرجاع مكانتنا بين الدول الحرة في منطقتنا والعالم. إن غياب حرية الإعلام ليست سوى بعدا من أبعاد النظام الذي استبد بنا منذ الاستقلال وصادر حقوقنا وحولنا إلى غرباء في وطننا وقد أن وقت الانتقال إلى الديمقراطية وإننا نرى في الانتخابات العامة القادمة فرصة لإحداث هذا التغيير ولن يكون ذلك إلا بتكافل القوى وتوحدها من أجل انتخابات حرة ونزيهة يكون الإعلام عنوانها الكبير مع إطلاق حرية التنظيم والاجتماع وإخلاء السجون وعودة المغتربين في إطار قانون للعفو العام. تحيا تونس حرة أبد الدهر عاش اليوم العالمي للصحافة عيدا لحرية التعبير.