يدلي الناخبون الموريتانيون غدا الأحد 25-6-2006 بأصواتهم على دستور جديد للبلاد، يحدد بقاء رئيس الدولة في الحكم بفترة رئاسية مدتها 5 سنوات غير قابلة للتمديد إلا لفترة واحدة فقط. ويلزم الدستور المقترح كل رئيس جديد أن "يقسم بالله بأنه لن يسعى إلى البقاء في السلطة لفترة غير محددة". وأعلن المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية في موريتانيا أن الاستفتاء على مشروع الدستور يهدف إلى ضمان التداول الديمقراطي للسلطة. وقال رئيس المجلس العسكري للعدالة ولد محمد فال في إطار حملته لحشد التأييد للدستور: إنه "لن يعود في إمكان أي رئيس أن يتذرع بحق ما للبقاء في السلطة إلى الأبد". وأضاف أنه لما كان التناوب على السلطة سيتم ضمن الأطر الشرعية، فلن يعود في الإمكان إيجاد أي حجة لتبرير اللجوء إلى انقلاب عسكري أمام الرأي العام المحلي والدولي. ويقول مراسل "إسلام أون لاين": إن "نص الدستور الجديد جاء نتيجة مباحثات جرت في أكتوبر الماضي بين مختلف الفرقاء السياسيين في البلاد". وتؤكد مصادر ل" إسلام أون لاين" أن النص الذي سيحل مكان الدستور المطبق منذ عام 1991 حظي بموافقة أعضاء الطبقة السياسية الموريتانية تقريبا، والمنظمات غير الحكومية المحلية. وكان رئيس موريتانيا طبقا للدستور الحالي قادرا على البقاء لمدة ست سنوات في سدة الحكم، قابلة للتجديد لعدد غير محدد المدة. وتولى الرئيس السابق معاوية ولد محمد طايع مقاليد الحكم في موريتانيا عقب انقلاب نفذه عام 1984، وتم تجديد ولايته لثلاث مرات متتالية قبل خلعه. وقال المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية -المجموعة العسكرية التي جاءت إلى السلطة في الثالث من أغسطس 2005 من خلال انقلاب أبيض-: إن "المجلس يسعى إلى وضع حد لعشرين عاما من الهيمنة السلطوية". "القسم" وينص الدستور الجديد على أن الرئيس المقبل سيقسم "على عدم القيام بأي مبادرة يمكن أن تقود إلى إعادة النظر في القواعد الدستورية المتعلقة بمدة الولاية الرئاسية أو دعمها". وأكد المجلس العسكري أن هذا الشرط يستهدف قطع الطريق على أي محاولة لتعديل مدة الرئاسة، ومعدل تكرارها في الدستور، مشيرا إلى لجوء عدد من الرؤساء الأفارقة إلى تعديل الدستور بعد التصويت عليه شعبيا للبقاء في السلطة. وأشارت مصادر إلى أنه لكي يكون هذا الوعد ملزما في موريتانيا المسلمة سيكون على رئيس الدولة أن يؤديه "باسم الله". وتوجه ولد محمد فال إلى مواطنيه في خطاب بثه التلفزيون والإذاعة الموريتانيان الخميس 22-6-2006، ودعاهم إلى المشاركة الكثيفة بالتصويت لصالح التعديلات التي أدخلت على الدستور الجديد، مؤكدا أنه خيار مهم للمجتمع الموريتاني وللنموذج الديمقراطي فيه. ملامح الدستور ويضع الدستور الجديد أسس نظام حكم رئاسي يمنح رئيس الدولة صلاحيات، منها تعيين رئيس مجلس الوزراء بيد أنه يعطي البرلمان الحق بالاعتراض على قرارات الحكومة أو سحب الثقة منها. ويؤكد مراسل "إسلام أون لاين" في نواكشوط أن التعديل جاء عن قناعة من المجلس العسكري بأهمية التحول الديمقراطي، بعد سنوات من الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد. وأشار إلى أن الإعلان عن الدستور تم اتخاذه من قبل المجلس العسكري رغم أن أغلب الحكومات الغربية متحفظة على مشروع العسكر. وأوضح أن تدعيم المشروع جاء بعد تأييده من قبل القوى السياسية في البلاد التي أقرت خلال اجتماع تشاوري في أكتوبر الماضي كل التعديلات الحالية. ويمنع مشروع الدستور الجديد أي موريتاني يقل عمره عن 40 عاما أو يزيد عن 75 عاما من تولي سدة الرئاسة. ويحظر على الرئيس تولي أي منصب حزبي، كما كان الحال مع الرئيس السابق معاوية ولد طايع الذي كان يرأس الحزب الحاكم. ويمهد الاستفتاء الطريق أمام آلية انتخابية طويلة في موريتانيا، تنتهي بانتخابات رئاسية في مارس 2007. وتعهد أعضاء المجلس العسكري الحاكم بعدم الترشح إلى الانتخابات المقبلة. ودعا "حزب الجيل الثالث" و"تحالف العدالة والديمقراطية" و"القوات الأفريقية لتحرير موريتانيا"، وهي حركة من الأفارقة الموريتانيين تنشط في المنفى، إلى مقاطعة التصويت على الدستور الجديد. ويرى مراقبون أن هذه المجموعات تأخذ على الدستور عدم التوقف عند مسألة "تعايش العرقيات" العربية والأفريقية، ومشكلة العبودية التي ألغيت رسميا عام 1981 وبقائها مطبقة فعليا. وقرر الاتحاد الأفريقي إرسال مبعوث له إلى موريتانيا، وفي الوقت نفسه دعا الناخبين إلى المشاركة الفعالة في الاستفتاء لإنجاح المرحلة الانتقالية، معتبرا أن الدستور الموريتاني يشكل مرحلة جديدة من الحياة السياسية في البلاد. ويشير مراسل "إسلام أون لاين" إلى حضور محدود من ممثلي الأممالمتحدة والاتحاد الأوربي لمتابعة الاستفتاء، مبينا أن الجمعيات المحلية تمارس نشاطا في هذا المجال. ووزعت السلطات الموريتانية اليوم صناديق الاقتراع على حكام المقاطعات والولايات الداخلية، كما بدأت الأحزاب السياسية توجيه ممثليها إلى المراكز المحددة لهم لتمثيلها.. وفي محاولة لحث الناخبين على المشاركة في الإدلاء بأصواتهم دعا العالم الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو إلى المشاركة في الاستفتاء، باعتباره "فرصة نادرة من غير المعقول تضييعها".