تعهد الرئيس الموريتاني، العقيد إعلي ولد محمد فال، بترك السلطة فور انتخاب رئيس جديد لموريتانيا حتى لو طلب البرلمان الجديد بقاءه، معربا عن ارتياحه للأجواء التي سارت فيها الحملة الانتخابية والعلاقة التي تسود بين السلطة والمتنافسين في الانتخابات النيابية والبلدية التي تجرى اليوم الأحد 19-11-2006. وأعرب الرئيس الموريتاني في الوقت نفسه عن اعتقاده بأن الموريتانيين لن يصوتوا "لمن يحتكر الإسلام"، في إشارة إلى مرشحي تيار الإصلاحيين الوسطيين ذوي التوجه الإسلامي. وأدلى العقيد ولد فال بصوته اليوم في الانتخابات النيابية والبلدية، رافضا تحديد من صوت له، لكنه وعد الشعب بأن يختار الأفضل لخدمة البلاد من بين 444 لائحة تتنافس على مقاعد الجمعية الوطنية ال 95. وفي تصريحات صحفية أدلى بها عقب إدلائه بصوته قال الرئيس الموريتاني: "إن البلاد اليوم أمام فرصة تاريخية من شأنها إعادة البلاد إلى الديمقراطية الحقة، وتمكيننا من القيام بتنمية واعدة في جو من الأمن والاستقرار". وفى رده على سؤال لشبكة "إسلام أون لاين.نت" حول إمكانية دعمه لأحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقررة في 11 مارس 2007، قال العقيد ولد فال: "لم ولن أدعم أي مرشح في الانتخابات البلدية أو الرئاسية وسأظل ملتزما بالحياد". وتعهد الرئيس الموريتاني بإجراء انتخابات شفافة ونزيهة يشعر فيها كل مواطن بأنه عبَّر عن رأيه بكل حرية وصراحة. وقال: "الموريتانيون وحدهم من سيحددون ملامح البرلمان القادم، ووحدهم من يمتلكون القرار". وبالنسبة لإمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية، قال العقيد ولد فال: "سأترك السلطة كما وعدت الشعب الموريتاني حتى إن طالب البرلمان القادم ببقائي، فلو أردت الاحتفاظ بها لما تعهدت من قبل طواعية بالتنازل عن الحكم". وكانت بعض الإشاعات قد تحدثت عن إمكانية ترشح العقيد ولد فال للانتخابات الرئاسية إذا شكل المستقلون المقربون من المجلس العسكري الحاكم أغلبية في البرلمان القادم. وعن ال التي قدمها العسكر لإقناع النخبة السياسية بالمشاركة في الاستحقاقات، قال الرئيس الموريتاني: "لقد اتخذنا سلسلة من الإجراءات من شأنها زرع الثقة في المسلسل الديمقراطي وطمأنة الأطراف السياسية المشاركة في العملية". وأضاف العقيد ولد فال: "لقد دخلنا في حوار جدي مع مختلف القوى السياسية لتعزيز المشاركة في المسار الديمقراطي، واتخذنا سلسلة من الإجراءات منها إنشاء لجنة مستقلة للانتخابات نالت إعجاب كل الموريتانيين ولديها الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لأداء مهمتها، مع إعطائها كافة الصلاحيات لمراقبة الانتخابات وتقويم المسار الديمقراطي في البلاد. كما تم توحيد بطاقة التصويت لوضع حد للضغوط التي كانت تمارس على الأفراد لتغيير قناعاتهم السياسية كما من شأنها تقليل فرص المزورين. وتم أيضا -بحسب الرئيس الموريتاني- تشكيل اللجنة العليا للصحافة، والتي أشرفت على توزيع الحصص الإذاعية والتلفزيونية بشكل عادل بين المرشحين للانتخابات بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية. ولفت العقيد ولد فال ضمن هذه الإجراءات إلى فتح المجال أمام المراقبين الدوليين والصحفيين الأجانب كي تكون الانتخابات على مرأى ومسمع من العالم لرصد أي تجاوزات محتملة، حسب قوله. "لا أعرف الإسلاميين" من جهة ثانية شكك الرئيس الموريتاني في إمكانية فوز التيار الإسلامي بالانتخابات البرلمانية والبلدية الجارية. وقال العقيد ولد فال لدى رده على أسئلة الصحفيين: "أنا لا أعرف شيئا يسمى التيار الإسلامي أو التيار الديني.. وعموما لا تقلقوا أعتقد أن الموريتانيين لن يصوتوا لمن يحتكر الإسلام أو يدعي تمثيله، بل سيصوتون لمن يسعى للمصلحة العامة ولبناء دولة المؤسسات". ورفض الرئيس الموريتاني الإجابة بشكل واضح على سؤال حول موقف الجيش من العملية السياسية إذا فاز التيار الإسلامي (الإصلاحيون الوسطيون) بها أو شكلوا أغلبية البرلمان القادم. وعلمت شبكة "إسلام أون لاين.نت" من مصادر رفيعة في التيار الإسلامي أن الأخير "يعد لرد سريع" على تصريحات الرئيس ولد فال التي أدلى بها اليوم مع بداية التصويت بحضور عدد من المسئولين. وبعد تنظيم استفتاء على دستور جديد في يونيو الماضي تُشكل انتخابات اليوم محطة جديدة على طريق الانتقال الديمقراطي لإعادة السلطة إلى المدنيين بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق معاوية ولد الطايع في الثالث من أغسطس 2005. وحدد المجلس العسكري الحاكم الأول من ديسمبر المقبل موعدا للدورة الثانية من الانتخابات النيابية على أن تنظم انتخابات لمجلس الشيوخ في يناير 2007، ومن ثم انتخابات رئاسية تمهد لحل المجلس العسكري في مارس 2007.