اعتبر مثقفون يمنيون أن الرئيس علي عبد الله صالح فوت على نفسه فرصة كبيرة لدخول التاريخ بتراجعه عن قرار عدم ترشيح نفسه لفترة رئاسية جديدة. وقال الكاتب عبد الغني الماوري في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" السبت 24-6-2006: "كنت أتوقع أن يتراجع الرئيس عن قراره بعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة.. ليس في ثقافتنا العربية التداول السلمي للسلطة". واعتبر الماوري أن "الرئيس خسر في النهاية فرصة دخول التاريخ الإنساني، فقد كان بإمكانه أن يتحول إلى زعيم مؤسس مثل جورج واشنطن (أول رئيس أمريكي) ومحاضير محمد" الذي تنحى عن الحكم قبل نحو عامين بعد رئاسته لوزراء ماليزيا لمدة 22 عاماً. وشدد الكاتب اليمني على أهمية استعداد المعارضة للانتخابات المقبلة حتى لا تكون هي الأخرى "مسرحية". "مسرحية سخيفة" الصحفي المعارض سمير جبران اعتبر بدوره أن "ما حدث من تراجع الرئيس كان مجرد نهاية لمسرحية سخيفة الإعداد والإخراج". وقال: "الرئيس صالح ضيع فرصة لا تعوض لدخول التاريخ، وأكد أن كل وعوده بعدم الترشح للرئاسة كانت مجرد مسرحية". واعتبر جبران أن "غالبية الذين خرجوا يطالبون صالح بالترشح هم أناس بسطاء تم جمعهم من المحافظات والمناطق النائية مقابل مبالغ مالية، فضلا عن عناصر من الجيش والأمن خرجت بملابس مدنية". من جانبه أشار عادل الصلوي، الصحفي والسياسي اليمني إلى أن "عدول الرئيس صالح عن قراره بالتنحي كان أمرا متوقعا وتفرضه حقيقة أن اليمن لا يزال أبعد ما يكون عن خوض تجربة التداول السلمي للسلطة". وأرجع ذلك إلى "سطوة ثقافة السلطة المطلقة التي حكم بها الرئيس صالح اليمن على امتداد نحو ثلاثة عقود، والتي جعلت من الصعب جدا على مؤسسة الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) التفكير في خيار بديل للرئيس". ورأى الصلوي أيضاً أن "الرئيس صالح فقد فرصة تاريخية في الحصول على مهرجان اعتزال كان يمكن أن يكون أكبر وأسمى أثرا من ماراثون المهرجانات الخطابية التي نظمت لحثه على التراجع". استياء حشود بميدان السبعين وفي وقت سابق السبت أعلن الرئيس اليمني أنه قد "يترشح للرئاسة مرة أخرى" تلبية للجماهير المحتشدة في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، والتي خرجت من مختلف المحافظات، ويزيد عددها عن مليون و300 ألف، رغبة منها دون إجبار، على حد قوله. وأثار هذا الإعلان أصداء متباينة في اليمن، ففي حين فضلت أحزاب المعارضة الصمت حتى إبداء رأيها رسميا خلال الساعات القادمة، لقي تراجع الرئيس استياء في الأوساط الثقافية بالبلاد. وقال الصحفي محمد الظاهري: "كنت أتمنى أن يرفض التراجع عن قراره.. كان هذا هو الدرس الذي نحتاجه لنتعلم كيف ندير حياتنا دون أن يكون هناك آلهة، ودون أن يكون هناك من يفكر عنا". ولفت الظاهري إلى أن "البعض لديه الكثير من المخاوف مما قد يحدث من أقسام وفوضى سياسية في حال تنحى الرئيس". لكنه شدد على أنه "إذا بقينا نخاف من المستقبل ومن تجربة التقدم إلى الأمام فسنظل واقفين حيث نحن إلى الأبد". واعتبر أنه "كان واضحا اليوم أن الجماهير اليمنية لا تريد التحدث عن شيء اسمه الديمقراطية، أو التداول السلمي للسلطة". "ظننت الأمر حقيقة" أما الدكتور محمد المنصوب فقال: "عندما أعلن الرئيس صالح في يوليو الماضي نيته عدم خوض الانتخابات الرئاسية ظننت الأمر حقيقة، ولكن سرعان ما بدأ إعلام وصحف الحزب الحاكم في وصف إعلان الرئيس بأنه مجرد رغبة وليس قرارا نهائيا". وأضاف المنصوب، عضو الهيئة الإدارية للجالية اليمنية بمدينة كوانجو في جنوب الصين: "بعد ذلك تكونت لدي قناعة بأن الرئيس سيخوض الانتخابات الرئاسية، وما جعلني أومن بذلك هو برودة حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم)، الذي ينتمي إليه صالح، وعدم جديته في البحث عن شخصية أخرى، والبدء في ترويجها". وكانت معلومات شبه رسمية قالت إن الحزب الحاكم فشل لأكثر من أسبوع في جمع مليون شخص في تظاهرة تتزامن مع المؤتمر الاستثنائي الذي بدأ الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن الرئيس صالح اضطر إلى تمديده إلى اليوم السبت رغم أن مدته يوما واحدا فقط. واختتم المؤتمر الاستثنائي للحزب الحاكم أعماله برئاسة الرئيس صالح عقب خطابه في ميدان السبعين. وسمى الحزب الرئيس صالح مرشحاً له في الانتخابات الرئاسية القادمة. وتولى صالح (60 عاما) الرئاسة في يوليو 1978، وفاز في آخر انتخابات للرئاسة عام 1999 بفترة مدتها 7 أعوام تنتهي في يوليو 2006. وأكد حوالي 12 شخصا، بينهم ثلاث نساء، رغبتهم في الترشح للانتخابات الرئاسية، إلا أنه لا يحق لأي مواطن الترشح إلا إذا حصل على نسبة 5% من أصوات أعضاء البرلمان الذي ينتمي معظمه (229 نائبا من أصل 301) إلى الحزب الحاكم، وكذلك نسبة 5% من أعضاء مجلس الشورى الذي تعين السلطة جميع أعضائه البالغ عددهم 151 عضوا.