عقدت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بمقرها يوم 12 أوت الجاري ندوة صحفية حول البروتوكول الاختياري والتحفظات على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المعروفة باسم السيداو) حضرها عدد من ممثلات وممثلي الإعلام والمجتمع المدني التونسي والملاحظين الأجانب. وقد تولت السيدة خديجة الشريف رئيسة الجمعية إلى جانب السيدات حفيظة شقير وسناء بن عاشور وسعيدة عون توضيح بعض النقاط المتعلقة بالاتفاقية والتحفظات التونسية و العربية بشأنها و الاستراتيجيات التي ينبغي وضعها لرفع تلك التحفظات من أجل تحقيق المساواة التامة والفعلية بين الرجال والنساء. و أكدت المتدخلات أن مصادقة تونس خلال شهر جوان 2008 على البروتوكول الاختياري للسيداو الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6 أكتوبر 1999، تعتبر خطوة هامة على طريق تعزيز منظومة حماية حقوق المرأة وخاصة فيما يتعلق بالتعهد بإقرار حمايتها القانونية و إرساء آلية رقابة على مدى تطبيق الاتفاقية، حيث يهدف هذا البروتوكول الذي سيصبح ساري المفعول بعد ثلاثة أشهر من إيداع صك المصادقة عليه لدى الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، إلى تدعيم دور لجنة السيداو بما يمكنها من تلقي ودراسة ومتابعة التبليغات والشكاوى والرسائل التي تقدمها النساء أو من ينوبهن من المنظمات غير الحكومية التي تتمتع بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بعد استنفاذ كل طرق التظلم المحلية في حال انتهاك حق من الحقوق الواردة في الاتفاقية من قبل الدولة الطرف . وإذا كانت هذه اللجنة غير مخولة لتسليط عقوبات على الدولة المعنية فإنها يمكن أن تمثل وسيلة ضغط لفرض احترام تطبيق الاتفاقية. وتعتبر تونس ثاني دولة عربية بعد الجماهيرية الليبية التي تصادق على هذا البروتكول من جملة 90 دولة طرف. وقد تساءلت الأستاذة حفيظة شقير عن أسباب صمت الإعلام التونسي (الرسمي وغير الرسمي) عن هذا الحدث المميز وعدم إيلائه ما يستحق من اهتمام، مشيرة من جهة أخرى إلى أن التحفظات حول الاتفاقية هي غير دستورية وغير مقبولة قانونيا ودوليا وغير متلائمة مع روح الاتفاقية بل تفقدها مضمونها وتبقي على التمييز في نظام قانوني يهدف إلى إلغائه بكل الوسائل، أما بالنسبة إلى البروتوكول الملحق بالاتفاقية فسيطبق بأكمله لأن المادة السابعة عشرة منه تمنع تقديم أي تحفظات عليه. بدورها بيّنت الأستاذة سناء بن عاشور أن التحفظات تفرغ الاتفاقية التي صادقت عليها تونس منذ سنة 1985 من محتواها ونجاعتها. وذكرت بأن التحفظات التونسية (التي تشبه معظم التحفظات العربية) تتمثل في تحفظ عام حول عدم تنفيذ أي إجراء يتعارض مع الفصل الأول من الدستور التونسي في إشارة إلى أن دين الدولة هو الإسلام، بما يتناقض مع مبدأ المساواة بين الجنسين وتكامل منظومة حقوق الإنسان وترابطها ومع ما يقرّه التشريع التونسي من علوية الاتفاقيات الدولية على القوانين المحلية، أما بقية التحفظات فتتعلق بالفقرة الثانية من الفصل 9 ( حول الجنسية) وبعض الفقرات من الفصل 16 (حول المساواة في الإرث وإسناد اسم العائلة...) والفقرة الأولى من الفصل 29 ( حل النزاعات المتعلقة بتطبيق الاتفاقية بين الدول) إلى جانب الإعلان المتعلق بالفقرة الرابعة من الفصل 15. واعتبرت أن هذه التحفظات وتجاوزات استخدامها، تمسّ من قواعد القانون الدولي المتعلقة بالمعاهدات والاتفاقيات وتحدّ من صلاحيتها ومدى مشروعيتها بدعوى احترام القيم والخصوصيات الثقافية والدينية. وقد أشارت الأستاذة خديجة الشريف إلى تصريح وزير العدل منذ أشهر بتكوين لجنة تفكير لدراسة إمكانية رفع التحفظات، وهي في انتظار التنفيذ الفعلي لهذا التوجه الإيجابي الذي يعكس إرادة سياسية واضحة في الالتزام بمقتضيات الاتفاقية الأممية، مؤكدة استعداد جمعيتها بما راكمته من خبرات وتجارب وطنية وعربية ودولية وما أنجزته من دراسات قانونية وميدانية حول الموضوع للمساهمة في اللجنة المذكورة إذا ما تمت دعوتها وتشريكها وهو ما لم يتم إلى حد الآن. و في هذا السياق أعربت عن انشغالها لتواصل الصعوبات والتضييقات التي تتعرض لها الجمعية ( مثل التشويش على مراسلاتها الالكترونية)، كما عبرت عن وقوف الجمعية في مسألة حرية اللباس ضد كل المحاولات الرجعية التي تستهدف التحكم في الفضاءات العامة مثل الحادثة التي تعرضت لها طالبة بمدينة نابل و كادت تحرمها من اجتيار امتحان آخر السنة بدعوى ارتدائها للباس دون أكمام إلى جانب انتشار ظاهرة الحجاب. كما أعربت عن انشغالها لحملة الاعتقالات والمضايقات الأمنية التي شملت على خلفية أحداث الحوض المنجمي نساء يدافعن عن حق أبنائهن في الشغل وحق أزواجهن في العودة إلى عائلاتهم وعبرت عن تضامنها مع السيدة زكية الضيفاوي وما تعرضت له من تهديدات وتحرشات مهينة ودعت إلى إيقاف التتبعات ضد كل المعتقلين والموقوفين في هذه الأحداث. أما السيدة سعيدة عون فقد تولت تقديم ملامح استراتيجية جماعية من أجل رفع التحفظات على الاتفاقية، تجمع كل الأطراف المعنية من جمعيات ومنظمات وأحزاب سياسية و وسائل إعلام، مع إمكانية تشكيل لجنة وطنية تضم جميع القوى التقدمية التي تؤمن بقيم الحداثة والمساواة الفعلية بين الجنسين وتعمل على التعريف بالاتفاقية وبروتوكولها الاختياري ونشرها وتنظيم حملات تحسيسية ولا سيما في صفوف النساء إلى جانب التنسيق مع الشبكات العاملة في المستويين الإقليمي والدولي. وأوضحت أن فتح حوار وطني حول مسألة التحفظات كعائق متهافت المبررات أمام تكريس المساواة بين الجنسين يتطلب التوجه إلى البرلمان ووزارة العدل وحقوق الإنسان، حتى يكون التشريع الوطني متناسقا مع المعايير الدولية. صحيفة الوحدة التونسية-