نظّمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نهاية الأسبوع الفارط مائدة مستديرة حضرها عدد مهمّ من المتابعين والمتابعات وذلك لمناقشة موضوع مدى التزام الدولة التونسية بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق النساء. وقد حاضر في هذه الندوة التي انعقدت بالعاصمة تونس كلّ من الأستاذ عياض بن عاشور والأستاذة حفيظة شقير وأدوات الحوار الأستاذة يسرى فراوس. الدكتورة أحلام بلحاج رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بعد التّرحيب بالضيوف وكل مكوّنات المجتمع المدني التي اختارت الحضور للمساهمة ودعم نضال الجمعية أكّدت أنّ نقطة رفع التحفظات على الاتفاقيات الدولية المتعلّقة بحقوق النساء كانت نضالاً متواصلا لجمعية النساء الديمقراطيات منذ فترة التسعينات وليست حادثًا عارضًا بعد 14 جانفي كما شدّدت على أهميّة يقضة كلّ مكوّنات المجتمع المدني من أجل متابعة مآل بعض التحفظات التي رفعت عن اتفاقية السيداو في عهد حكومة السيد الباجي قائد السبسي ولم تظهر لها تبعات فضلا عن متابعة مكانة باقي الاتفاقيات الدولية في الدستور الجديد، مشيرة إلى أنّ المجتمع المدني ليس له فرص كافية للتواصل مع أعضاء المجلس التأسيسي. قضيّة تحرير المرأة ساهم فيها العرب قبل الغرب الأستاذ عياض بن عاشور في مداخلته التمهيديّة التي تناولت قضيّة المرأة بين التشريع الداخلي أكّد أنّ حقوق المرأة هي من أعظم المكاسب التي حقّقتها البشريّة في مسار خلاصها من قيودها الانسانية المتراكمة اضافة الى الخلاص من التمييز بين الأحباس والألوان فحقوق المرأة ومكاسبها كجهد متحقّق هو مكسب كوني إنساني لا تتميّز به حضارة دون أخرى ومع الثورات يتبلور مفهوم الحقوق شيئا فشيئا (لحقوق الطفل المرأة الأقليات البيئة) لذلك تكون الثورات سبيلاً إلى الترقي من خلال تجاوز مفهوم الظّلم أوّلا ثمّ التنظير للعدالة ثانيا ثمّ تقنينها لاحقا وحقوق المرأة بدأ تقنينها منذ 1948 مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ثمّ مع معاهدة الحقوق المدنية والسياسية سنة 1966 هذا بالنسبة إلى المجتمع الدولي أمّا عند المجتمع العربي فقد انطلق مع علماء الدين: مع رفاعة رافع الطهطاوي وكتابه «تحرير البنين والبنات» وعلى مبارك في رسائله سنة 1868 ثمّ محمد عبده 1888 وقاسم أمين وصولاً إلى الطاهر الحدّاد فالحضارة العربيّة ساهمت في مسألة تحرير المرأة منذ القرون الوسطى. اللحظة الثّورية كانت لحظة مدنيّة منذ الاستقلال اتّسمت السياسة التونسيّة تجاه قضيّة المرأة بالتناقض بين الشعارات والأفعال، بين القضاء وفقه القضاء بين شعارات الداخل والتحفّظات على الاتفاقيات الدولية وذلك منذ العهد البورڤيبي. أمّا بعد الثّورة فقد ظهر التناقض جلّيا بين لحظة الثورة التي كانت لحظة لائكيّة مدنيّة ديمقراطية تحرّرية غابت عنها الشعارات الدينية ثمّ بدأ يظهر التناقض، على مستويين مهمّين، بلغ حدّ الأزمة هما منطقة تناقض بين الشريعة والقانون الوضعي (المطالبة بالشريعة مصدرًا وحيدًا للدستور) وفي هذا تراجع حتى عن مكتسبات دولة الاستقلال ثمّ منطقة تأزّم ثانية بين القانون الدولي والقانون المحلّي من خلال التشكيك في إلتزامات تونس الكونية واللافت أنّ مسودة توطئة الدستور التي صدرت عن المجلس التأسيسي لم تتعرّض لها الأمر ولم تنصّ صراحة على علوية المعاهدات الدولية العامة على القانون الداخلي. وكذلك لم يقع إفراد مسألة المساواة بين الجنسين بباب خاصٍّ لها... فالطريق يبدو أنّه سيكون طويلاً في عديد المواقع النضالية من أجل تكريس المكاسب دستوريّا. ثمّ واثر محاضرة الأستاذة حفيظة شقير «مكانة تونس من رفع التحفظات على اتفاقية السيداو (إلغاء جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة) دار نقاش ثريّ بين الحضور وخاصّة بين بعض الشابات ونائبين من المجلس التأسيسي عن حركة النهضة. تأكّد من خلاله للمتابعين أنّ قضيّة المرأة تحتاج إلى توحيد الرؤى حولها وليس للاقناع بها فكل التيارات السياسيّة المدنية تبدو متشبّثة بأصالة حقوق المرأة في بلادنا ولكن من منطلقات متباينة وضمن أطر متباينة ومن خلال سقف مختلف للمسألة وحدودها.