كشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى في حركة مجتمع السلم "حمس" الجزائرية أن كل الوساطات المحلية والدولية التي بذلت من أجل إنهاء الانقسام الحاصل بين الرئيس الحالي للحركة أبو جرة سلطاني ونائبه السابق عضو البرلمان الجزائري عبد المجيد مناصر، لم تتمكن حتى الآن من إقناع الطرفين بالجلوس إلى بعضهما فضلا عن إمكانية تجاوز الخلافات القائمة بينهما على الأرض، وتوقعت أن تتطور الخلافات إلى انشقاق حقيقي لن يطول الوقت لإعلانه على السطح، بعد التزام فريق مناصرة الصمت طيلة الفترة السابقة وعدم إقدامه على أي خطوة سياسية على الأرض، سوى الرسالتين التحذيريتين اللتين أرسل بهما عبر نواب الحركة في مجلس الشعب الجزائري، وكانت الأولى تحذيرية، فيما حملت الثانية موقفا سياسيا بعدم الاعتراف بالخطوات التي يتخذها الرئيس الحالي للحركة. ويتركز جوهر الخلاف بين الفريقين في المرحلة الراهنة حول الخطوات التي قطعتها مؤسسات الحركة المنبثقة عن المؤتمر الرابع للحركة والتي هي الآن بيد الرئيس أبو جرة سلطاني لتجديد المكاتب الولائية، وهي خطوة يعارضها فريق عبد المجيد مناصرة الذي يعتقد أنها قفز على الواقع ويطالب بحل الخلافات القائمة أولا والتمسك بما يسميه "وثيقة لندن"، التي أسهم في التوصل إليها مكتب إرشاد التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي يأتي على رأسها الفصل بين رئاسة الحركة والاستوزار، بما يعني استقالة رئيس الحركة أبو جرة سلطاني من منصب الوزارة، وهو أمر أقره مجلس شورى الحركة بالأغلبية في غياب أعضاء مجلس الشورى من أنصار عبد المجيد مناصرة الذين اختاروا مقاطعة العمل ضمن مؤسسات الحركة منذ نهاية المؤتمر الرابع. وذكر مصدر رفيع المستوى مقرب من فريق عبد المجيد مناصرة طلب الاحتفاظ باسمه أن الأمر لن يطول بمن أسماهم "تيار المؤسسين" لحركة "حمس" ليعلنوا موقفهم عبر القواعد، وقال: "ما يجري الآن من تعسف في إعادة هيكلة المجلس الولائية للحركة والتي نجح فريق الرئيس الحالي للحركة في تشكيل 27 منها بشكل متعسف وفشل في 21 البقية، هو محاولة لفرض الأمر الواقع، وهو أمر لا أعتقد أن القواعد ستقبل به، وستحسم فيه في وقت قريب". وعن السبب الذي يجعلهم يفضلون الاعتكاف على حل الخلافات داخل مؤسسات الحركة، قال المصدر: "مؤسسات الحركة ممثلة لدينا، وكل ما يتم اتخاذه الآن باسم "حمس" من قرارات يتم بشكل فردي بعيدا عن مجلس الشورى". وشكك المصدر في الرواية التي عرضتها عليه نقلا عن مصادر مقربة من الرئيس الحالي أبو جرة سلطاني عن أن شخصيتين قياديتين من "حمس" سافرتا مؤخرا إلى القاهرة والتقتا بالمراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين الشيخ محمد مهدي عاكف، وأنه أكد لهما وقوفه إلى جانب الشرعية التي أفرزها المؤتمر الرابع، واعتبار ذلك اتفاق يجب وثيقة لندن، وقال إن "هذه رواية ليست دقيقة، ويتم ترويجها لدى بعض المستويات في الحركة دون غيرها، وعندما طلب من أحد القيادات المعنية بهذه الرواية أن يتم تسجيلها مثلما هي عادة اجتماعات الحركة رفض، وبالتالي لا صدقية لها، هذا علاوة على أن وثيقة لندن الموقعة بين الطرفين غير قابلة للإلغاء إلا بوثيقة مماثلة من الطرفين"، على حد تعبيره.