أختتم يوم أمس الأحد في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، المنتدى الخامس للمستقبل، والذي أكد المراقبون أنه لم يخرج بجديد، وإنما كرر نفس التوصيات السابقة في المنتديات التي انطلقت منذ عام 2004، وعلى عكس ما جرى في تلك السنة، التي أعقبت انهيار نظام صدام حسين، وإصرار الولاياتالمتحدة على فرض الديمقراطية، والإصلاح على المنطقة، يؤكد المنتدى في نسخته الخامسة على "تعزيز زخم الإصلاحات السياسية النابعة من البيئة المحلية". كما ورد في البيان الختامي للمنتدى، والذي أكد أيضا أن التقدم في المسيرة الديمقراطية في المنطقة هو "مسئولية مشتركة بين الحكومات والمجتمع المدني". المجتمع المدني والتنمية المستدامة شارك في المنتدى الذي ترأسته كل من الإمارات واليابان، وزراء خارجية ومسئولون، يمثلون 38 دولة، و200 شخصية تمثل مؤسسات المجتمع المدني في 40 دولة حول العالم. وكان المنتدى قد ناقش على مدى ثلاثة أيام، التقدم في الإصلاحات والمسيرة الديمقراطية، بما في ذلك حرية التعبير، والأوضاع القانونية لمؤسسات المجتمع المدني، بينما تناول المحور الثاني، التنمية المستدامة، إصلاح التعليم، الشباب، البطالة، سوق العمل، والتدريب المهني والفني، بينما تناول المحور الثالث، التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، بالإضافة إلى أزمة الغذاء، الطاقة المتجددة، والمساعدات الإنمائية والإنسانية. كما تطرق المشاركون إلى قضايا سياسية مثل العراق، ودارفور، والملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية على المنطقة. نيغروبونتي يعدد الإنجازات وبالرغم من أن السفير الأمريكي، جون نيغروبونتي، قد أكد أن المنتدى منذ انطلاقه من سي آيلند في الولاياتالمتحدة عام 2004، إلا انه عندما عدد إنجازات المنتدى لم يقنع الحاضرين بهذا النجاح، فقد قال أن أهم الإنجازات هي، الانتخابات في الإمارات لأول مرة، والانتخابات في اليمن، الكويت، البحرين، وتجارب انتخابية في السعودية وقطر، وكان نيغروبونتي قد حضر المنتدى نيابة عن وزيرة الخارجية، التي قالت أن الأزمة المالية في بلادها تشغلها عن حضور المنتدى، وهو ما يؤكد تراجع الولاياتالمتحدة عن الإصلاحات في المنطقة، ثم جاءت الأزمة المالية لتجعلها في حل من أي التزام. الالتزام بالدساتير المحلية ربما لذلك ركز بعض وزراء الخارجية العرب على الإصلاحات الداخلية بعيدا عن أي تدخل خارجي، ومن بينهم وزير خارجية سورية وليد المعلم، الذي قال "نحن نعيش في منطقة في الواقع هي ضحية لسياسات تقرر في الخارج، دون التشاور مع بلدان المنطقة، ونحن نحصد أخطاء هذا الواقع". بينما طالب وزير الخارجية اليمني، أبوبكر القربي، ممثلي المجتمع المدني بالالتزام بالدساتير والقوانين والأنظمة المعمول بها في دولهم، وهو ما جعل ممثلي المجتمع المدني يقولون أن الحكومات هي من لا يلتزم بهذه الدساتير والقوانين. كما حذر القربي من "أن يستقوى المجتمع المدني بالخارج" على الأنظمة الحاكمة، وهو ما يوافقه فيه كل ممثلي الحكومات الذين حضروا المنتدى، ولكن رئيسة مؤسسة المستقبل، نبيلة حمزة تؤكد أن "هناك تراجعا في مجال الإصلاح في عدد من الدول العربية". في الوقت الذي تشهد فيه الولاياتالمتحدة انكفاء داخليا على مشاكلها الخاصة، وفي مقدمتها الأزمة المالية. جلسات مغلقة تتحدث عن الشفافية لاحظت الصحافية الأردنية، هالة الخياط، التي غطت المنتدى لصالح صحيفة الاتحاد الإماراتية، أن الجلسات كانت جميعها مغلقة، ومنع الصحافيون من الإطلاع على ما جرى فيها، ومع ذلك تحدث الحاضرون عن حرية الصحافة، ربما أكثر من أي موضوع آخر، وتقول هالة الخياط: " نجاح المنتدى من عدمه سيتم تحديده لاحقا، بمدى التزام الدول العربية بمقررات وتوصيات المجتمع المدني، ونأمل خيراً "خاصة بعد تعهد الحكومات بتنفيذ التوصيات." وتؤكد هالة الخياط أن الجلسات المغلقة شهدت خلافات حادة، بين ممثلي الحكومات وممثلي المجتمع المدني وذلك "بدعوى أن مؤسسات المجتمع المدني تطالب بتعزيز الحريات، لأنهم يعتقدون أن الحريات الإعلامية والحريات بشكل عام تشهد تراجعا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما فنده ممثلو الحكومات والذين دافعوا عن سياساتهم في تحقيق الإصلاحات." أما عن سبب عدم حضور وزيرة الخارجية الأمريكية للمنتدى فتقول هالة الخياط "هناك روايتان الأولى تقول بأنه منشغلة بالأزمة المالية التي تشهدها بلادها، بينما يقول آخرون أن ذهاب إدارة بوش سيقلل من أهمية هذا المنتدى، وهو ما نفاه وزير الخارجية الإيطالي الذي قال أن المنتدى باق سواء بقت الإدارة الأمريكية أم رحلت، وان دول الثماني الكبار ستظل داعمة له، وسيكون مدى التزام الدول العربية بتحقيق أهداف المنتدى، هو المحك الحقيقي، وخاصة إذا جاء هذا الإصلاح من الداخل دون ضغوط خارجية، وان ينبع الإصلاح من الإرادة الداخلية لكل بلد."