ستعيش تونس خلال سنة 2009 على إيقاع تظاهرات ثقافية كبرى من أبرزها الاحتفال بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية وبمرور مائة سنة على ميلاد شاعر تونس الخالد أبو القاسم الشابي وبمائوية المسرح التونسي وتنظيم استشارة وطنية حول الكتاب والمطالعة. وقد انكبت لجان مختصة ضمت مثقفين ومبدعين ومختلف مكونات المجتمع المدني على صياغة البرامج والتصورات والمقترحات الكفيلة بإنجاح هذه المحطات الثقافية , إلى جانب التظاهرات الثقافية والفنية الدورية على غرار معرض تونس الدولي للكتاب ومهرجاني قرطاج والحمامات الغنائيين الدوليين وأيام قرطاج السينمائية. وكانت المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم ( الإيسيسكو ) قد قررت تخصيص سنة 2009 للاحتفاء بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية اعترافا بأهمية الدور الذي اضطلعت به في تطوير الحضارة الإسلامية. وتم الاستعداد لهذه التظاهرة من خلال انجاز برنامج مكثف ومتنوع يمتد على مدار السنة ساهمت في إثرائه العديد من الأطراف التونسية والإسلامية والدولية لاسيما منظمة ( الإيسيسكو) الشريك الأساسي لوزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسي. وستنطلق الاحتفالات بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية ليلة المولد النبوي الشريف بحصن جامع عقبة ابن نافع ليكون الموعد بعدها مع عرض مشهدية احتفالية ستروي مسيرة القيروان بأسلوب شيق وتقنيات رقمية راقية تستعمل لأول مرة بتونس وتحمل عنوان "القيروان الخالدة". وستشهد هذه التظاهرة 100 نشاط موزعة بين مؤتمرات وندوات وعروض فنية وتنشيطية ومهرجانات ومعارض رصدت لها الوزارة الوصية ميزانية تقدر بمليون دينار تونسي (الدينار التونسي يساوي حوالي 6ر6 دراهم). ويمثل الاحتفاء بمائوية الشابي, كما جاء على لسان وزير الثقافة والمحافظة على التراث التونسي عبد الرؤوف الباسطي "احتفاء بالشعر التونسي في ماضيه وحاضره", مبرزا أن الغاية من وراء ذلك لا تتمثل في "تحنيط الرموز الثقافية بل في مزيد التذكير بمكانتهم في سياق الحركة الأدبية والفكرية في تونس وخارجها وتحفيز همم الناشئين من الشعراء والمبدعين على السير على خطواتهم". وسيتم الاحتفال بمائوية الشابي انطلاقا من ذكرى ميلاده في 24 فبراير إلى يوم ذكرى وفاته في تاسع أكتوبر حتى يكون للامتداد الزمني دلالته على أن تستهل الاحتفالات بإقامة معرض وثائقي حول شاعر تونس الخالد في روضة الشابي بمدينة توزر بالجنوب التونسي وتنظيم أمسية شعرية يؤثثها عدد من الشعراء من تونس ومن مختلف أرجاء الوطن العربي. ويشكل الاحتفال بمائوية المسرح التونسي بدوره محطة بارزة خلال سنة 2009 باعتبار أن المسرح التونسي يعد من أعرق المسارح العربية وأحد أهم القطاعات التي ساهمت في التعريف بالثقافة والحضارة التونسيتين, فضلا عن كونه يحظى بمكانة خاصة في المنظومة الثقافية التونسية بدليل أنه يعد أحد أهم القطاعات التي ساهمت في نشر قيم التحرر والعقلانية والتنوير. ومن هذا المنطلق سيتم العمل على دفع الحركة المسرحية والوقوف على ما تم إنجازه والعمل على مزيد تطوير القطاع وتنشيط الحركة المسرحية على امتداد السنة , لاسيما من خلال المهرجانات الصيفية إلى جانب أيام قرطاج المسرحية التي سيكون لها طابع خاص هذا العام. وستتميز الحياة الثقافية التونسية خلال السنة الجارية أيضا بتنظيم استشارة وطنية حول الكتاب والمطالعة باعتبار الكتاب, كما أكد ذلك عبد الرؤوف الباسطي في لقاء صحفي, يمثل" قناة أساسية لنشر المعرفة وأحد المرتكزات في إعداد الموارد البشرية وتأهيلها", مبينا أن وزارته تعكف على وضع البرامج والآليات اللازمة لإنجاح هذه الاستشارة من خلال لجنة تم تكوينها لهذه الغاية تضم ممثلين عن الوزارات المعنية و ناشرين وأهل المهنة ( اتحاد الناشرين واتحاد الكتاب) ونخبة من المثقفين والمهتمين بمجال الكتاب والمطالعة. وفي المقابل ستتميز سنة 2009 بغياب مهرجان الموسيقى, الذي من المقرر أن يستأنف نشاطه العام القادم, بعدما تكون لجنة مختصة تتألف من موسيقيين ومبدعين قد أنجزت دراسة مستفيضة لتحديد مواطن الخلل فيه واستنباط تصور جديد من شأنه أن يعيد لهذا المهرجان إشعاعه .