في مسعى لوقف الهجمات التي تشنها إسرائيل على لبنان وفلسطين وإدانتها، عقد وزراء خارجية الدول العربية اجتماعا طارئا في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، اليوم السبت، في الوقت الذي يتواصل فيه تبادل القصف بين مقاتلي حزب الله وإسرائيل. وقد بدأ الاجتماع الذي يشارك فيه نحو 18 وزيرا للخارجية بجلسة مغلقة بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية "عمرو موسى" ورئاسة وزير الدولة للشئون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة "محمد حسين الشعالى". وأعلن "أبو بكر القربي" وزير الخارجية اليمني أن اجتماع وزراء الخارجية العرب يهدف إلى تنسيق المواقف العربية المشتركة حيال الأوضاع المتدهورة في فلسطين ولبنان، مشيرا إلى وجود اختلاف في وجهات النظر العربية حيال التحرك الأخير للمقاومة اللبنانية وما تبعها من هجمات إسرائيلية. وقال "القربي" - في تصريحات لقناة الجزيرة: إن الموقف العربي الرسمي هو التضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وكذلك بذل الجهود في المرحلة الراهنة لتقليل معاناة الشعبين وتوفير حياة آمنة لهما، خاصة مع استمرار الحصار الإسرائيلي. وأوضح الوزير اليمني أن السلوك العربي يحتاج إلي "انضباط"، خاصة فيما يتعلق بتنسيق المواقف المشتركة، مشيرا إلى أن اليمن تواصل اتصالاتها مع الدول العربية؛ لضمان أكبر حضور للقمة العربية العاجلة التي دعا لها الرئيس اليمني "على عبد الله صالح" بعد تفاقم الأوضاع في المنطقة. ومن جانبه أوضح وزير الخارجية اللبناني "فوزي صلوخ"في كلمته أمام الجلسة المغلقة الطارئة لوزراء الخارجية العرب، أن هناك استهدافا واضحا للأمن القومي العربي، بما لا يستثنى بلدا من البلاد العربية، ورأى "صلوخ" أن السمات الأساسية لهذا الزمن الذي وصفه ب"الردئ" وتعيشه الأمة العربية يمكن اختصارها بشكل أساسي في تراجع وتعثر شامل لعملية السلام. ولدى تطرقه للهجمات التي تتعرض لها الأراضي اللبنانية حاليا قال "صلوخ": إن القدر اختار بلاده لتكون ساحة للقتل والتدمير والعبث الإسرائيلي، غير أن الساحة أكبر من ذلك بكثير والاستهداف شاملا وإن تعددت أوجهه، مشيرا إلى ضرورة تفهم أن الشعوب العربية سوف تحاول عاجلا أم أجلا، أن تتخذ موقفا إن لم تكن الحكومات جادة وحاسمة في إتاحة بارقة أمل أمامهم. وعلى الصعيد الفلسطيني، أكد "ياسر عبد ربه" عضو الوفد الفلسطيني لاجتماع الوزراء العرب، على أن الدول العربية قادرة على آخذ مواقف مشتركة تردع الأعمال الإسرائيلية، وتوقف هجماته المتواصلة على الأراضي اللبنانية والفلسطينية. ومن المرجح أن يخلو البيان الختامي للاجتماع من أي انتقادات لحزب الله، لكنه لن يدعم في الوقت نفسه العمليات التي يقوم بها مقاتلو الحزب، ويحمل إسرائيل المسئولية كاملة. وذكرت وسائل إعلام أن البيان الختامي سيدعو لإنهاء الهجمات الإسرائيلية، وتسوية سلمية بين إسرائيل و"حماس" من جانب وإسرائيل وجماعة "حزب الله" من جانب آخر، بالإضافة إلى مطالبته بتفعيل القرارات الدولية خاصة خطة "خارطة الطريق"، والإفراج عن الأسرى المعتقلين في السجون الإسرائيلية. ردود أفعال وكانت أعمال العنف قد تصاعدت في المنطقة، بعد أسر ناشطون فلسطينيون جنديا إسرائيليا بقطاع غزة في 25 يونيو الماضي أعقبه هجوم وغارات للجيش الإسرائيلي على القطاع، وتفاقمت الأزمة بعد هجوم شنه هذه المرة مقاتلو "حزب الله" على الحدود اللبنانية الإسرائيلية؛ وأسفر عن مقتل سبعة جنود وأسر جنديين آخرين. وقد تلى هذا الهجوم ردود أفعال واسعة وانقسامات، على الصعيدين العربي والمحلي، حمل البعض فيها "حزب الله" المسئولية عن تصاعد التوترات، فيما حمل آخرون إسرائيل مسئولية تطور أعمال العنف في منطقة الشرق الأوسط. فقد جاءت تصريحات رئيس الحكومة اللبنانية "فؤاد السنيورة" الذي أعلن فيها أن حكومته لم تكن على علم بعملية "الوعد الصادق" التي نفذها "حزب الله" مغايرا تماما لموقف وزير الخارجية اللبناني "فوزي صلوخ" الذي دافع عن حزب الله والمقاومة اللبنانية، قائلا: إن حزب الله رفع رأس العرب والعروبة بأعماله الجريئة. وعربيا، لم يكن الموقف مختلفا كثيرا عن موقف الحكومة اللبنانية؛ حيث أعلنت قيادة حزب البعث السوري تأييدها للعملية، واستعدادها أيضا لتقديم المساعدة لحزب الله ومد يد العون بكافة الوسائل للشعب اللبناني في مواجهة إسرائيل. وعلى الجانب الآخر، انضمت مصر والأردن إلى المملكة العربية السعودية، في توجيه الانتقادات إلى حزب الله بقيامه ب أعمال قد تؤدي إلى مواجهات "غير محسوبة لا تخدم القضايا العربية". وأكد البيان المشترك الذي صدر في أعقاب اللقاء بين "مبارك وعبد الله الثاني" في القاهرة أن الزعيمين حذرا من "انجراف المنطقة إلى مغامرات لا تخدم المصالح والقضايا العربية، وعبرا عن دعمهما الكامل للحكومة اللبنانية في جهودها للحفاظ على مصالح لبنان وصون سيادته واستقلاله، وبسط سلطتها على كامل التراب اللبناني". وكانت السعودية قد وجهت انتقادات مماثلة لحزب الله، وأعلنت في بيان لها أنه لابد من التفرقة بين المقاومة الشرعية والمغامرات غير المحسوبة التي تقوم بها عناصر داخل الدولة، ومن ورائها دون الرجوع إلى السلطة الشرعية في دولتها ودون تشاور أو تنسيق مع الدول العربية".