الأحداث في لبنان مازالت في قلب الحدث على صدر الصفحات الأولى في الصحف العربية. "لبنان في قلب الكارثة والسنيورة يتعهّد بسط سلطة الدولة جنوباً" هذا كان عنوان الصفحة الأولى لجريدة الحياة. وجاء في المقال أنه "في ختام يوم طويل أغرقت إسرائيل خلاله لبنان بأسره في مناخات المجازر والركام والتهجير، ووسط مخاوف من قرار الولاياتالمتحدة ودول أوروبية بإجلاء رعاياها، أطل رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة مساء أمس معلنا لبنان "بلدا منكوبا"، وداعيا إلى "وقف فوري وشامل لإطلاق النار في لبنان تحت رعاية الأممالمتحدة." من جانبه قال الصحفي حازم صاغية في صفحة الرأي بالجريدة نفسها: "في موازاة جنون التدمير الذي تُنزله إسرائيل بلبنان، يُستحسن أن نموضع الحرب هذه، ولو اقتصر الأمر على واحد من ملامحها، في تاريخ الحروب مع الدولة العبريّة." وتابع صاغية يقول "ففي 1948 خاضت المواجهة سبع دول وسبعة جيوش، وفي 1967 خاضتها ثلاث دول، وفي 1973 اقتصرت على دولتين ومنظّمة التحرير الفلسطينيّة، وفي 1982 كان الفلسطينيّون واللبنانيّون وحدهم المعنيين بالمسألة. بعد ذاك، صارت تسير المواجهات اللبنانيّة - الإسرائيلية (1982-2000) في خطّ، وفي خطّ آخر الانتفاضات الفلسطينيّة. أمّا الآن، فطرفا المعركة المباشران إسرائيل وجزء كبير من طائفة لبنانيّة كبرى." إلى أن وصل إلى النتيجة الأهم "ومسارٌ كهذا يعيدنا إلى اللوحة الأشمل بعيداً من اللطم بالنسبة إلى التخلّي العربي، والمفاجأة بانعدام النخوة العربيّة. فالعرب منذ أن صاروا دولاً ومجتمعات، تفرّعت همومهم واختلفت، وإن بقي شطر منها مشتركاً. حتّى الأطراف القوميّة والإسلاميّة والراديكاليّة في الدول تلك كثيراً ما توظّف موضوع الصراع مع إسرائيل لخدمة وصولها إلى السلطة في بلدها، أو من أجل تحسين شروطها حيال سلطة البلد المذكور." أما جريدة الشرق الأوسط السعودية، فتطرقت إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ في القاهرة وما شهده من خلافات بين التيارين الرئيسيين المتعارضين، الأول بقيادة السعودية والثاني بقيادة سوريا. وحول ذلك قال وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل "نعرف عدوانية إسرائيل فلا داعي للمزايدات.. وكوارثنا سببها الارتجال." واتهمت الصحيفة وزير الخارجية السوري، وليد المعلم بأنه شغل المؤتمر بأحلامه التي قال إنه حلم بها في الطائرة، الأمر الذي دفع الفيصل إلى الرد عليه بأنها "أحلام شيطانية"، وعقب وزير خارجية الكويت الشيخ محمد الصباح قائلا إنها "أحلام وردية." وبحسب الصحيفة، قال المعلم "إنه حلم وهو قادم من بلاده في الطائرة بوقوف وزراء الخارجية العرب دقيقة حدادا على أرواح الشهداء. وحلم بالأمين العام للجامعة العربية يعقد اجتماعا في غزة أو في منزل الأسر التي فقدت أبناءها.. وحلم باجتماع وزراء الخارجية في جنوب لبنان واختتم كلمته قائلا يبدو أنه لم يبق لنا الحق في الحلم." بين المقاومة والحكومات العربية وفي جريدة القدس اللندنية، كتب عبد الباري عطوان منتقداً السعودية ودولا عربية أخرى، مشيرا إلى أن ردود الأفعال العالمية كانت أكثر تعاطفا مع الضحايا اللبنانيين من نظيرتها العربية. وقال عطوان "إن ثلاث دول عربية هي المملكة العربية السعودية ومصر والأردن حملت المقاومة الإسلامية اللبنانية مسؤولية العدوان الإسرائيلي بطريقة مباشرة، وغير مسبوقة، عندما اعتبرت في بياناتها الرسمية العملية الفدائية التي نفذتها خلية تابعة لحزب الله ضد أهداف عسكرية إسرائيلية أدت إلى مقتل ثمانية جنود وأسر اثنين مغامرات غير محسوبة لا تخدم المصالح والقضايا العربية." وخص عطوان البيان السعودي بالتحديد في انتقاده، حيث قال إن "البيان الذي صدر عن ناطق رسمي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، عندما شكك بالمقاومتين اللبنانية والفلسطينية واعتبرهما غير شرعيتين بقوله نعلن بوضوح أنه لا بد من التفرقة بين المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة." وتساءل عطوان "لا نعرف متى كانت حركات المقاومة العربية تنسق مع الحكومات العربية وتأخذ إذنها قبل الإقدام علي عملياتها المسلحة ضد قوى الاحتلال حتى تطالب الحكومة السعودية المقاومتين اللبنانية والفلسطينية بالالتزام بهذه القاعدة." وأشار عطوان إلى أن "البيان السعودي يحصر الشرعية اللبنانية في تكتل المستقبل الذي يتزعمه السيد سعد الحريري، ويتحالف مع بعض القوي اللبنانية التي تعارض كل أشكال المقاومة"، معتبراً هذا الأمر خروجاً عن الثوابت السعودية المعروفة على مدى عدة عقود. واتهم عطوان "العقلانية العربية" بأنها قاصرة، موضحاً أنها "لم تفرج عن أسير عربي واحد في سجون الاحتلال، ولم توصل فلسا واحدا للمحاصرين المجوعين في قطاع غزة والضفة الغربية، ولم تمنع قذيفة واحدة من دك محطات الكهرباء والماء والجسور في غزة ولبنان، ولم تعد المحاصرين علي معبر رفح منذ ثلاثة أسابيع ويصل تعدادهم إلى سبعة آلاف شخص." وخلص عطوان إلى القول إن "هذه المقاومة التي يتزعمها حزب الله وتعتبرها بعض الدول العربية غير شرعية وتصف عملياتها الفدائية بالمغامرات غير المسؤولة هي التي قصفت حيفا ونهاريا وعكا بالصواريخ وهو ما لم تجرؤ عليه أي حكومة أو أي زعيم عربي."