انتقد المخرج والممثل المسرحي التونسي منصف السويسي احد اهم رواد المسرح التونسي، ايام قرطاج المسرحية التي قال انها "فقدت بريقها" وتم "التلاعب بمبادئها". والسويسي (65 عاما) الذي تكرمه الدورة الرابعة عشرة لهذا المهرجان العربي الافريقي العريق من مؤسسي ايام قرطاج المسرحية التي ادارها مدة عشر سنوات. وقال لوكالة فرانس برس "رغم ان جملة الاحلام التي انطلقت منها فكرة ايام قرطاج المسرحية كانت اكبر منها ورغم انها ولدت عملاقة وحدثا يشد الانتباه ما يجعله علامة مضيئة ومشاعة في سماء المهرجانات الدولية (...) تراجعت اعتبارا من العام 1989 وشمل الانحدار كل فقراتها". وعزا ذلك الى "ازاحة هذه التظاهرة العريقة من مشمولات المسرح الوطني الذي يضم فريقا متكاملا ومتجانسا وتكفلت بها الادارة المسرحية في وزارة الثقافة". واشار السويسي الى تعيين المسؤول عن المهرجان من قبل الادارة خلال فترة قصيرة تسبق انطلاق التظاهرة، معتبرا انها "مدة لا تليق ولا تكفي اطلاقا لاعداد مهرجان يحترم نفسه". وتابع "لقد تم العبث بالنظام الداخلي للمهرجان ومبادئه واصبح كل مدير دورة يتفنن في برنامج الايام حسب مقاييس يختارها وكأن المهرجان ملكه الخاص". واكد السويسي انه "كان بامكان ايام قرطاج المسرحية ان تكبر وتحقق الاحلام لو اننا كنا موضوعيين وناكرين للذات". واضاف "برأيي وجهت الضربة الاولى لكيان المهرجان مع الغاء قسم الهواية والتتويج والاقتصار على التكريم مع انهما امران مختلفان في نظام المهرجان". واكد السويسي ان "التتويج يطال عادة الرواد من ذوي المسيرة الطويلة التي اشرفت على المنتهى بينما يشمل التكريم المبدعين الشبان الذين لهم مشروع بدأ يتبلور في حاجة الى مساندة". وانتقد بشدة ايضا حذف حلقات النقاش التي كانت تلي العروض والمسابقة الرسمية احد ركائز المهرجان، معتبرا انه "امر غير مقبول بالمرة".واثار الغاء قسم المسابقة من ايام قرطاج المسرحية للدورة الثالثة على التوالي جدلا واسعا في تونس. غير ان مدير المهرجان محمد ادريس رد على منتقديه قائلا ان "ايام قرطاج المسرحية على غرار اهم المهرجانات في العالم حجبت الجوائز لان فكرة التفاضل ولى امرها". ورأى السويسي ان شعار الدورة الجديدة "مسرح با حدود" هو "كلام فارغ ...لا يضيف للمهرجان شيئا"، متسائلا "متى كان للمسرح حدود؟". واكد ان الفن الرابع يعكس "التفتح والتحدي والحلم والخيال والامتداد في الزمان والمكان". ووجه المبدع التونسي سهام نقده الى حفل الافتتاح الذي "كان من المفروض ان يكون في مستوى الحدث ويرتقي الى قيمة هذه التظاهرة التي تعد من مفاخر تونس الثقافية". وعبر عن اسفه الشديد "لان العرض لم يكن طريفا ويؤكد نضج والتطور الحاصل في المسرح التونسي" الذي يحتفل بمئويته هذا العام وقال ان "من صاغ هذا العرض قد خان نفسه". وقال السويسي ان العمل الفني الجيد هو "الذي له قدرة على طرح مواضيع تهم الانسان وفق صياغات فنية وجمالية ينتشي من خلالها المتلقي وتحرك فيه الرغبة في البحث والتفكير في واقعه". وبعدما اكد ان "روح المسرح هي الحرية والديموقراطية"، قال ان "الدعم الرسمي للمسرح واجب وحق مشروع على المسرحيين ان يحافظوا عليه". غير انه بدا مرتاح لاعادة تنظيم "الندوة الفكرية" للمهرجان التي تم الاستغناء عنها في الدورات السابقة. واعرب السويسي عن امله في ان "تتغير الامور" وان تشهد الدورات المقبلة لايام قرطاج المسرحية التي تقام كل سنتين بالتناوب وايام قرطاج السينمائية "طفرة نوعية". وحول تكريمه في الدورة الحالية للمهرجان، قال "كنت اتمنى ان يأتي التكريم في وقته واطاره". وتكرم ايام قرطاج المسرحية الى جانب السويسي 26 ممثلا ومخرجا من تونس و13 مبدعا عربيا من بينهم الممثل السوري اسعد فضة والمخرج الفلسطيني جورج ابراهيم واللبناني زاهي وهبي والاماراتي عبدالله راشد والمغربي زبير بن بوشتي والعراقيان رائد محسن وفوزية عارف. ويرأس السويسي الجمعية المحلية العربية للمسرح في تونس التي انشئت في ايار/مايو الماضي. والى جانب ايام قرطاج المسرحية ساهم السويسي في تأسيس الاتحاد العام للفنانين العرب في القاهرة في 1986 والمسرح الوطني القطري (1979) ومسرح الطليعة الكويتي (1980) والمسرح الوطني الاماراتي في ابوظبي (1982). وقد منح عدة جوائز بينها الجائزة التقديرية للدولة التونسية في الاداب والفنون لمجمل اعماله الفنية (1985) وجائزة الملك حسين عن مسرحيته "البلاد طلبت اهلها" (1991). واخرج منصف السويسي اكثر من خمسين عملا مسرحيا لكتاب عالميين وعرب وتونسيين. ومن اعماله المسرحية "ما يقال وما لا يقال" و"فامييا ستار" و"انا او لا احد ...هيروسترات" و"ميزان سيدي بنادم".