يواصل معارضون شنّ هجومهم على المناشدات التي أطلقها مناصرو الرئيس التونسي زين العابدين بن علي للترشّح للانتخابات المقبلة، محذرين من مخاطر التمديد في الحكم. وانطلقت المبايعات للرئيس -الذي يبلغ عمره 74 عاما- حتى يقبل الترشح لولاية سادسة في انتخابات 2014، بعد أقلّ من عام على فوزه في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2009، بنسبة لامست ال90%. وبينما تحذّر المعارضة الراديكالية من أنّ المناشدات "تمهّد" الطريق أمام بن علي للرئاسة مدى الحياة، يرى مناصرو الرئيس أنها "نداء الواجب" حتى يواصل قيادة البلاد على درب تحقيق النجاح والتنمية. ويقول مساندو بن علي إنهم أطلقوا مناشداتهم للرئيس بكامل إرادتهم وإنهم يتوسّمون خيرا في إعادة انتخاب الرئيس الذي عاشوا معه استقرارا سياسيا ونموا اقتصاديا، حسب قولهم. بالمقابل، يقول المعارض رشيد خشانة -الأمين العام المساعد للحزب الديمقراطي التقدمي- إنّ "الدعوة لإعادة ترشيح بن علي ستقوّض أسس الجمهورية وتكرس الحكم الفردي المطلق". وتوقع أن يقوم الرئيس الحالي بإجراء تعديلات على الدستور للتمديد في الحكم وإحداث خطة نائب رئيس للجمهورية لتمرير الحكم أو توريثه، حسب قوله. وحذّر خشانة من مخاطر الانزلاق في هذا الاتجاه، مشيرا إلى ما وصلت إليه البلاد من تداعيات خطيرة على إثر شيخوخة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي كرس الرئاسة مدى الحياة عام 1975. هذا يدعو للاستغراب : من جهته يستغرب المعارض مصطفى بن جعفر -زعيم حزب التكتل من أجل العمل والحريات- من انطلاق المناشدات في وقت مبكر، والحال أنّ بن علي لم ينه عامه الأول من ولايته الخامسة التي فاز بها وسط جدل بشأن نتائجها. ويقول بن جعفر للجزيرة نت "هذا يدعو للاستغراب. انطلقت حملة المناشدات في وقت مبكر جدّا، فهل سننهي الأعوام الأربعة المتبقية من ولايته في المبايعات؟". يذكر أن الولاية الرئاسية في تونس تدوم خمسة أعوام. وأبدى المعارض تعجبه من انطلاق المبايعات بنداءات ضمّت بالأول ما يسمّى نداء ال(65) فنداء المائة ثمّ نداء الألف، وهي قوائم ضمّت توقيع شخصيات سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية مناصرة لترشّح بن علي. ويقول بن جعفر "لا شكّ في أنّ حملة المبايعات هي مبادرة نظمها مسؤولون حكوميون، لكن ما حاجة الحزب الحاكم الذي يدعي أن لديه أكثر من مليوني مناضل لبعض المئات أو الآلاف من المساندات؟". ويعتبر بن جعفر أنّ الإشكال الأصلي في هذه الدعوات يكمن في أنّ المسؤولين عن إطلاق حملة المناشدات "تنكروا" لمبادئ التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم)، بوصفه حزبا يراهن على حماية الدستور. تعديل الدستور : وتساءل المتحدث ذاته "كيف يطلب مسؤولو الحزب الحاكم من الرئيس الحالي الترشح لولاية جديدة؟ إنهم يدفعونه إلى ارتكاب الخطأ لأنّ ترشحه لولاية سادسة يعني التلاعب بأحكام الدستور". يشار إلى أنه ليس أمام بن علي في حالة استجابته للبقاء في الحكم سوى تعديل بعض أحكام الدستور ورفع سقف السن القانونية للترشح، لأنه سيبلغ في الانتخابات المقبلة 78 عاما، بينما تحدّد سنّ الترشح للرئاسة ب75 عاما. وسبق أن رفّعت السلطة سنّ الترشح من سبعين إلى 75 عاما، بعدما أجرت استفتاء لتنقيح الدستور في 2002. ومكنّ التعديل بن علي من خوض انتخابات 2009 عن عمر 73 عاما. وألغى التنقيح عدد ولايات الرئاسة التي كانت مقيدة سابقا بثلاث. وحذّر بن جعفر من إجراء تعديلات من هذا النوع، معتبرا أنّ الدستور لديه علوية قانونية وأنّ الاستخفاف بأحكامه ينسف أسس الديمقراطية، ويقول "الدستور يجب أن يتحور في اتجاه الانفتاح وليس لتحقيق أهداف حزبية أو شخصية ضيقة". وانتقد بن جعفر -الذي استبعد من سباق الرئاسة العام الماضي بدعوى أنه لا يستوفي شرطا استثنائيا في الدستور- ما وصفه بالانغلاق على الأحزاب المعارضة والجمعيات المستقلة، مطالبا بإصلاحات سياسية ورفع ما وصفها بالعراقيل أمام الممارسة السياسية والجمعياتية والإعلامية.