استقبلت اللجنة النسائية بمنتدى الجاحظ حلقة نقاش حول قضية " الأمهات العازبات والطفل الطبيعي" تحدثت فيها كل من الباحثة سامية بن محمود المختصة في علم الاجتماع وليلى بن محمود التي تناولت الجوانب القانونية المحيطة بالمسألة. وأكدت المداخلتان والنقاش أن ظاهرة الولادة خارج إطار الزواج الشرعي أصبحت ظاهرة لا مجال لنكرانها في تونس ويجب التعامل معها بواقعية ووضعها قيد الدرس لأنها ظاهرة تهم السياسي والفقيه وعالم الاجتماع وكل أطراف المجتمع التونسي. وأكدت الباحثة سامية بن مسعود منسقة برنامج رعاية الأمهات العازبات في جمعية «أمل» أن عدد الأمهات العازبات يبلغ في تونس حوالي 1060 أم كل سنة وان هذا الرقم يشهد ارتفاع ملحوظا من سنة إلى أخرى. ففي سنة 2000 تم تسجيل 384 حالة ولادة من هذا الصنف في تونس الكبرى فقط في حين أن عدد الأمهات العازبات بلغ 456 أما في هذا الإقليم خلال سنة 2004. واعترفت الباحثة أن هذا المؤشر لا يعكس الأرقام الحقيقة وذلك لان بعض الولادات غير معلن عنها وتتم في المصحات الخاصة والمنازل كما أن هناك تصاريح خاطئة. وهو ما يجعل العدد الحقيقي للأمهات العازبات أكبر من ذلك بكثير. وأكدت الباحثة أن أغلبية الأمهات العازبات ممن شملتهن الإحصائيات ينتمين إلى الفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة وبعضهن تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 سنة. وأضافت "لتحديد الخصائص الاجتماعية للأمهات العازبات قمنا بدراسة على 40 أم عزباء تبين من خلالها أن أغلبيتهن ينتمين إلى أوساط اجتماعية ضعيفة وهن من عائلات متعددة الأفراد تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية. وتعرضن لسوء المعاملة ولهن مشاكل نفسية وانقطعن عن التعليم في سن مبكرة ولا يقمن بأي نشاط ثقافي، ومحيطهن الاجتماعي ضيق جدّا. كما أن الأمهات العازبات اللاتي خضعن للدراسة ليست لهن أية ثقافة جنسية إلى درجة أن أغلبهن لا يتفطن للحمل إلا بعد مضي الثلاثة أشهر الأولى. كما أن 98% منهن حملن للمرة الأولى بعد تجربة عاطفية انسقن إليها اثر وعود زائفة بالزواج. وتؤكد الإحصائيات ذاتها أن 59% من الأمهات العازبات في إقليمتونس الكبرى هن من العاطلات عن العمل وأنّ 19,5% منهن عاملات في القطاع الخاص ويمثل عدد التلميذات من مجموع الأمهات العازبات 6%. كما أن عددا منهن يعملن في قطاع التنظيف أو كمعينات منزليات. وبينت الأستاذة بن مسعود أن مسار الأم العزباء منذ الحمل إلى الولادة هو مسار شائك وملي بالعذاب والهزات النفسية وذلك لغياب المؤسسات التي تتعهد بالمرأة الحامل خارج إطار الزواج. أما بعد الوضع فتتعرض الأم العزباء إلى العديد من الضغوطات النفسية والصحية وذلك لأنها تخضع للمحادثات مع المرشدة الاجتماعية التابعة للمستشفى ثم اللجنة المكلفة بالإطلاع على هوية الأب الطبيعي وبظروف الحمل. ومن القرارات التي يجب على الأم العزباء أن تتخذها تحديد علاقتها بطفلها بعد الحمل إذ تجد نفسها أمام أربع خيارات وهي تسوية الوضعية واصطحاب الطفل أو الإيداع المؤقت بالمعهد القومي لرعاية الطفولة أو التخلي النهائي لفائدة الولاية العمومية أو اصطحاب الطفل والالتحاق بجمعية "أمل للعائلة والطفل". وتستقبل جمعية أمل وهي جمعية مستقلة حصلت على التأشيرة القانونية في 12 جانفي 2001 كل سنة خمسين أمّا عزباء صحبة رضيعها. وتحاول الجمعية أن تقاوم ظاهرة التخلي عن الأطفال المولودين خارج إطار الزواج حيث تسجل جرائم قتل متعددة ضد هؤلاء. وتتبع الجمعية طريق إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للاتي يحتفظن بأطفالهن. وجمعية أمل هي الوحيدة التي تتكفل بالأم والطفل في نفس الوقت فهناك جمعيات أخرى تتكفل بالطفل فقط. والإقامة بالنسبة لجمعية أمل تتفاوت حسب الوضعية النفسية للام ومعدلها 4 أشهر أما أطول حالات الإقامة فهي سنة واحدة تتجه فيها الأم بعد ذلك إلى تحقيق شخصيتها الاجتماعية والاقتصادية والعيش صحبة طفلها أو وسط عائلتها. وتناولت من جهتها الأستاذة ليلى بن محمود الجانب القانوني حيث لا وجود لحديث عن هذا الصنف من الأمهات ولكن القانون عالج المسألة من جانب الطفل الطبيعي واللقب حيث جاء قانون 1998 الذي يقضي بإسناد لقب إلى الأطفال المجهولين ومجهولي النسب إضافة إلى إقرار العمل بالتحليل الجيني وهي آلية مكنت من حلّ عديد المشاكل وأثبتت نسب عدد كبير من الأطفال لان نتائج هذا التحليل علمية. ثم جاء قانون 2003 الذي قرر إسناد لقب مستعار يكون متداولا في تونس على أن يكون اسم أحد من الأعلام أو أن يطابق الاسم الثلاثي اسم شخص موجود وذلك بالنسبة للأطفال الذين لم يتم إثبات نسبهم أو الأطفال الناتجين عن زنا المحارم أو الأطفال الذين تجهل أمهاتهن هوية الآباء.